هآرتس – بدلا من الالتزام بالاتفاق اسرائيل تمنح “تخفيفا”

حجم الخط

هآرتس – بقلم  عميره هاس 

 

من ناحية 142 فلسطيني بالغ سيتم تذكر 11 تشرين الاول 2021 كيوم سعيد: آباؤهم هم من سكان قطاع غزة والضفة الغربية، حتى أن بعضهم ولدوا في هذه المناطق. ولكن لاسباب كثيرة لم يتم تسجيلهم في سجل السكان الفلسطيني قبل وصولهم الى سن الـ 16. اسرائيل  التي حتى الآن هي التي تحدد من منهم سيسجل في هذا السجل، رفضت تسجيلهم فيه واعطاءهم بطاقة هوية كأحد سكان المناطق، رغم أنهم قدموا لها طلبات “لم شمل” مع الوالدين أو الأزواج.

لا يوجد لهم اقامة مواطنة في أي دولة دولة. طوال سنوات كثيرة كانوا يعيشون في الضفة وفي غزة بدون وثائق رسمية، وخلال ذلك كانت حرية حركتهم محدودة جدا، وقد واجهوا ايضا صعوبات بيروقراطية امام مؤسسات فلسطينية مثل البنوك والجامعات والوزارات الحكومية. أمس تم تبشيرهم بأنه للمرة الاولى في حياتهم سيحصلون على بطاقة هوية من اصدار السلطة الفلسطينية شريطة أن توافق اسرائيل.

حسب ما قيل لهم في وزارة الشؤون المدنية الفلسطينية في رام الله فان هناك 5 آلاف امرأة ورجل، اغلبيتهم الساحقة من اصل فلسطيني ومتزوجين من أحد سكان الضفة أو القطاع ويعيشون فيهما منذ سنوات طويلة، من شأنهم الحصول في الشهر القادم على مكانة مقيم وبطاقة هوية فلسطينية. ومنح مكانة الاقامة كان أحد الوعود بـ “التسهيلات” التي قدمها وزير الدفاع بني غانتس لمحمود عباس ووزير الشؤون المدنية حسين الشيخ عند اللقاء بينهم في شهر آب في رام الله. ولكن تعريف “تخفيف” يبيض الواقع.

منذ العام 2000 واسرائيل تخرق التزامها للسلطة الفلسطينية في اتفاق اوسلو، بالمصادقة في كل سنة على اعطاء مكانة مقيم لنحو 4 آلاف شخص متزوجين من سكان فلسطينيين، في اجراء يسمى “لم شمل العائلات” (يجب عدم خلطه مع اجراء لم شمل العائلات المجمد لسكان المناطق المتزوجين من مواطنين اسرائيليين). أي أنه عندما تتحدث اسرائيل عن “تسهيلات” فان المعنى هو أنها لا تنوي استئناف نشاطات التنسيق العادية التي تم النص عليها في اتفاق اوسلو والتي في اطارها تقدم السلطة الفلسطينية لها في كل سنة آلاف طلبات لم شمل العائلات، وموظفو الادارة المدنية وادارة التنسيق الارتباط يصادقون عليها. تحديد حصة الخمسة آلاف وتعبير “تخفيف” تدل على أن عدد غير معروف، لكن يبدو أنه مرتفع، من الازواج الآخرين، سيبقى في نفس وضع عدم اليقين ووضع القيود على الحركة طوال سنوات كثيرة حتى “التخفيف” القادم. بسبب ذلك بالتحديد سيخشى كثيرون آخرون وسيقررون عدم الزواج ممن اختارهم قلبهم، اللواتي هن من غير سكان الضفة، أو سيقررون العيش في الخارج.

من المشكوك فيه اذا كان هذا التخفيف ايضا قد اعطي لولا الحركة الشعبية “لم شمل العائلات – حقي”، التي اسسها في بداية هذه السنة عدد من المتضررين من تجميد هذا الاجراء. المبادرات في هذه الحركة، اللواتي في معظمهن هن نساء من اصل فلسطيني وغيرهن، واللواتي هن مواطنات في دول عربية، بالاساس الاردن، قررت التظاهر بشكل ثابت امام وزارة الشؤون المدنية الفلسطينية والمطالبة بأن تقوم هذه الوزارة لتمثيل مصالحهن وأن تطالب اسرائيل بالوفاء بوعودها. 

خلافا لسياستها تجاه مواطنين من دول غربية فان اسرائيل لا تسمح لمواطني الدول العربية، حتى الاردن ومصر، بأن يجددوا بصورة تلقائية ومتواصلة تأشيرات السياحة أو تصاريح الزيارة. لذلك، عندما فهمت النساء من هذه الدول بأنه لا توجد أي احتمالية لأن يستجاب لطلبهن لم شمل العائلات قررن البقاء في الضفة مع اولادهن الصغار وازواجهن، حتى عندما انتهى سريان مفعول التأشيرة. وهكذا تحولن الى “ماكثات غير قانونيات” حسب التعريف الاسرائيلي.

