كيف نتعامل مع الموقف المشحون؟

download-2.jpg
حجم الخط

بقلم بكر أبوبكر

 

 

 هل نستطيع أن نكون لامبالين أم هل نستطيع أن نمتص غضبنا ونكظمه؟ أم نكون بلداء لا نحسّ ولا نهتم، أم ننعزل كي لا نثور؟ وما بين الكظم والبلادة يأتي التوازن بالقدرة على الامتصاص أو الكظم وصولا للتسامح والصفح والعفو.

في جميع الاتصالات الشخصية فإن المحظورات الذاتية قد تشكل الأساس حين الثوران والانفعال فلا يجوز بحقيقة الأمر التعرض لذات الشخص (طوله، لونه،نسبه،شعره...،...) ولا يجوز التعرض لأسرته الصغيرة، أو فيما يراه خاصًا أو مهمًا له وإلا فإننا نتعمد إثارة الآخر ونتعمد معاداته، ولقد كان المفكر العربي الكبير خالد الحسن (أبوالسعيد) (1928-1994م) يردد في آذاننا دومًا: لا تشتم ذات الشخص فتعاديه لأنه لن ينسى، وانقد فقط الموقف، فالموقف متغير وذات الشخص محترمة.

لماذا نتصادم؟ ولماذا نختلف؟ ولماذا تستثار الانفعالات ؟ من الممكن أن يكون مردّ ذلك الى:
• اختلاف الاهتمامات، المفاهيم، الاحتياجات...
• التعرض للنقاط المثيرة أو الحساسة
• اختلاف المواقف فكل قد يقف من الموقف على طرف مختلف
• شحن الذاكرة واسترجاع الذكريات
• التراكمات ضد مواقف أو شخوص...الخ.
• عدم القدرة على التزحزح ، والشخصية الغضوبة العنيدة المتعصبة

نتصادم وقد نُشحن شحنًا سلبيًا فتكون انفعالاتنا على درجة من الشدّة تؤدي للانفجار كما قلنا وهنا يصبح التعامل مع الموقف العنيف أو إدارته يحتاج لنظرة معمقة وتفكير وتمرين وتدريب وثقة فنحن، أو أنا أو أنت بين الأحوال أو البدائل التالية حين التعامل مع الموقف العنيف أوالمشحون

• الانسحاب وكأن الامر لايعنيك
• التقبل واللوم الذاتي
• الرفض ولكن التجاوز
• الرفض والرّد
• الرفض، والكمون بتأجيل الرد
وربما غير ذلك من حالات. والسؤال البارز هنا هو كيف نتجاوز الموقف السلبي أوالمشحون أو العنيف تجاهنا؟

الحواشي:
ان فهمت اللامبالاة بعدم الرد على السفهاء أو الجهلاء فهي واجب، حيث قال تعالى: (َعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)-الفرقان) وليس كما قال الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم: أَلاَ لاَ يَجْهَلَـنَّ أَحَـدٌ عَلَيْنَـا/فَنَجْهَـلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِيْنَـا.

2 حُكيَ أنَّ جارية كانت تصبُّ الماء لعلي بن الحسين، فسقط الإبريق من يدها على وجهه فشجَّه، أي: جرحه، فرفع رأسه إليها، فقالت له: إنَّ الله يقول: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ فقال لها: قد كظمت غيظي. قالت: وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ قال لها: قد عفوت عنك. قالت: وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 134]، قال: اذهبي فأنت حرَّة لوجه الله. وقصة اخرى حيث الخليفة دخل عمر بن عبد العزيز المسجد ليلة في الظلمة، فمرَّ برجل نائم فعثر به، فرفع رأسه وقال: أمجنون أنت؟ فقال عمر: لا. فهمَّ به الحرس، فقال عمر: مه، إنما سألني أمجنون؟ فقلت: لا.

3 "اصفح، ودع الأمور تسير، ولا تنسى. تخفف من الحمولة العاطفية المشحونه، سامح ولا تنسى فلا تتعامل ثانية مع المسيء"-من مقال د.بنجامين هاردي المعنون: ثلاثون مسلكية تجعلك [ديموميّاً] (غير قابل للتوقف).

4 يقول الشيخ ابن تيمية:(وكان بعضهم يعذر كل من خالفه في مسائل الاجتهادية ، ولا يكلفه أن يوافقه فهمه)-من المغني.

5 لا يتزحزح عن رأيه حتى لو كان خاطئا كما أوضح له الجميع، لأنه يظن بذلك حين يفعله الانتقاص من ذاته أي حين إقراره بالخطأ فيمتنع عن التزحزح عن رأيه. ولا يرى للأسف مساحة في عقله وقلبه.

6 يقول الإمام الشافعي: ماجادلت عالما الا غلبته، وماجادلني جاهلٌ الا غلبني.