في جنازات القتلى الفلسطينيين يردد الشبان الهتاف التالي: «يا أم الشهيد نيالك يا ريت أمي بدالك». إنهم يكذبون. فهم يعرفون جيداً أن أم الشهيد يعتصرها الألم، وأن أمهم لا تريد أن تكون مثلها. يجب رؤية أبناء العائلة والاصدقاء وهم يبكون على الشباب الذين ماتوا لمعرفة الى أي حد هذا الشعار كاذب ومناقض للواقع. يصعب القول ما هي درجة تأثير هذا النداء على كل واحد من الشبان الذين قرروا في الاسابيع الاخيرة أن يموتوا ويقتلوا الاسرائيليين. الامر المؤكد هو أنهم لم يتأثروا بالتصريحات الرسمية – الجديدة لنائب الدولة شاي نتسان – بأن هدم البيوت هو أداة رادعة، فالقول بأن هدم البيوت سيمنع العمليات هو قول كاذب. في 6 تشرين الاول هدمت القوات الاسرائيلية في القدس بيتين وقامت باغلاق آخر: الثلاثة تعود ملكيتها لفلسطينيين قتلوا اسرائيليين في القدس وهم ايضا قُتلوا. ومن بقي يعاني هم ابناء العائلة. الهدم وبموافقة المحكمة تم بسرعة بعد أن حصلت في الاسبوع الذي سبق عمليات قتل فيها اربعة اسرائيليين، اضافة الى حادثة طعن اصيب فيها شاب اسرائيلي. وما الذي حدث بعد اسبوع الردع؟ بدأت ظاهرة ثلاث عمليات طعن أو محاولة طعن في اليوم الواحد. في 7 تشرين الاول، ثلاث عمليات طعن في ثلاث مدن داخل اسرائيل. في 8 تشرين الاول اربع عمليات طعن، وفي اليوم التالي طعن في القدس وكريات اربع (يهودي يطعن فلسطينيا والشرطة المصابة بالهستيريا تطلق النار على شابة من الناصرة لم تلحق الأذى بأحد). في 10 تشرين الاول عمليتا طعن في القدس. في 11 عملية دهس وطعن في حديقة شموئيل، وفي 12 تشرين الاول عملية طعن ومحاولتي طعن ومحاولة خطف سلاح في القدس، وفي 13 تشرين الاول عمليتا طعن في رعنانا مع اصابات وعمليتان في القدس، قتل فيها اربعة اسرائيليين. العمليتان نفذهما ثلاثة شباب من جبل المكبر وهو المكان الذي تم فيه هدم بيتين من البيوت في 6 تشرين الاول. النسبة اليومية للعمليات والمحاولات استمرت حتى 19 تشرين الاول. وانتقلت نقطة الارتكاز الى العمليات الفردية من القدس الى الخليل. لأن تكتيك الردع أثبت نفسه. في 20 تشرين الاول وبايعاز من وزير الدفاع، موشيه يعلون، هدمت القوات الاسرائيلية بيتا في الخليل تابعا لشخص قتل اسرائيليين في العام الماضي. وما الذي حدث بعد ذلك بساعات؟ ثلاث عمليات طعن وعملية دهس (حسب السائق الفلسطيني كانت هذه حادثة طرق). في 14 تشرين الثاني وحتى 3 كانون الاول أرسل القضاة والقادة العسكريون القوات لهدم سبعة بيوت اخرى خمسة منها في نابلس وواحد في قلنديا وواحد في مخيم شعفاط. هل سمعتم عن توقف محاولات الطعن؟ لا يمكن معرفة اذا كان القتلى الاسرائيليون الاخيرون قتلوا بسبب قرار المحكمة بهدم البيوت. كل ما نعرفه هو أن مصادقة القضاة لم تمنع موتهم. من اجل تشويش فشل تكتيك الردع تجند اسرائيل «التحريض الفلسطيني» لكي تستفيد. وبذلك يُشبه المتحدثون الاسرائيليون، وعلى رأسهم نتنياهو، لوبي نقابات النفط الذين ينفون الصلة بين انتفاضة الافراد وبين اعمال النظام الغريب المفروض عليهم. لكنهم يمتازون بهدم المزيد والمزيد من البيوت من اجل الردع. الامر الذي يثبت مرة تلو الاخرى أنه لا يوجد ردع.
عن «هآرتس»