ليست قصةً خيالية، ولكنها قصةٌ واقعية، أنقلُها بتفاصيلها، لدلالاتها المتعددة الجوانب، بطلا القصة، هما من أصلٍ يهودي واحد، الأولى، بروفسورة متقاعدة في جامعة كامبردج البريطانية، اسمها مارسا ليفين، أما الثانية فهي طالبة إسرائيلية تبلغ من العمر ثلاث عشرة سنة، اسمها، شاحار رابينوفتش.
قررتْ والدة شاحار أن تساعد ابنتها، الهاوية للخيول، في أن تعد بحثا عن تربية الخيول، والعناية بها، فبحثت عبر شبكة الإنترنت، فوجدت اسم البروفسورة، مارسا، خبيرة في علم الخيول، وهي أستاذة في أكبر الجامعات البريطانية، ولم تخترها عشوائيا، بل إنها اختارتها لاسمها اليهودي.
كتبت الأم لها رسالة، في صفحتها في الفيس بوك، وطلبتْ منها مساعدة ابنتها، شاحار، ذات الثلاث عشرة سنة، فردت البروفسورة على رسالة الأم بعد أن علمت أنها إسرائيلية:
" سأجيب عن سؤالك عندما يتحقق العدل والسلام للفلسطينيين في فلسطين"
لم تغضَّ أم شاحار النظر عن هذا الرد، بل قامت بالاتصال بمجلة (جويش كرونيكل) اليهودية في لندن، وأبلغتها بالحادثة، فطلبت المجلة من البروفسورة، مارشا أن تُعلق على الخبر، فرفضت وقالت للصحيفة:
"أنا عضو في حركة المقاطعة، البي دي إس، من أجل تحقيق العدالة للفلسطينيين، وليس عندي وقت أضيعه مع منتهكي حقوق الآخرين، بعد أن أصبح اليهود نازيين"
قدَّمت المجلةُ والأم القصة إلى حركة مناهضة اللاسامية اليهودية في بريطانيا، وقامت الحركةُ بدورها بتقديم ملف قضائي لشرطة لندن لاستدعاء البروفسورة والتحقيق معها، تمهيدا لسجنها وفق القانون البريطاني!
ولم تكتف الأم والمجلة بذلك، بل قامت بتعميم القصة على وسائل الإعلام في بريطانيا، بالإضافة إلى وسائل الإعلام في إسرائيل.
ولم ينته الأمرُ عند كل ذلك، بل قامت أم شاحار، وحركة مناهضة اللاسامية، بتعميم الأمر على أساتذة جامعة كمبردج، وقد كان في الجامعة أستاذ زائر من الجامعة العبرية، والذي تبنَّى الرواية، وقام بتعزيزها، وهو البرفسور، جيمس راسل، وقرر أن يهدي الطفلة، شاحار كتابا عن الخيول باللغة الإنجليزية، لتتمكن من إنجاز بحثها، كردٍ على البروفسورة، مارسا!
وأعتقد بأن هذه القصة قد تكون في المستقبل القريب، فيلما سينمائيا، أو رواية، أو قصة من قصص الأطفال، توضع في مناهج الدراسة في إسرائيل!
أضع هذه القصة ليس للسخرية، أو الترفيه، أو الاستهانة بأحداث القصة، ولكنني نقلتها لكي نستفيد منها ، في كيفية متابعة الأحداث، وبلورة صيغ الردود، لجلب التأثير المنشود.
فما أكثر أنصارَ قضيتنا، ممن دفعوا الثمن غاليا، وبما أننا من أقدم سلالة الإنسان، والإنسان مِن النسيان، لذا فقد نسيناهم! ولم ننجح في بلورة صيغة مقبولة حتى لتشجيعهم على مواقفهم معنا، حتى بدعمهم معنويا
ما أكثرَ قصصَنا الفلسطينية المؤلمة، ولكن، ما أقلَّ استفادتَنا منها، للأسف!!