هارتس : ثُم ماذا لو عرف بايدن بإغلاق «المنظمات»؟!

تسفي-برئيل.jpeg
حجم الخط

بقلم: تسفي برئيل


قرر الشخص الذي يسمى وزير الدفاع اغلاق ست منظمات فلسطينية لحقوق الانسان واعتبارها منظمات تؤيد الارهاب. حتى، الآن، كل شيء سليم. "الشاباك" اوصى والمدعي العام للدولة صادق والخاتم ساري المفعول وضجة الجمهور ستنزلق عن غطاء الحكومة. ولكن عرضا ناجحا جدا مثل هذا العرض يجب أن يستمر. هكذا، مكان اغلاق هذه المنظمات احتله مشهد اكثر اثارة أعلنت فيه اسرائيل بأن الادارة الأميركية قد علمت بقرار الاغلاق في حين أن واشنطن تلوح بالاصبع وتقول، إنهم في المدينة المقدسة يكذبون.
من نصدق؟ القلب الصهيوني يميل الى تبني الرواية الإسرائيلية، النتنة قليلا. اذا كانت اسرائيل قد ابلغت الادارة الأميركية فلماذا كان يجب ارسال مبعوث من "الشاباك" بشكل مستعجل كي يعرض المادة السرية على الادارة الأميركية؟ واذا كان تم ابلاغها فهل يخطر بالبال ألا يكونوا قد تساءلوا هناك حول أمر ما وطلبوا التوضيح؟ وربما القليل من المعلومات بالذات في الموضوع الذي هو مهم جدا بالنسبة للرئيس الأميركي؟، حيث إنه عندما قاموا باغلاق منظمات لحقوق الانسان في مصر، قرر الكونغرس تجميد بعض المساعدات التي تحصل عليها مصر. وعندما تقوم تركيا باضطهاد مثل هذه المنظمات وتعتقل نشطاء حقوق انسان يتم تهديدها بفرض العقوبات. وعندما قامت اسرائيل بابلاغ الادارة أنها ستتخذ خطوات مشابهة، هل بالتحديد هنا قررت الادارة في نفس اللحظة وضع السماعات والاستماع الى الموسيقى الريفية؟.
لكن سؤال من الذي يقول الحقيقة، مهما كان مهما، هو سؤال ثانوي مقابل السؤال الاصعب: ماذا كانت الادارة الأميركية ستفعل لو أنه تم اطلاعها مسبقا؟ هل كانت ستمنع اسرائيل من اغلاق المنظمات الست؟ هل كانت ستهدد بفرض العقوبات أو تجميد المساعدات أو تجميد صفقات مشتريات عسكرية؟ هل بايدن قلق جدا من خطوات اسرائيل الوحشية ازاء منظمات تحصل على الدعم من الدول الغربية؟. ليس لمسألة الابلاغ أي اهمية سوى تمكين الولايات المتحدة من غسل الايدي.
ولكن ادعاء "لم اعرف" لم يعد ادعاء ساري المفعول. الآن، عندما قرأ بايدن الصحف واطلع على "المادة السرية"، اصبح يعرف ويجب عليه أن يقرر اذا كان سيوافق على ادعاء اسرائيل بأن هذه الخطوة وبحق حيوية في اطار مكافحة الارهاب، أو أن يرمي هذا الادعاء جانبا. اذا وافق على ادعاء اسرائيل فهو سيضطر الى الموافقة ايضا على ادعاءات مشابهة يقولها رجب طيب اردوغان وعبد الفتاح السيسي ومحمد بن سلمان وكثيرون وجيدون آخرون، الذين معركتهم ضد خصومهم السياسيين يغلفونها باكاذيب محاربة الارهاب.
هؤلاء الزعماء على الاقل يكلفون انفسهم باعتقال "الارهابيين لديهم" وتقديمهم لمحاكمات صورية. لم تعرض اسرائيل حتى أي معتقل، هذا بعد تحقيق استمر، حسب التقارير، اكثر من سنة ونصف السنة. لماذا كانت هناك حاجة الى وقت كبير جدا؟ في نهاية المطاف، نشر في التقرير السنوي لمعهد "ان. جي. أو. مونتر" للعام 2020 معظم المادة "المجرمة" ضد هذه المنظمات. وحتى أن التقرير عرض بتفاخر احد انجازات المعهد المثيرة: وزير الدفاع بني غانتس استخدم استنتاجاته في لقاءاته مع شخصيات رفيعة في الاتحاد الاوروبي. اذا كانت هذه هي المادة الاستخبارية التي استند اليها وزير الدفاع فنحن لا نحتاج الى أي تحقيق لـ"الشاباك". والاخطر من ذلك، لماذا سمح لهذه المنظمات بأن تستخدم كغطاء للجبهة الشعبية طوال الوقت الماضي منذ ذلك الحين.
ولكن اذا طرحوا في الولايات المتحدة هذا السؤال فهم يمكن أن يكشفوا الخدعة. حيث أنه ايضا اليهم تصل تقارير "ان. جي. أو. مونتر"، ومن الاطلاع عليها كان يمكنهم معرفة أن المتبرعين من الولايات المتحدة ايضا يمولون نشاطات هذه المنظمات. في كل الوقت الماضي، بايدن إما أنه قرر غض النظر أو أنه لم يتأثر بالخطر الذي تشكله هذه المنظمات على أمن دولة اسرائيل، سوى من حقيقة أنها تبلغ عن جرائم اسرائيل في المناطق.
هذا امر محير ويدعو للتساؤل: لماذا الادارة الاميركية مصدومة بالتحديد من اغلاق المنظمات، الى درجة أنها قالت، إن اسرائيل كاذبة، في الوقت الذي تنكيلها اليومي بالرعايا الفلسطينيين يثير تثاؤبها؟ ربما ايضا عن هذه الامور تنتظر الادارة الاطلاع على احدث المستجدات قبل أن تقرر هل سترد وكيف. لا يوجد أي شيء ملح.
عن "هآرتس"