80 % من المباني السكنية مشمولة في المخطط الجديد

اللد: تطوير للبلدة القديمة أم تهويد وترحيل للعرب؟

حجم الخط

بقلم: ران شمعوني


يأتي أكرم ساق الله، عضو مجلس بلدية اللد، كل يومين أو ثلاثة إلى حي "رمات أشكول" وهو يحمل كومة ثقيلة من اللافتات الصفراء المكتوب عليها بالعبرية والعربية "مش خاتم". في جيوبه الخلفية منشورات تشرح معنى اللافتات الصفراء ورزمة الأصفاد الصغيرة. قبل شهر تقريباً قرر المرور على كل مبنى من أجل إقناع السكان العرب بمعارضة مشروع التحديث البلدي الذي تقوده البلدية في منطقتهم، البلدة القديمة. ستُطبق المعارضة المأمولة، حسب رأيه، من خلال مرحلتين، في البداية تعليق اللافتة على نافذة واجهة البيت، وبعد ذلك رفض التوقيع على اتفاق الإخلاء – بناء. هكذا يعتقد ساق الله بأنه سيضمن بقاء السكان العرب في الحي المتنازع عليه في اللد.
يجب الاعتراف بأن "رمات أشكول" بحاجة إلى تحديث بلدي بشكل مستعجل. مباني القطار، التي يتكون كل منها من أربعة طوابق، بالية ومهملة. يركض الأطفال في بيت الدرج القذر واللزج، وهم يصعدون وينزلون، من البيت المكتظ إلى الطابق السفلي المهمل ويعودون ثانية. وإذا لم يكن هذا كافياً، على وجه الحي الفقير الذي فيه 64 في المئة من السكان هم من العرب و36 في المئة من اليهود ما زالت واضحة ذكرى الأحداث التي حدثت في عملية "حارس الأسوار". "هناك هدوء متوتر في اللد، يمكن في أي لحظة أن يتوقف"، قال في الكنيست، هذا الشهر، رئيس البلدية، يائير رفيفو. "كل خيمة هدمت في عيد العرش يمكن أن تشعل المدينة، وكل رمي حجر من فوق الجسور يمكن أن يشعل المدينة".
رغم كل ذلك فإن مستقبل اللد واعد. هذا ليس تصريحاً متفائلاً للشخصيات الكبيرة في البلدية، بل هو موقف رسمي لدولة إسرائيل. بعد عقد من اللجان التي عقدت، فإن البلدية ارتبطت بشكل جيد بالجهات الحكومية. في العام 2017 تم التوقيع على اتفاق إستراتيجي لتطوير البلدية بين الحكومة والبلدية بمبلغ 6.9 مليار شيكل. "اللد مدينة الجميع يريدون الخير لها، يهوداً وعرباً"، قال مصدر مطلع على مخططات الحكومة. "لا أحد سيعارض أن يكون الوضع في هذه المدينة أفضل".
حسب معطيات الشركة الاقتصادية "اللد"، فإن 80 في المئة من المباني السكنية في المدينة يتم شملها في خطط تحديث البلدية التي تمت المصادقة عليها. المنطقة الأبرز إزاء وضعها الحالي هي "رمات أشكول" والبلدة القديمة (342 دونماً). الخطة في هذه المنطقة، التي صادقت عليها وزارة المالية قبل سنتين تقريباً، يتوقع أن تزيد بصورة دراماتيكية عدد الشقق، من 2200 إلى 5200 شقة، ومباني القطار سيتم هدمها وبدلاً منها ستبنى مبان متعددة الطوابق (حتى 25 طابقاً)، وستجذب للمدينة والحي سكاناً جدداً.
يخاف ساق الله من ذلك بالتحديد. الفائدة التي يأملها رئيس البلدية تعتبر لعنة بالنسبة له. وحسب قوله، أيضاً بالنسبة لـ 99 في المئة من سكان الحي العرب. "لماذا يحضرون آخرين إلى هنا؟ لماذا لا يعززون في البداية الموجودين هنا؟"، قال ساق الله. "العرب لن يأتوا إلى هنا. هل سمعتم ذات يوم عن أي عرب نقلوا مكان سكنهم بالآلاف؟ العربي يبقى حيثما ولد. هم (البلدية) يعرفون أن كل مبنى متعدد الطوابق سيتحول في نهاية الأمر إلى مستوطنة صغيرة".
أنت في الحقيقة تريد منهم البقاء في ظروف حياتهم الحالية من أجل ألا يأتي سكان لا تريدونهم.
"لا. السكان لن يبقوا في هذا الوضع بعد مئة سنة. في القريب ستكون لهم فرصة أفضل لتحسين المبنى، ليس ليصبح 20 طابقاً بل 8 طوابق تناسب طابع البلدة القديمة، وحق الأولوية هو لكل ساكن في المبنى. ببساطة، لا توجد ثقة للناس بأن المشروع الحالي سيكون لصالحهم. سمعنا الكثير من الوعود في حياتنا، والكثير منها لم يتم الوفاء به. بعد الاضطرابات قمنا بفتح عيوننا".
كل الشخصيات الكبيرة في البلدية، التي تحدثت معها "هآرتس" حول الموضوع، نفت هذه الادعاءات كلياً. هذه الشخصيات الكبيرة أشارت إلى أنه حسب القانون لا يمكن منع شخص من بيع أو شراء شقة. بالعكس، كل يهودي يختار ذلك يمكنه شراء شقة دون أن يكون للسلطات أي تدخل. مع ذلك، قالوا في البلدية: "في كل منشأة هناك بيع مسبق لسكان المكان بشروط تفضيلية بهدف تمكين العائلات الأصلية من تحسين مستوى حياتها". المعنى هو أن "رمات أشكول" ستبقى مختلطة حتى بعد المشروع. ولكن من المرجح أن المشروع سيؤدي بالضرورة إلى تغيير التركيبة السكانية وسيصبح الحي ذا أكثرية يهودية على مر السنين.

