الأسرى الفلسطينيون: ما المطلوب؟

pXpo2.png
حجم الخط

بقلم:د. أسعد عبد الرحمن

 

لا خلاف على أن البعد الإنساني في قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون ‏الاحتلال الإسرائيلي يأخذ حيزا كبيرا، إلا أن قضية الأسرى ليست قضية إنسانية ‏فحسب. فهي تشكل أحد أهم قضايا الصراع مع العدو الصهيوني، وجزءا أساسيا من ‏نضال حركة التحرير الوطني الفلسطيني، وأحد دعائم مقومات القضية الفلسطينية، ‏وتحتل مكانة عميقة في وجدان الشعب الفلسطيني لما تمثله من قيمة معنوية ونضالية، ‏بل هي أضحت، في بعض الأحيان، حركة قائدة ومبادرة في العمل الجمعي ‏الفلسطيني كما هو حالها في الماضي (وثيقة الأسرى) ومثلما هي اليوم‎.‎

لقد سلط نجاح الأسرى الفلسطينيين الستة في الفرار من سجن جلبوع الضوء ‏على واقع المعتقلين داخل سجون الاحتلال حيث يقبع (4850) أسيرا فلسطينيا وسط ‏معاناة كبيرة جراء الانتهاكات التي يتعرضون لها يوميا. فهؤلاء يعيشون في ظروف ‏غاية في الصعوبة، تفتقد لأدنى مقومات الإنسانية، وتشتد هذه الظروف قساوة مع ‏دخول فصل الشتاء، وعدم تلقي العلاج اللازم والاحتياجات الضرورية. وحسب آخر ‏إحصاءات “هيئة شؤون الأسرى” فإن من بين إجمالي الأسرى يوجد (43) سيدة، ‏و(225) طفلا، كما يعاني أكثر من (500) أسير وأسيرة -حسب الهيئة- من أمراض ‏مختلفة، بينهم العشرات من ذوي الإعاقة ومرضى السرطان‎.‎

ومما يجدر ذكره ما جاء في إحصائية “لنادي الأسير الفلسطيني”: “543 ‏معتقلا يقضون أحكاما بالسجن المؤبد (يساوي 99 عاما حسب القانون العسكري ‏الإسرائيلي) لمرة واحدة أو عدة مرات، فيما تشير المعطيات إلى أن (34) أسيرا ‏مضى على اعتقالهم أكثر من (25) عاما داخل السجون، في حين مضى على اعتقال ‏نحو (13) أسيرا ما يزيد على (30) عاما متواصلة”. أما عدد المعتقلين الإداريين ‏‏(من دون محاكمة)، فقد بلغ، بحسب “هيئة شؤون الأسرى” 540 معتقلا إداريا من ‏بين إجمالي الأسرى‎.‎

بالمقابل، تؤكد مصادر عدة (منها ما هو إسرائيلي) حقيقة أن سلطات الاحتلال ‏صعدت من وتيرة اعتداءاتها بحق الأسرى الفلسطينيين، خاصة الأطفال الأسرى، ‏مشيرة إلى أن هذه الاعتداءات ليست أمرا مستجدا، لكنه يفسر عمليا حالة التصعيد ‏الممنهجة التي تتبعها إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى الأطفال، لاسيما منذ ‏تصاعد حدة المواجهة في أيار/ مايو الماضي‎.‎

اليوم، ومع ما تقوم فيه الحركة الأسيرة، في ظل الانقسام الفلسطيني/ ‏الفلسطيني الخطير والبائس، ومحاولاتها فرض نوع من الوحدة النضالية مجبرين ‏سلطات الاحتلال على التفاوض مع قياداتهم، من المهم أن يعاد الإعتبار لدور الحركة ‏الجمعي. ذلك أن تجربة الحركة رسخت لمعارك نضالية طاحنة اكتسبتها الحركة ‏وتدافع عنها دائما، فهي التي نجحت باقتدار بتحويل السجون إلى مدارس نضالية بدل ‏أن تكون كما أراد لها المحتل: معازل لكسر إرادة المناضلين‎.‎

يبقى أن على جميع الشرفاء ودعاة حقوق الإنسان في العالم بذل مزيد من ‏التحرك في الساحات الدولية والإقليمية لتدويل قضية الأسرى واعتبارها قضية ‏إنسانية عالمية، والتوجه إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي للحصول على فتوى ‏قانونية حول الوضع القانوني للأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال، وتحديد ‏المحكمة لالتزامات دولة الاحتلال القانونية تجاه هؤلاء المعتقلين وضرورة إلزامها ‏بتطبيق اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة على الأسرى واعترافها بهذه الاتفاقيات ‏للحفاظ على مكانتهم الشرعية كمحاربين قانونيين. وبعبارة كبسولية: لا بد من تدويل ‏قضية الأسرى الفلسطينيين.‏