أزمة الغاز في "أوروبا".. أبرز الخاسرين والمستفيدين

أزمة الغاز في "أوروبا".. أبرز الخاسرين والمستفيدين
حجم الخط

رام الله - وكالة خبر

تواجه أوروبا أزمة نقص غير مسبوقة في إمدادات الغاز، تعتبر الأخطر منذ عقود، يقابلها في الناحية الأخرى مستفيدون من ارتفاعات أسعار الغاز العالمية، من جانب الدول المُصدرة.

تضاعف أسعار الغاز عدة مرات منذ بداية جائحة كورونا وحتى الآن في أوروبا، يضع القارة العجوز أمام جملة من التحديات المفصلية التي تؤثر على مختلف القطاعات، مع زيادة الطلب على الغاز الطبيعي المسال حول العالم.

ارتفعت أسعار الغاز بنسبة تصل إلى نحو 400 بالمئة هذا العام في أوروبا، مدفوعة بانخفاض المخزون مع زيادة الطلب مع عودة النشاط الاقتصادي الصناعي. وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى احتماليات تواصل استمرار ارتفاع الأسعار خلال الشهر المقبل أيضاً وقبيل حلول فصل الشتاء، بما يزيد الضغوطات على المستهلكين.

كما تواجه الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة أزمة تتفاقم يوماً تلو الآخر مع تصاعد أزمة الغاز، وبشكل خاص بالقارة العجوز.

توفير النقود من خلال الوقود

 أبعاد الأزمة
يشرح الرئيس التنفيذي لمركز كوروم للدراسات الاستراتيجية في لندن، طارق الرفاعي، أبعاد أزمة الغاز الطبيعي في أوروبا، موضحاً أن العالم يشهد ارتفاعاً في أسعار الوقود بشكل كبير، وأن الارتفاعات القياسية في سعر الغاز تؤثر تأثيراً مباشراً على كثيرٍ من الدول في أوروبا على وجه التحديد.

وبينما شهد سعر العقود الآجلة للغاز في أوروبا ارتفاعات غير مسبوقة، ويُرجع الرفاعي تلك الارتفاعات إلى عدة أسباب رئيسية؛ أولها ما يشهده العالم من تعافٍ اقتصادي قوي بعد جائحة كورونا التي أغلقت على أثرها المصانع والشركات الكبرى، موضحاً أن "القطاع الصناعي في أوروبا بشكل خاصة، لا سيما في إيطاليا وألمانيا وفرنسا، بدأ يعود بشكل كبير بعد توقف كورونا، ما أدى لارتفاع الطلب على الغاز، وفي الوقت نفسه معدلات الإنتاج لا تزال كما هي دون تغير".

ويوضح الخبير في الشؤون الأوروبية، في معرض تصريحه، أن دول أوروبا تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 35 بالمئة، مشيراً إلى سيطرة شركة غازبروم الروسية على سوق الغاز في القارة العجوز، وفي الوقت الذي تسعى فيه موسكو لرفع مخزونها من الغاز قبل الشتاء، تسابق دول أوروبا الزمن لملء مستودعاتها من الغاز قبيل الفصل نفسه.

روسيا
يصل إنتاج روسيا من الغاز إلى نحو 669 مليار متر مكعب، فيما تصل صادرتها منه إلى 197 مليار متر مكعب، كأكبر مصدر للغاز في العالم. ونقلت "بلومبرغ" في عن محللين مطلع الأسبوع، أنباءً حول اتجاه الشركة الروسية غازبروم لرفع توقعاتها حول السعر الذي سوف يتم تصدير الغاز إلى أوروبا وتركيا به خلال العام الجاري، من 270 دولاراً إلى ما بين 295 و330 دولاراً لكل ألف متر مكعب. وتتوقع روسيا زيادة إمداداتها لأوروبا وتركيا والصين إلى 197.3 مليار متر مكعب هذا العام.

ويلفت الرئيس التنفيذي لمركز كوروم للدراسات الاستراتيجية في لندن، في الوقت نفسه إلى التضرر الكبير الواقع على القطاعات المعتمدة على الغاز الطبيعي في أوروبا، مؤكداً أن بريطانيا وإيطاليا يعتبران من أكثر الدول الأوربية تأثراً بتلك الأزمة. ويشير في الوقت نفسه إلى أنه لا توجد دولة مستفيدة من هذه الأزمة، بما في ذلك روسيا، بالنظر للآثار الاقتصادية لأزمة الغاز في أوروبا التي تطال الجميع، وتسهم في اضطراب المؤشرات الاقتصادية مع رفع نسب التضخم، ومشكلات أخرى مثل ما تعرض له قطاع النقل على سبيل المثال في بعض دول أوروبا.

وتتوقع منظمة الدول العربية المصدرة للنفط، استمرار ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، مع زيادة الطلب وتراجع المخزون بالأسواق الأوربية، محذرة في الوقت نفسه من مغبة تحول أزمة الغاز إلى أزمة عالمية.

أبرز المستفيدين
وباعتبار أن “مصائب قوم عند قوم فوائد"، يُنظر إلى تلك الأزمة باعتبارها "فرصة" للمصدرين، الذين يتأهبون لاغتنام الفرصة لتحقيق مكاسب استثنائية خلال تلك الأزمة، بالاستفادة من الارتفاع العالمي لأسعار الغاز، وعلى رأسهم روسيا وتنضم إلى القائمة الولايات المتحدة الأميركية والنرويج وأستراليا وكندا وهولندا وماليزيا والجزائر.

وفي هذا الإطار يقول الخبير الاقتصادي الدكتور علي عبدالرؤوف الإدريسي، في تصريحه، إن ثمة دول مستفيدة بالطبع من أزمة إمدادات الغاز التي تواجهها أوروبا، في مقدمتها الدول المنتجة والمصدر للغاز الطبيعي. ويوضح أن "العامل الجغرافي" يلعب دوراً مهماً في ذلك الأمر؛ فدولة مثل أستراليا على سبيل المثال من أكبر الدول المصدرة للغاز لكن العامل الجغرافي ليس في صالحها بالنظر إلى تكلفة النقل، وهو جزء مهم ورئيسي في أي جدوى اقتصادية.

ويلفت الإدريسي إلى أن دولة مثل مصر يمكنها الاستفادة من تلك الأزمة أيضاً، لا سيما أن القاهرة تمكنت من تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، وأصبحت لديها قدرة تصديرية، وبالتالي فإن "مصر كموقع جغرافي وقدرات واضحة، يمكنها أن تكون مستفيدة من ارتفاع أسعار الغاز على المستوى العالمي، وبشكل خاص في ظل وجود علاقات سياسية ودبلوماسية مع دول الاتحاد الأوروبي تنعكس على العلاقات الاقتصادية والتجارية".

ويوضح أن دول الاتحاد الأوروبي هي دول صناعية في المقام الأول وتعتمد على الطاقة بشكل كبير جداً، وبالتالي فإن "الأزمة الراهنة يمكن أن تعزز من دور مصر وتعود عليها بالإيجاب، كما يعود على دول أوروبا أيضاً التي تئن مع نقص الإمدادات".


المصدر: سكاي نيوز عربية