"لم أعد أصدق شيئاً"
حتى لو علق على عدد غير قليل من المباني في الحي لافتات "مش خاتم"، فإن محادثة مع عابر طريق عربي في "رمات أشكول" تثير الشك فيما يتعلق بالمركزية التي يحظى بها هذا الاحتجاج. معظمهم سمعوا عنه وعن المشروع، لكنهم غير مطلعين على التفاصيل. آخرون لم يسمعوا عنه. من يعارضون الاحتجاج يعتبرونه دليلاً على هامشيته، لكنهم في البلدية يرفضون إعطاء أي معلومات تؤيد هذا الادعاء. قادة الاحتجاج قالوا: إنه حسب تسجيلاتهم، فإن الاستجابة هي تقريباً "شبه مطلقة". وهم أيضاً يرفضون إعطاء أي بيانات. الطرفان يعدان لتجنيد الناس، سواء للتوقيع أو الاحتجاج، وما زال هذا في بدايته.
في اثنين من المباني على الأقل، التي تقع قرب بعضهما وطلبوا عدم إعطاء عنوانهما، يبدو أنه تبلور موقف رافض صلب، في أعقاب اللافتات التي تم تعليقها عليهما. وسرعان ما تجمع السكان على مدخل المبنيين وبدؤوا التحدث. "فقط إذا شكلنا يداً قوية فسنبقى هنا"، قال أحد السكان. "أنت لا تعرف ماذا سيكون هنا؟ إذا وقع 80 في المئة من السكان (نسبة الموافقة المطلوبة في القانون لصالح إخلاء – بناء)، فإن رفيفو سيهتم بأن يتراجع الـ 20 في المئة أيضاً. رافي يكيتوئيلي، من مواليد الحي والمسؤول عن مجال التطوير البلدية في البلدية، قال مؤخراً: إنه تحدث في السابق مع وزير الإسكان زئيف إلكين وطلب منه خفض نسبة الموافقة إلى 50 في المئة بسبب "البيروقراطية الفظيعة لرافضي التوقيع".
لكن رئيس البلدية قال مؤخراً: إن العرب لن يغادروا اللد، واليهود أيضاً. هل تصدقون ذلك؟
"لا، على الإطلاق، نحن لا نصدق. هو يتلاعب بنا. من الواضح أنه يريد تهويد الحي"، قالت ساكنة كانت تحمل أكياساً. "سترى أنه لا أحد سيوقع سوى العملاء". وحسب قولها، في البداية هي وقعت ولكنها ندمت وسحبت توقيعها. "لم أعد أصدق أي شيء. إذا خرجنا من البيوت فلن يعيدونا إليها"، قالت. وأضاف أحد السكان: "لمن يريدون الترميم؟ هل لنا؟ اتركني وشأني، بربك".
خيبة الأمل في أوساط كبار موظفي البلدية واضحة. أهارون إيتياس، رئيس البلدية والمدير العام السابق لنواة التوراة، أجاب على صفحته في "فيسبوك" عن ادعاءات السكان وكتب: "لا يمكن الشكوى من أنهم لا يستثمرون في السكان العرب، حيث إنه عندما نطلق مشروعاً مهماً جداً يمكّن السكان من تحسين حياتهم، يحاربون ذلك". إيتياس أضاف: إنه "من أجل أن نستطيع أن نطور معاً، يجب أن تكون ثقة هناك بين الطرفين". "قبل أن تقوم ببناء المباني يجب عليك بناء العلاقات"، قال ساق الله. "يجب بناء الثقة وإعطاء الناس الشعور بأن هذه هي بلدية الجميع، وليس فقط بلدية أشخاص معينين".
هذا الاحتجاج هو دليل على عدم الثقة بين سكان المدينة العرب وبين البلدية. بالنسبة لكثيرين على جانبي المتراس، فإن شبكة العلاقات هذه لم تعد قابلة للإصلاح بعد الاضطرابات. "خلال حياتي لم أشعر بالعنصرية مثلما أشعر الآن"، قالت أمرأة عربية من سكان الحي. "في اليوم الذي حدثت هنا اضطرابات فإن الجيران اليهود قاموا بنسياننا. بعد ذلك طلبوا العفو على أنهم قاموا بتجاهلنا".

