حرب "الفساد" الجديدة على "الفلسطيني"..."حق يراد به باطل سياسي"!

1625121147-434-3.jpg
حجم الخط

 كتب حسن عصفور 

فجأة فتحت بعض أجهزة الأمن الدولية مخازنها لتبث الى وسائل إعلام معلومات "سرية"، بشكل منسق ومتتالي، فيما يمكن اعتباره حملة منظمة، لا يمكن وصفها بــ" العفوية" أو "حرفية" الوسائل الصحفية المتناثرة في أكثر من مكان، تحت عنوان: الفساد، تبيض الأموال وثروات قادة سياسيين.

وقبل أي حديث، فلا يمكن لأي فلسطيني إنكار وجود فساد أو ما شابهه من استغلال نفوذ سلطة لتراكم الثروة، او القيام بعمليات تبيض الأموال، وتعاظم ثروة البعض نتاج ذلك، ولكن ما لا يجب تجاهله، أن الحملة ليست بريئة إطلاقا، ولا تبحث "إصلاحا" وحماية للسلوك العام، أو انتاج نظام سياسي سوي وفق معايير "المحاسبة والشفافية"، بل ربما ذات الجهات هي من فتحت الباب واسعا لحماية من أصابتهم شبهات بذلك.

وكما، كانت حماية البعض المصاب بذلك "الداء"، بل وساعدتهم به، لأسباب سياسية تخدم "أهداف" الجهات الأمنية ودولها، هي ذاتها التي فتحت أرشيفها لتصدير ما لديها في الوقت الراهن، وأيضا لأسباب سياسية، ولا صلة لها مطلقا بأي شكل من أشكال حماية النظام الفلسطيني من وباء الفساد.

مع قيام السلطات السودانية بمصادرة أملاك خاصة لفلسطينيين، كانت جزءا من اتفاق بينهم أو بين فصيلهم والنظام في حينه، كشفت مؤشرا ما هو قادم، يتعلق بملاحقة الفلسطينيين عبر قناة جديدة، اتضحت من تركيا وما سمي بخلايا "الموساد"، التي تكفلت صحيفة واحدة بنشر تفاصيل التفاصيل وكأنها داخل غرف التحقيق الأمنية، وليست سيلة إعلام، دون أن تصدر السلطات التركية أي بيان يتعلق بتلك "الحادثة" الغريبة في شكل النشر ومضمونه، ومعها صمت الرسمية الفلسطينية وحركة حماس.

واستكمالا للخبر الصحفي التركي، سارعت أحد أهم الصحف الألمانية "دي فيلت"، بنشر تقرير تفصيلي عن عمليات "تبيض أموال" لعناصر من حركة حماس، تبعها تصريح وزيرة الخارجية السويدية عن "فساد النظام السياسي الفلسطيني"، والذي مر بهدوء مثير للشبهة، أو الرعب من كشف ما لا يجب كشفه، الى أن تصدرت تقارير موسعة عدد من وسائل إعلام دولية، ربطت بين الفساد، وتبيض الأموال والتجارة بالعملة وكل أشكال العمل الأسود.

دون ارهاق العقل في البحث عن أهداف تلك الحملة، يمكن اختصارها، بـ "حق يراد به باطل سياسي مطلق"، ولا يرتبط أبدا بأي من اشكال الإصلاح والتصويب، ولا ترسيخا للمبادئ العامة في المحاسبة والشفافية، فالمراد محدد، ان السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس، "غارقين في الفساد"، ولذا لم تعد جهة صالحة لـ "الشراكة" في حل سياسي، وعليه لا ضرورة الآن الذهاب في صياغة ما يجب وصولا لتحقيق نهاية الصراع (رصاصة أطلقتها حكومة الإرهاب في تل أبيب عندما قال بينيت ولابيد أنهما لن يتصلا مع السلطة والرئيس عباس لأنها سلطة فاسدة).

وكذلك حركة حماس، الى جانب وصفها الدائم بأنها حركة "إرهابية"، تم إضافة أوصاف جديدة لها، تتعلق بالفساد وتبيض الأموال، رغم أن أمريكا والكيان كانا ولا زالا حريصين جدا على تقديم منحة شهرية لحكم حماس في قطاع غزة، دون فتح أي باب متعلق بتلك السمات المستحدثة.

ما تهدف له القوى التي فتحت خزائن الكشف عن "فساد وما شابه"، اخراج الطرف الفلسطيني من المعادلة السياسية، واعتباره منقسم وفاسد، ولذا لم يعد مؤهلا للقيام بدور ما في حل ما يوما ما، حتى تتمكن تلك الجهات ذاتها، انه آن وقت "الحل الممكن"، وفق مقاسات سياسية جديدة تبتعد كثيرا عن كل ما سبق من تصورات للحل، عامودها الرئيسي منع "السيادة الفلسطينية" من ان تكون جزءا من الحل، وعودة مظاهر "الوصاية" بأشكال حديثة، وذلك ما له أن يمر لو كان "الوضع الفلسطيني في حالة صحية، وطنيا وممارساتيا.

التشويه العام للفلسطيني، أي كان أسمه وصفته، هو المقدمة الرئيسية لفرض حل يكسر جوهر قرار الأمم المتحدة الخاص بدولة فلسطين عام 2012، وفتحه لحركة تعديل جوهرية، تحت قصف "حرب الفساد".

والفضيحة الأكبر، كيف أن الأطراف الفلسطينية المتناحرة على غير القضية الوطنية، تتسابق لاستخدام اتهام طرف ما ضد طرف آخر، لتكون بغباء وسذاجة أداة تمرير تلك الحرب المشبوهة، وكأن "جين الحقد" لدى تلك الأطراف انتصر على الجين الانتمائي للوطن.

"الحرب على الفساد" من الباب الأمريكي يا سادة ليس للتصويب السياسي بل هي بوابة "عصرية" للهدم السياسي...!

ملاحظة: سفير دولة الكيان قام بتمزيق بيان خاص لمجلس حقوق الإنسان..ولم يكتف بما فعل حقارة، بل شتم كل أعضاء المجلس ومن فيه لأنه تطاول على الدولة المسماة إسرائيل...صحيح من أنتم لترشقوا "السيدة الأولى"..تخيلوا لو فعلها عربي....يااااااااااااااااااااااااااااااااااااه!

تنويه خاص: تقريبا لم تبق جهة في الكوكب ما استنكرت قرار سلطة الإرهاب والاحتلال باعتبار منظمات أهلية فلسطينية أنها "إرهابية"...والنتيجة حكومة "الثنائي ونصف" ولا عبالها...لأنها عارفة "دية الصراخ"...والباقي عندكم!