يرى أشخاص كثيرون أن العمل يخلق في صفوفهم شعورًا جيّدًا، ويجعلهم يشعرون بالأهمّية، بل يُعطيهم ربما قيمة في المجتمع، إلا أنّ البعض يجعل الوظيفة تطغى على حياته، ويرى في ذلك التفاني والولاء للمؤسسة.
على الرغم من أن الخبراء يرون أن الجانب المهني ينبغي أن يكون له أهمية عالية في حياة الفرد، حتّى يتمكّن من تعلّم مهارات جديدة تساعده في تطوير الذات، وجني المزيد من المال، ما يُحقّق له الاستقرار المالي والأسري في بعض الأحيان، إلا أن المثل الشعبي يفيد بأن "كلّ أمر يزداد عن حده ينقلب ضده".
آليات مساعدة في التخلّص من إدمان العمل
إدمان العمل ظاهرة شائعة اليوم، إذ تفيد إحصائيّات بأن 10% من السكان في الولايات المتحدة مصابون بإدمان العمل، وبأن نحو 8% من السكان في النرويج ينتمون إلى فئة مدمني العمل. يصيب هذا النوع من الإدمان الأشخاص الملتزمين بالعمل، بشكل كبير، أولئك الذين تقدّر نسبهم بين 15 و25% من الأفراد في العالم. في السطور الآتية، بعض الآليات التي تساعد في التخلص من هذا النوع من الإدمان، إذا كان القارئ مصابًا به، وذلك وفق ما ذكرته "هارفارد بزنس ريفيو":
إعادة تعريف النجاح
يميل مدمن العمل إلى الكمال؛ صحيح أن الإنجازات المهنية ضرورية لأي فرد، ولكن حتى يعيش الأخير حياة "طبيعيّة"، عليه أن يرسم خطًّا فاصلًا بين ساعات يومه أي أن يعطي العمل حقّه، كما صحّته ورفاهيته وعائلته، فلا ينبغي أن تتمحور قيمة المرء الذاتيّة حول المكانة في العمل والراتب. وفي هذا الإطار، يفيد التذكير دائمًا أنه لا يمكن للمرء أن يكون الأفضل في كل الأمور، وعليه محاولة أن لا يقسو على نفسه بكثرة العمل.
إعادة تركيز الانتباه
على الموظّف مدمن العمل، التفكير في الطريقة التي يرغب في أن يقضي بها وقته، فالمثل الشعبي القائل "العمر بيخلص والشغل ما بيخلص" بليغ في الإشارة إلى أنّه سيكون هناك دائمًا المزيد من العمل الذي يتعين عليه القيام به. بالمقابل، ينبغي على الموظف أن يتخذ قرارًا واعيًا بتخصيص الوقت للعمل والعائلة والترفيه، فلكل جانب من الجوانب المذكورة فترة زمنيّة محددة.
الحديث إلى مدير العمل
يقترح بعض المتخصّصين طلب المساعدة من أحد أفراد العائلة أو من صديق، وذلك للتخلّص من هذا النوع من الإدمان، إضافة إلى ضرورة المناقشة مع رئيس العمل في التغييرات التي سيقوم الموظّف مدمن العمل بها، وأسباب ذلك. لا يُمكن إقناع رئيس العمل بتقليل المهام التي سيؤديها، إلا من خلال شرح المنافع التي ستعود على العمل جرّاء التخلّي عن عادة إدمان العمل.
الأولوية للصحّة الجسدية.. والنفسية
لا يُمكن لأي فرد تحقيق الإنتاجية في العمل، إذا لم يعتنِ بنفسه، فالطاقة الإبداعيّة تتطلب الحصول على ساعات نوم كافية وتغذية سليمة وممارسة التمرينات الرياضية. الجدير بالذكر أن الموظّفين الذين يعطون الأولويّة لصحتهم الجسديّة والنفسيّة، فيتناولون وجباتهم الصحية والمتوازنة في مواعيدها، كما يأخذون فترات من الراحة، ويمارسون التمرينات، يتمتعون بمزيد من الطاقة وبمستوى تركيز أفضل.
السموم الرقميّة
يخلق الهاتف الذكي، في بعض الأحيان، التشتّت لصاحبه، كما يصيبه بقلّة الانتباه، وهو قد يزيد مشكلة إدمان العمل سوءًا. لذا، ينبغي إبعاد الجهاز المذكور عن متناول اليد، بعد انتهاء دوام العمل، حتّى يتمكّن المرء من التمتّع بمحادثات "صحّية" مع أفراد العائلة (أو الأصدقاء)، علمًا أن جودة المحادثة بين شخصين، ومحتواها، يتأثران سلبًا في حضور الهاتف الذكي، حسب دراسات. أضف إلى ذلك، يُمكن الاستغناء عن استخدام الهاتف، وعن اعتباره أداة لتقضية الوقت، وذلك أثناء انتظار الدور في العيادة الطبية او أثناء التوقف في طابور. قد يكون الأمر صعبًا في بادئ الأمر، إلا أنّه سيساعد المرء في الاستمتاع باللحظة لاحقًا.
تدريبات اليقظة
فوائد تدريبات اليقظة الذهنية كثيرة لأولئك الذين يحاولون التخلّص من إدمان العمل، فهي تساعد في الشعور بالتحكم والقدرة. أضف إلى ذلك، يوصي الاختصاصيون بممارسة التأمل.