هارتس : منصور عباس يعني "حماس" !

0A4A0983-323E-4040-98A0-60987A26316C-e1608481804606.jpeg
حجم الخط

بقلم: جدعون ليفي


الشعار الذي يلوّح به اليمين كي ينشر الرعب ويفكك الائتلاف الحكومي هو صحيح إلى حد ما. منصور عباس هو بالفعل "حماس". لسنا بحاجة إلى تفاهات عضو الكنيست فطين ملا [من "الليكود"]، "عباس يأخذ المال ويقتل جنودنا"، كي نفهم أن هناك تعاطفاً فكرياً ودينياً وقومياً بين "حماس" وعباس. لا يمكن أن يكون الأمر مختلفاً.
إسلامي فلسطيني يحمل الجنسية الإسرائيلية لا يمكنه أن يكون مختلفاً في هويته عن إسلامي فلسطيني لا يحمل الجنسية. ومن غير الممكن أن نتوقع ألا يتعاطف الواحد مع الآخر. الفرق بينهما السيرة الشخصية: يحيى السنوار وُلد في مخيم للاجئين في خانيونس في عائلة طُردت من المجدل، ولم يبق أمامه سوى الانضمام إلى الكفاح المسلح. وعباس منصور وُلد في عائلة ساعدها الحظ في أنها لم تُطرد، وتوجّه إلى طريق النضال الديمقراطي غير العنفي.
عملية مطاردة الساحرات التي يتعرض لها كل عربي يلتقط صورة له مع عربي وصلت إلى مرحلة بشعة: التقاط الصور معناه قتل جنود. قريباً سنكون أمام "إرهاب" الصور. لكن بالإضافة إلى هذا الجانب البشع هناك ظاهرة لا تقل بشاعة، ولا يمكن السكوت عنها. من الممنوع على الفلسطينيين أن يتعاطفوا مع بعضهم البعض. وليس صدفة أن تمنع إسرائيل هذا التعاطف. بعد نجاح مشروع التفريق وتفكيك الشعب الفلسطيني إلى شعوب: الفلسطينيون في إسرائيل، وفي القدس الشرقية، وفي الضفة الغربية، وفي غزة، وفي الشتات، تصعد إسرائيل درجة وتدين كل مظاهر التعاطف التي تتحدى التفرقة الخبيثة. من المسموح للعرب في إسرائيل التعاطف فقط مع محرقة اليهود، ومع قصائد بياليك، ومع أسطورة الفصح والروح اليهودية. أبناء الشعب الذي يقوم وجوده التاريخي على التعاطف بين الجاليات البعيدة يمنع أبناء شعب آخر من ذلك.
"ارسلوا شعبي"، إسرائيل أقامت الدنيا وأقعدتها عندما سجن الاتحاد السوفياتي مواطنيه، بينهم يهود. لم يُعتبر ذلك تآمراً أو تدخلاً في الشؤون الداخلية للاتحاد السوفياتي ولا في أمنه. لقد كان عبارة عن مسألة يهودية، ولذلك كان مسموحاً بها. من المسموح لـ "الموساد" قطع البحار لإنقاذ جالية يهودية، منتهكاً سيادة الدول بصورة فاضحة، ويُعتبر الأمر عملية إنقاذ. لكن أن يحاول رسام من حيفا إنقاذ شقيقته، وهي من مواليد البلد، من مخيم اليرموك المحترق، فإن هذا عملٌ تخريبيٌ.
أن تساعد في إنقاذ أخوتك الذين يتعرضون للقمع هو تخريب. من الممنوع جمع التبرعات للأيتام والفقراء في غزة لأن الكل يقول إنها مساعدة لـ "الإرهاب". فقط من المسموح للمستوطنات جمع الأموال بصورة جنونية. لنتخيل فقط لو أن الولايات المتحدة تجرّم أي تعاطف يهودي مع إسرائيل. بينما عندما يشارك فلسطينيون في مؤتمر ويذهب ناشط إلى غزة ويحول لها مساعدات، يُعتبر ذلك مساعدة للإرهاب. لماذا من الممنوع على أعضاء الكنيست العرب مساعدة أبناء شعبهم، ومن المسموح لأعضاء الكونغرس اليهود مساعدة إسرائيل، وأحياناً بصورة تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة؟
يوجد في غزة عشرات الآلاف من الأرامل وأيتام الحرب، ضحايا إسرائيل، يجب أن نسمح للمواطنين العرب في إسرائيل بمساعدتهم، هذا واجبهم الأخلاقي. وإذا كان هناك مجال للشكوى فهو تجاهُل جزء منهم مصير إخوانهم. اليهود ما كانوا ليسكتوا إذا جرى لأخوتهم ما تفعله إسرائيل بأخوة العرب في إسرائيل. الفلسطينيون هم أخوتهم؛ أحياناً أخوتهم بيولوجياً، وأحياناً أبناء عمومتهم، ودائماً أبناء شعب واحد. ليس هناك عربي في إسرائيل لا تربطه علاقة بلاجئ يعيش تحت احتلال دولة قامت على خراب وطنه، وهو مواطن فيها طوعاً، أو غصباً عنه.
عندما يُبدي منصور عباس مظاهر صغيرة من تعاطفه مع أخوته ويحاول أن يوصل إليهم مساعدة يأتي الهجوم العنيف تحت غطاء كاذب بأن كل شيقل يحوَّل إلى غزة هو شيقل يحوَّل إلى "الإرهاب". لكن الحقيقة هي أن التعاطف يمكن أن يضر بمشروع التفرقة القومي، لذلك هو خطر في نظر إسرائيل. نظام ديمقراطي يجب أن يسمح لمواطنيه بالتعاطف مع أخوتهم ومساعدتهم. لكن هذا لا يحدث عندما تكون الديمقراطية يهودية والدولة يهودية - ديمقراطية.

عن "هآرتس"