لماذا قررت واشنطن إدراج شركة "إن.إس.أو" على "القائمة السوداء"؟

رونين برغمان.jpeg
حجم الخط

بقلم: رونين بيرغمان


هذا أكثر بكثير من نزاع مع شركة تجسس رقمي من هرتسيليا. ففي القدس توصلوا الى الاستنتاج بأن على الحكومة أن تتجند وأن تشرع في معركة لإلغاء قرار ادخال"ان.اس.أو" الى قائمة الأجسام التي تعمل بخلاف المصلحة القومية الأميركة.
في الأسبوع الماضي، حين علم بإدخال شركة"ان.اس.أو" الى واحدة من قوائم المقاطعة لدى وزارة التجارة الأميركة، أُجريت في جهاز الأمن في إسرائيل عدة تقييمات عاجلة للوضع. وأجمل احد المشاركين الكبار فيها الأمر بـ !?What the Fuck (ما القصة؟!).
فاجأ الإعلان ان لم يكن اذهل القيادة السياسية، العسكرية، والاستخبارية الضالعة في الموضوع المركب والحساس. فقبل نحو ساعات قليلة فقط من نشره على الملأ هبطت رسالة الكترونية جافة من وزارة التجارة الأميركة في وزارتي الخارجية والدفاع وفي ديوان رئيس الوزراء، تبشر بما سيأتي. فالإخطار القصير عن الخطوة الحادة هو دليل آخر على المعاملة الشكاكة من جانب إدارة الرئيس بايدن تجاه حكومة إسرائيل في الموضوع، ان لم يكن اكثر من ذلك.
في إسرائيل طرحت الكثير من التقديرات بشأن الأسباب التي حركت الإدارة: بسبب المستوطنات التي اقرت، بسبب الاعتراضات على القنصلية في شرقي القدس، وبسبب الرغبة في الإظهار لمحافل حقوق الانسان بأن الحديث يدور عن عرض آخر تماما عن المعاملة الاستخفافية من جانب إدارة ترامب تجاهها، بسبب ضغط صحافيين غطوا شركة "ان.اس.أو" إعلاميا على الإدارة للعمل وغيرها.
النشر، أول من امس، في موقع منظمة حقوق الانسان "حماة الجبهة المتقدمة" ومعلومات أخرى تجمعت في الاسبوعين الأخيرين في جهاز الامن يوفر على ما يبدو جوابا أكمل. فالقشة التي قصمت ظهر البعير كانت اعلان وزير الدفاع غانتس عن ست منظمات حقوق انسان كمساعدة لتمويل "الإرهاب". النشر، أول من امس، وإدخال"ان.اس.أو" الى القائمة السوداء لم يحصلا هكذا صدفة بتقارب زمني كهذا بل تعانقا الواحد بالآخر.
يدور الحديث عن قسم من معركة هي منذ زمن بعيد ليست فقط نزاعا بين صناعة الانترنت الأميركة وشركة السايبر من هرتسيليا، كما ليس نزاعا بين الإدارة و"ان.اس.أو" بل جبهة واسعة فتحت بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركة وبين حكومة إسرائيل. نعم، نعم، حكومة إسرائيل برئاسة نفتالي بينيت أيضا، الذي يقال ان الإدارة تفعل كل شيء كي تساعده، على الا يعود نتنياهو.
في إسرائيل يعتقدون أنهم في الإدارة، او على الأقل أجزاء في جهاز الامن القومي ووزارة الخارجية الأميركة، لم يقتنعوا بالشروحات التي قدمتها لهم إسرائيل عن الأدلة التي جلبوها لتعريف المنظمات الستة كداعمة لـ "الارهاب". احد النشطاء الذين حسب التقرير تعرض لهجمة سايبر على هاتفه هو مواطن أميركي وقد رفع على ما يبدو شكوى الى الإدارة الأميركة. وتميز الأميركون غضبا حين سمعوا عن استخدام أداة سايبر ضد من يرونهم نشطاء حقوق انسان، فبدؤوا أو على الأقل سرعوا جدا الاجراء ضد "ان.اس.أو" وذلك كي يوصلوا لحكومة إسرائيل سلسلة رسائل حادة وشديدة.
ينبغي فهم معنى الإعلان بان"ان.اس.أو" "تمس بالأمن القومي وبالعلاقات الخارجية للولايات المتحدة"، في ان منتجاتها بيعت الى دول مستبدة استخدمتها للمس الفظ بحقوق الانسان. تضطر "ان.اس.أو" الى الحصول على رخصة تسويق وبعد ذلك رخصة تصدير من وزارة الدفاع لكل بيع لمنظومة بيغاسوس. ليس فقط في التفصيل حسب الدولة الشارية وتعهدها تجاه وزارة الدفاع بالا تستخدمه إلا لأغراض مكافحة الجريمة أو "الإرهاب" بل بتفصيل كامل، بما في ذلك حواس السايبر الدقيقة المشمولة في المنظومة، واي وكالة حكومية في تلك الدولة ستستخدمه.
بمعنى أن الإدارة تتهم بتلميح رقيق بأن وزارة الدفاع تمس بالامن القومي الأميركي، وذلك بعد أن أقيم قسم الرقابة على التصدير الأمني الذي يمنح رخص التصدير لـ"ان.اس.أو" في اعقاب فضيحة بيع طائرات الإنذار الاستخباري فالكون للصين من تحت انف الولايات المتحدة.
الامر يشبه ان تقوم "رفائيل" مثلا ببيع صاروخ الى الهند – وهذا أيضا يتطلب اذنا من قسم الرقابة على التصدير الأمني - فتستخدم الهند الصاروخ وتدمر به قرية في كشمير فتدخل الإدارة "رفائيل" في القائمة السوداء. هذا الفعل يغير بشكل دراماتكي العلاقات والتفاهمات التي بين إسرائيل وبين الولايات المتحدة.
في القدس لم يفهموا التغيير الذي طرأ في الرأي العام الأميركي تجاه إسرائيل، وأساساً تجاه كل ما يعد مساً بحقوق الانسان. أما الآن فهم على ما يبدو اكثر انصاتا بقليل. وهذا هو السبب الذي يجعل وزارة الدفاع، الخارجية، رئيس الوزراء، ورجال القانون يوشكون في الأيام والاسابيع القادمة على التجند في جبهة واسعة وفتح معركة حيال الإدارة لاجل الغاء قرارها بالنسبة لـ"ان.اس.أو".
لا يدور الحديث عن مجرد التجند من أجل شركة تجارية بل عن حرب على سلسلة مواضيع مركزية، سرية وحساسة للغاية تتعلق برأي المحافل العليا في إسرائيل بأمن الدولة.

عن "يديعوت"