المظاهرات التي استعانت ايضا بالشبكات الاجتماعية بدأت في جذب اهتمام الجمهور ووسائل الاعلام، ومنظمات حقوق انسان فلسطينية توجهت هي ايضا بأسئلة وطلبات الى مؤسسات السلطة، ودبلوماسيون اجانب، بالاساس من دول اوروبية، اظهروا الاهتمام. في اعقاب المقالات التي نشرت في “هآرتس”، طرح عضو الكنيست من ميرتس، موسي راز، الموضوع امام وزير الدفاع ونائبه. اشخاص في وضع مشابه، يعيشون في قطاع غزة، بدأوا ايضا في التظاهر بشكل ثابت. المتظاهرون لم يترددوا في الشكوى علنا من مؤسسات السلطة الفلسطينية التي لا تعمل من اجل جمهورها. وهكذا طوال سنوات وزارة الشؤون المدنية رفضت استلام طلبات في مكاتبها للم شمل العائلات بذريعة أن الادارة المدنية الاسرائيلية ومكتب تنسيق النشاطات في المناطق اصلا لا يقومون بمعالجة هذه الطلبات ويرفضون تسلمها. مع ذلك، على الاقل مرتين انتشرت انباء غير رسمية عن اشخاص حصلوا من اسرائيل على مكانة مقيم فلسطيني حسب قوائم اعدها مكتب محمود عباس. الحديث لا يدور عن اشخاص كثيرين، ربما 100 – 150، لكن هذا الامر اثبت بأنه عندما تكون  اسرائيل والسلطة الفلسطينية معنيتان فان الامر يتم. 

اسرائيل اوقفت بشكل احادي الجانب اجراء لم شم العائلات في الضفة والقطاع عند اندلاع الانتفاضة الثانية. نضال جماهيري للعائلات التي تضررت في حينه من التجميد، في اطار مجموعة سميت “من حقي الدخول” وعدد من الالتماسات للمحكمة العليا، التي قدمتها جمعية “موكيد” للدفاع عن الفرد، اثمرت في 2008 و2009 عن موافقة اسرائيلية على اعطاء مكانة مقيم فلسطيني لنحو 32 ألف شخص. ولكن ايضا هذه الموافقة اعطيت كـ “بادرة حسن نية” وليس في اطار الامتثال للالتزامات.

اسرائيل لم تشمل في حينه في قائمة الحاصلين على هذه المكانة زوجات الفلسطينيين اللواتي فضلن أن لا يكن في مكانة “ماكثات غير قانونيات” في بيوتهن، لذلك عدن الى دولهن عندما انتهى سريان مفعول تأشيرة زيارتهن. نشطاء حركة “لم شمل العائلات – من حقي” قيل لهم الآن بأنه ضمن الخمسة آلاف شخص الحاصلين على المواطنة الجديدة لم يتم شمل من قدموا طلبات للم شمل العائلات، لكنهم يمكثون في الخارج. في الحركة قالوا إنه فعليا يوجد هنا عقاب للنساء اللواتي اخترن بالتحديد الطريق “القانونية” ولم يخرقن شروط التأشيرة.

احدى النساء التي تم تبشيرها بالحصول على بطاقة الهوية هي د.أ، عمرها 50 سنة ومن مواليد القطاع وهي ناشطة نسوية. في السبعينيات عندما كانت طفلة ابعدت اسرائيل والدها بسبب نشاطاته ضد الاحتلال. هو وعائلته عاشوا في مصر استنادا الى تأشيرات كان يتم تجديدها مرة كل بضع سنوات. قبل 25 سنة تقريبا زارت د.أ القطاع وأحبت وتزوجت واقامت عائلة. ومثل كل من وضعه مثل وضعها، قدمت طلب للم شمل العائلات. اخوتها حصلوا على مكانة مواطن. هي لسبب ما لم تحصل، رغم طلبات متكررة للسلطات. “مشاعري مختلطة”، قالت لـ “هآرتس”. هي تجد صعوبة في فهم لماذا كان يجب عليها الانتظار لوقت طويل حتى تحصل على هذا الحق الاساسي جدا. 

هذا بالضبط ما قاله محمد الجرف (40 سنة)، وأحد النشطاء الرئيسيين في حركة “لم شمل العائلات – حقي”. هو ولد قبل اربعين سنة في عمان لوالدين من سكان مخيم عسكر للاجئين في نابلس. عندما كان عمره خمس سنوات عاد مع اخوته واخواته الى مخيم اللاجئين. ايضا مشاعره مختلطة “لأنه يوجد آلاف الاشخاص الذين كما يبدو لن يحصلوا على مكانة المواطن. هم يشاركون في الحركة لأنه كان يجب علينا الاهتمام والتظاهر والتعب من اجل أمر طبيعي جدا”. أمس، عند نشر القائمة التي كان اسمه فيها، سافر من نابلس الى وزارة الشؤون المدنية في البيرة وحصل على مصادقة بأنه يستحق بطاقة هوية. اليوم سيتقدم لوزارة الداخلية الفلسطينية في نابلس وسيقوم بملء النماذج المطلوبة من اجل الحصول على بطاقة الهوية التي تصدرها السلطة استنادا لمصادقة اسرائيل.