ماذا يعني العنف الزوجي
الزواج علاقة إنسانية لابد من قيامها لتماسك المجتمع، واستمرار الجنس البشري على الأرض، وهذه العلاقة قائمة بين طرفين هما المرأة والرجل، وحتى تؤدي الأسرة دورها في بقاء الجنس البشري، وتماسك المجتمع، يجب أن تقوم عل. أسس ودعائم وثقافة تكفل لها تلك الأسباب، وقد كفل الإسلام ذلك بما وضعه من قواعد، وأحكام، تحكم تلك العلاقة دون ظلم لأي طرف.
ولكن هذا الأمر لا يخلو من تفاوت، لأن تعاملات البشر تختلف من شخص لشخص آخر، كما أن احتياجاتهم أيضاً تختلف، ويحتاج كل طرف في العلاقة الزوجية إلى التقدير، والود، والتفاهم حتى تبقى الأسرة قائمة، ولا تنفك عراها، ولكن ليست كل الزيجات كبعضها، وهناك الكثير من الأمور التي لابد من إلقاء الضوء عليها.
انتشرت في الآونة الأخيرة بعض المصطلحات التي تتعلق بالعلاقة الزوجية والأسرية، منها مصطلح الاغتصاب الزوجي والعنف الاسري، وهنا للأسف لم يتم بيان او توضيح تلك المفاهيم، والتي اختلطت في أذهان البعض وتداخلت، وأصبحت بعض الكلمات تشير إلى معاني أخرى بداية فإن العنف الزوجي قد يكون متعلق بالعلاقة الحميمة، وقد يكون منفصل عنها.
كما أن العنف قد يكون مقتصر على علاقة الزوجين، وقد يمتد للأطفال، أما مصطلح الاغتصاب الزوجي، فلا وجود له في الإسلام، فقد كفل الإسلام للمرأة حق الطلاق ، وحق الخلع، حق طلب التطليق من القاضي، ولم يجعل العلاقة إجبارية عليها كما يفهم البعض وكما يوجد في أديان أخرى.
لذلك يمكن تقسيم العنف الزوجي إلى عدة عناوين رئيسية يتبين فيها أشكال العنف في العلاقة الزوجية، وهي كالتالي:
العنف من خلال الاغتصاب الزوجي
هذا المصطلح نشأ مع الانفتاح على الثقافة الغربية، ولم يكن له قديما معنى أو مفهوم خاص بالأسرة المسلمة، وذلك لأن اتباع أوامر الدين حدد الواجبات والحقوق لكل طرف، وبين لمن لا يحتمل تلك التكاليف طرق الخلاص، فكان الزوج يعلم من خلال أحاديث النبي، وأيات القرآن الكريم ضرورة الملاطفة.
ومن ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم وفي حديث شريف عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة، وليكن بينهما رسول، قيل: ما الرسول يا رسول الله؟ قال: القبلة والكلام”.
كما نبه على المرأة ضرورة الاستجابة لزوجها، قال: قال رسولُ الله ﷺ: إذا دعا الرجل ُ امرأتَه إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكةُ حتى تُصبح متفق عليه. وفي روايةٍ: حتى ترجع، المرأة التي تكره معاشرة زوجها أن تطلب الطلاق، أو الخلع، أو تقبل من زوجها أن يجعل له زوجة أخرى.
وكل ما سبق من حلول في الواقع كانت أمور بسيطة، ويمكن تطبيقها بيسر لو كانت جميع الأطراف تطبق شرع الله وأحكامه، لكن المشكلة تكمن في البعد عن الدين، فالمرأة قد تكره الرجل، ولكن تخشى الطلاق للاحتياج المادي، ولا تقبل بزوجة أخرى خشية العدل بينهما، كما تخشى تقصيره في الإنفاق ليظل الطرفان في حلقة مفرغة من الصراع، لذلك فإن الإسلام لا يوجد فيه اغتصاب زوجي، لكن الأمر يتعلق بما وصل إليه حال البشر من الابتعاد عن أحكام الإسلام.
العنف اثناء العلاقة الخاصة
وهذا النوع من العنف في أثناء العلاقة، هو نوع من أنواع ممارسة العلاقة الخاصة بشكل عنيف وعلى الأغلب يكون هذا العنف موجه من الرجل تجاه المرأة، وهو بدافع فرض السيطرة، والشعور بالرجولة، والسيطرة على المرأة، وقد يتمثل هذا النوع في الجذب من الشعر، أو العض، أو التقييد، أو إحداث بعض الخدوش.
العنف اللفظي والجسدي الزوجي
لا يخلو الامر أيضاً من وجود عنف لفظي وجسدي في العلاقة الزوجية، موجه من طرف تجاه طرف آخر، وهو في العادة موجه من الرجل ضد المرأة باعتبارها الطرف الأضعف في العلاقة.
