إسرائيل: ماذا بعد المصادقة على الميزانية؟!

هاني حبيب.jpg
حجم الخط

بقلم: هاني حبيب

كان الجميع ينتظر المفاجأة، سواء داخل قاعة الكنيست أو خارجها من المتابعين ووسائل الإعلام. الكل كان بحالة انتظار، في حين كانت قاعة الكنيست غاصّة بالنواب من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة. الكل كان ينتظر في حالة توتّر للحظة التي ستحدث بها المفاجأة التي لُوّح بها من قبل طاقم رئيس المعارضة نتنياهو. كان الكنيست منعقداً للمصادقة على الميزانية، لكن قبل ذلك سادت شائعات بأنّ الميزانية لن تمر، وأنّ هناك مفاجأة دبّرها المشعوذ نتنياهو. الشائعة تقول: إنّ هناك اختراقاً من قبله مع بعض نواب الائتلاف.. لكن المفاجأة أنها لم تكن هناك أي مفاجأة بهذا الصدد. ومع ذلك، فإن المفاجأة كانت في الحقيقة تتعلق بنتنياهو هذه المرة، وعلى المستوى الشخصي والحزبي، فعندما دخل نتنياهو إلى قاعة الكنيست لم يصفق أحد من ندمائه وطاقمه وحلفائه في المعارضة، على عكس ما كان الأمر عليه عندما كان رئيساً للحكومة، حيث كانت القاعة تضج بالتصفيق والتهليل من قبل هؤلاء عندما كان يدلف إلى قاعة الكنيست. عندها تبين على وجه اليقين أنّ نجوميته قد خفتت، ولم يعد قادراً على أن يقوم بمهام المشعوذ، وقد شكّل ذلك مفاجأة لنتنياهو؛ عندما صوّت عدة مرات إلى جانب الائتلاف عن طريق الخطأ، وكانت هذه أيضاً دلائل على سقوطه.
«إنّ هذا يوم عيد لإسرائيل»، هكذا علّق رئيس الحكومة بينيت عند المصادقة على الميزانية، وهو يعلم أنّ هذا العيد قد لا يستمر طويلاً، فهناك العديد من الألغام لا تزال في طريق حكومته وإمكانيات سقوطها قد تكون من داخل الائتلاف. وقد أشرنا في مقال سابق إلى أنّ هذا الأمر قد يبدو تخطيطاً من قبل بينيت نفسه؛ لقطع الطريق على إمكانية وصول لابيد إلى رئاسة الحكومة وفقاً لاتفاق التناوب.
أحد الألغام يعود إلى أنّ هناك مشاريع قوانين كانت تنتظر تمرير الميزانية كي يتم عرضها للتصويت عليها من قبل أطراف الائتلاف. على الأقل هناك مشروعا قانونَين، الأول يتعلق بتقييد ولاية رئيس الحكومة، والثاني منع متهم بمخالفات جنائية من تشكيل حكومة، والمشروعان تم اقتراحهما من قبل وزير العدل جدعون ساعر، ويلقى كلا المشروعين معارضة معلنة من قبل وزيرة الداخلية شاكيد، ورغم أنها لم تعد نائبة في الكنيست بموجب القانون النرويجي، إلّا أنّ عدداً من نواب حزب «يمينا» الذي يقوده بينيت معها يدعمون موقفها، وكان ساعر قد أرجأ طلب التصويت إلى حين تمرير المصادقة على الميزانية، بطلب من بينيت الذي لم يحدد بدوره موقفاً محدداً منهما، غير أنّ أوساطه ترجّح أنه سيدعم شريكته شاكيد على الأقل؛ خشية من شق صفوف «يمينا» الذي لن يتجاوز نسبة الحسم في الانتخابات القادمة، كما أفادت استطلاعات الرأي في الفترة الأخيرة.
إلّا أنّ اللغم الأخطر، والذي من الممكن أن يلحق الضرر بتوافق الائتلاف الحكومي، فيتعلق بإمكانية تنفيذ إدارة بايدن وعودها بفتح القنصلية الأميركية في القدس المحتلة، بعدما كانت قد أجّلت ذلك إلى ما بعد تمرير الميزانية؛ حرصاً على عدم سقوط حكومة بينيت، ذلك أنه بات واضحاً أنّ هناك انقساماً حاداً داخل الائتلاف حول هذه المسألة.
ولغم آخر لا يقل أهمية، فمع أنه قد تمّت المصادقة على الميزانية، إلّا أنّ هناك مشكلات تتعلق بتنفيذ بنود هذه الميزانية، أي عملية صرف المستحقات والاستحقاقات بناءً على الاتفاق الائتلافي، خاصة تلك المتعلقة بالوسط العربي، فمن المعروف أن الميزانيات السابقة لم تشهد تنفيذاً لبنود الصرف المتعلقة بهذا الوسط حتى بالحد الأدنى المطلوب، علماً أن هذه الميزانيات، وفقاً للميزانية الأخيرة، أقل بكثير من الاحتياجات الفعلية نظراً للهوة الواسعة مقارنة بالوسط اليهودي.