إذا كان على النافذة علم فهنا مستوطنون
في كل مرة قبل الصعود إلى المبنى التالي كان ساق الله يتوقف ويرفع رأسه. "هل ترى؟"، أشار إلى نوافذ الشقق. "حيثما يوجد علم إسرائيل أعرف أنه لا يجب عليّ طرق الباب. لأنه حيثما يوجد علم فإنه يوجد مستوطنون. هم يقومون بتعليقه وكأنهم في موقع عسكري". قبل طرق الباب يتأكد من أنه لا توجد على مدخله مازوزة من أجل أن تكون متأكداً كلياً. السكان العرب الذين سيتحدثون معه على الباب سيقولون له في أي شقة أخرى في المبنى يعيش عرب. "احذر. وراء الباب الأبيض المقابل يوجد مستوطنون"، قالت ساكنة عربية. وبعد ثوان تفتح الباب وترحب بشاب يهودي جاء إليها.
"لا توجد لنا مشكلة في أن اليهود يعيشون هنا ويشترون البيوت"، قال. "توجد لنا مشكلة مع المستوطنين الذين يأتون مع أيديولوجيا، جزء من هدفها هو إخراجنا من البلدة القديمة، كما قال رئيس البلدية ذات مرة (عندما كان المدير العام للبلدية): هتنحلود (استيطان اللد). حسب قوله، النضال هو "لصالح كل من يعيش هنا الآن، يهوداً وعرباً. لأن المجموعتين فقيرتان في معظمهما وهما في نهاية الأمر ستضطران للمغادرة بسبب ارتفاع غلاء المعيشة. البلدية في الحقيقة طلبت من كل مقاول في المشروع ضمان أن تكون رسوم صيانة المبنى منخفضة مدة عشر سنوات. ولكن ساق الله قال: "في السنوات العشر الأولى يمكن أن يكون الوضع جيداً، لكني أنظر خمسين سنة إلى الأمام. أخجل من قول ذلك، لكن يوجد هنا أشخاص غير قادرين على دفع رسوم الكهرباء والمياه. فهل سيدفعون أيضاً للجنة المبنى؟".
في بلدية اللد ردوا على ذلك: "في الوقت الحالي نشهد انهياراً وتفككاً في مبان قديمة في أرجاء البلاد. ومنذ سنوات ندفع قدماً بحلول حقيقية قابلة للتنفيذ لضمان أن تجري العملية بشكل منظم ولصالح سكان المدينة. ترافق البلدية جميع الإجراءات وتهتم بالسكان. عملية التوقيع تتقدم بشكل كبير وكل الخطط يتابعها عاملون اجتماعيون يساعدون أصحاب الشقق والسكان على استنفاد حقوقهم في كل مراحل العملية.
"نحن متيقظون لخطاب جهات لها مصالح وتحاول الدفع قدماً بأجندتها الشخصية على ظهر السكان الذين يعيشون في شقق قديمة ومتهالكة، في حين أنهم يعيشون في فيلات واسعة بمناطق أخرى في المدينة. جميع الادعاءات التي تطرح من فم هذه الجهات لا أساس لها من الصحة وهي كاذبة وتضر فقط بسكان هذه المباني القديمة. البلدية تدفع قدماً بمخططات إخلاء – بناء، التي ستوفر للسكان شققاً جديدة. المعنى هو أن أصحاب الشقق الجديدة سينتقلون من شققهم مباشرة إلى هذه الشقق التي سيتم بناؤها قريباً منهم على أيدي المقاول الذي سيتم اختياره".

عن "هآرتس"