ويتمثل هذا النوع من العنف من الألفاظ البذيئة، أو الإهانة والتجريح، أو التهديد بالطلاق، أو الزواج وغيره، ومنه أيضاً الحبس والمنع في البيت وعدم الخروج لأي أمر حتى الضروريات، والطوارئ، وهناك كذلك الضرب، وهو من أشهر أشكال العنف، وكذلك قلة الإنفاق.
العنف الجنسي في علم النفس
لا يمكن للعلاقة الزوجية أن تسير بهدوء وسلام مع وجود طرف لا يحترم الطرف الاخر، وعدم الاحترام قد تتعدد صوره واشكاله، ولكن الرجل في طبيعته، العنف، وهذا لأسباب فسيولوجية، حيث توجد بعض الهرمونات في الجسم، والتي تدفع إلى التصرف العنيف تجاه الآخر، وهي أيضاً السبب في الرغبة في السيطرة، لذلك فالأمر في ذاته طبيعه فيه.
لكن هذا الجزء من التكوين البيولوجي للرجل لا يعد مبرر أن يتمادى الرجل في العنف، وإلا ما كان هناك فرق بين الإنسان وغيره من المخلوقات، التي لاتعقل التصرف إلا من طبيعتها البيولوجية، ويجب أن يكون للرجل سيطرة على تلك الطبيعة، وخاصة في علاقته مع المرأة، وفي العلاقة الخاصة، حتى لا يتخطى العنف الجنسي الحدود.
العلاج هنا في حالة العنف الجنسي من الرجل يحتاج إلى توجيه الزوجة للزوج وطلب التعامل منه بشكل مختلف، ووقف ما يؤذيها، وإذا استطاع الزوج أن يغير ذلك، فهو دليل على أنه إنسان طبيعي، وليس مريضاً، أما إذا رفض التغيير فهذا معناه أن هذا الرجل يعاني من شكل من أشكال المرض، أو الانحرافات والتي يمكن تقسيمها من خلال نظرة علم النفس إلى ما يلي:
- السادية، وهي حالة الزوج الذي لا يجد متعة في العلاقة إلا بتعذيب الزوجة.
- المازوخية وهي على العكس، حيث لا يستمتع الرجل بالعلاقة إلا إذا عذبته الزوجة.
ومن المهم أن يكون لدى الطرف الآخر علم بأن تلك الأشكال الخاصة بالعنف الجنسي، قد تكون هي أيضاً مصابة بنفس المشكلات النفسية التي يصاب بها الرجل في العلاقة الخاصة والرغبة في العنف، وهو أمر وارد رغم ما يعرف عن المرأة من أنوثة ورقة، لكنه موجود.
أنواع الرجال في العلاقات الزوجية
كل إنسان وله أسلوبه في الحياة وطريقة تعامله مع غيره، والأمر نفسه في العلاقات الزوجية بين الرجل والمرأة واعتبار الرجال جميعاً قالب واحد هي مشكلة قد تقع فيها المرأة لتعميم تجربة غيرها عليها، وهو أمر غير صحيح، بل إن حتى التصنيف الذي قد يضم مجموعة صفات مشتركة، لا يمكن أن يجعل الجميع متشابهون، ويمكن تقسيم الرجال إلى تقسيم مبدئي، أو أولي، وهو كالتالي:
- الزوج الغاضب وهو الزوج الذي لا يستطيع إدارة انفعالاته بشكل صحيح، وسوي، ولا يجد سبيل للتعبير عن انفعالاته سوى بالغضب، وهذا النوع يحتاج الصمت وقت ثورته حتى تمر العاصفة.
- الزوج المثالي وهو الزوج الذي يتميز بعدة صفات جميلة، من الكرم والرحمة، والطيبة، وهو يعرف حقوق عائلته ويؤثر على نفسه.
- الزوج الناقد لكل شئ، وهذا النوع من الرجال ليس لديه مشكلة حقيقية في المنزل، أو مع زوجته لكن فكرة النقد على أسلوبه في الحياة، لذلك فعلى من يتعامل معه ان لا يأخذ طريقته بأنها إهانة شخصية، فهو قد ينتقد حتى الحيوانات التي تعبر الطريق أمامه.
- الزوج فائض الرومانسية، وهو رجل لا يستطيع أن يعيش بدون امرأة في حياته، لذلك لا مانع لديه أثناء انشغال المرأة أن يقيم علاقات ولو سطحية وسريعة، وتزيد علاقاته في فترات الخصام، لذلك فهو يحتاج لاستشارة متخصصة.
علاج العنف الجنسي
العاقل هو من يلجأ لحل مشاكله، ويبحث لها عن علاج مناسب، لذلك فإن العنف الجنسي مشكلة، وعلاجها يبدأ بمعرفة مفهوم العلاقة الحميمية، والتي تعتمد على تفهم الغرض منها وهو تفريغ الطاقة الجنسية بشكل لا يتعارض مع النفس السوية، وأيضاً تغيير بعض المفاهيم التي تبنى على عدة أمور منها أن المتعة متعلقة بالعنف، مع ضرورة طلب المساعدة المختصة لتعديل هذا السلوك.