تمر اليوم الأحد الموافق 17 أكتوبر 2021، الذكرى العشرون للعملية النوعية لاغتيال الوزير الإسرائيلي رحبعام زئيفي، التي نفذتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وتعتبر أكبر عملية اغتيال ينفذها فصيل فلسطيني رداً على اغتيال الاحتلال “الإسرائيلي” الأمين العام للجبهة، أبو علي مصطفى.
ورغم مرور كل هذه السنوات، إلا أن هذا الاغتيال ما زال يُشكل نقطة بارزة في التصدي للاحتلال، على الرغم من أن الجبهة الشعبية ما زالت تدفع ثمن العملية الفدائية حتى اليوم، عبر اعتقال أمينها العام أحمد سعدات وقياداتها والمؤثرين في الجبهة، في أحكام قطعية عالية أو إدارية تعسفية لا تنتهي إلا لتبدأ من جديد، إذ يعتقل الاحتلال نحو 40 من قيادات الجبهة الشعبية في أحكام إدارية (بلا تهمة) يتم تجديدها بشكل دائم، فضلاً عن تفكيك كل محاولات إعادة بناء التنظيم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وشَكَلَ اغتيال زئيفي، الجنرال السابق في جيش الاحتلال، والوزير الصهيوني الذي دعا إلى سياسة “الترانسفير” ضد الفلسطينيين وأحد أهم مؤسسي دولة الاحتلال، ضربة كبيرة لدولة الاحتلال، التي لم تتخيل يوماً أن فصيلاً فلسطينياً سيتجاوز التهديد إلى الرد المباشر واغتيال أبرز جنرالاتها رداً على اغتيال أبو علي مصطفى في مكتبه في رام الله عبر صواريخ موجهة أصابت رأسه بشكل مباشر وهو خلف مكتبه في 27 أغسطس 2001، ليأتي الثأر سريعاً في 17 أكتوبر في العام ذاته باغتيال زئيفي في فندق “ريجنسي” في القدس المحتلة، باستخدام مسدس كاتم للصوت.
وترجم اغتيال زئيفي كلمات أحمد سعدات في حفل تأبين أبو علي مصطفى في سرية رام الله، حين قال “قسماً يا رمز عزتنا، الرأس بالرأس، والعين بالعين”، لتتم بعد اغتيال زئيفي ملاحقة السلطة الفلسطينية لسعدات والخلية المنفذة، قبل اعتقالهم لاحقاً لدى قوات الاحتلال الإسرائيلي في 14 مارس 2006 بعد اقتحام سجن أريحا شرقي الضفة الغربية.
وأدرك أبو علي مصطفى أن إسرائيل قد بدأت فعلياً باغتيال رؤوس التنظيمات الفلسطينية، ولم تعد تكتفي بالقيادات الميدانية. وكانت ذروة غضبه حين أقدم الاحتلال على اغتيال القياديين في حركة “حماس”، جمال سليم وجمال منصور، عبر صواريخ موجهة من طوافات “الأباتشي” في 31 يوليو 2001. حينها قال أبو علي مصطفى للمقربين منه “بدأت عملية تصفية رؤوس الشعب الفلسطيني، وليس الكوادر الميدانية فقط”.
عُرف أبو علي مصطفى بإجراءاته الحذرة في التحرك، إذ كان يتحرك عبر سيارة “مشطوبة”، أي لا تحمل ترخيصاً ولا تأميناً، وتحمل رقماً إسرائيلياً، مفضلاً التحرك بها وعدم استخدام سيارته الفخمة التي وضعتها منظمة التحرير الفلسطينية تحت تصرفه حين عاد إلى أراضي السلطة الفلسطينية في العام 1999، وحين عاد إلى أرض الوطن، قال أبو علي مصطفى كلمته الشهيرة “لقد عدنا لنقاوم وندافع عن شعبنا وحقوقنا، ولم نأت لنساوم”.
وكانت هذه التصريحات، التي عكستها الجبهة الشعبية في عملها الميداني المقاوم في أكثر من عملية نوعية، كافية لتضع أمينها العام على لائحة الاغتيالات الإسرائيلية. والوزن التاريخي والوطني لأبو علي مصطفى، جعل الرد يأتي عبر اغتيال شخصية إسرائيلية وازنة في دولة الاحتلال، والتي ما زالت تفاصيلها مجهولة حتى الآن، إذ رفضت الخلية التي تم اعتقالها بتهمة اغتيال زئيفي الاعتراف أمام محكمة الاحتلال، وتم الحكم عليها بأحكام عالية.