هآرتس – أربع مزارع منفردة سلبت من الفلسطينيين ايضا بمساحة حولون في غضون خمس سنوات

حجم الخط

بقلم عميره هاس –

 

” بواسطة العنف المنهجي وبمساعدة الجيش قطع سكان البؤر الاستيطانية والمزارع المنعزلة طريق وصول المزارعين الى حوالي 21 ألف دونم على الاقل من الاراضي الزراعية. وفي الجيش قالوا إنهم يبذلون جهود كبيرة من اجل اجتثاث العنف في المنطقة”.

في السنوات الخمس الاخيرة سيطرت اربع مزارع منفردة لمستوطنين في الضفة على ارض فلسطينية بمساحة تشبه مساحة حولون (19 ألف دونم) أو مساحة بني براك (7300 دونم) ومساحة اللد (12 ألف دونم) معا. من خلال استخدامهم العنف المنهجي والقاء الرعب فان سكان البؤر الاستيطانية الاربعة وبمساعدة الجيش، سدوا الطريق تماما امام فلسطينيين للوصول الى اراضي تبلغ مساحتها 20866 دونم، التي اعتادوا في السابق على فلاحتها والرعي فيها.

الرقم القياسي تحتفظ به “مزرعة أوري” في محمية أم زوكا في شمال غور الاردن، التي اقيمت في 2016 وتمنع تجمعات فلسطينية من الوصول الى اكثر من 14 ألف دونم. بعدها تأتي البؤرة الاستيطانية تسفي بار يوسف من مستوطنة حلميش، التي اقيمت قبل ثلاث سنوات وهي تمنع مزارعي قرى جيبيا وكوبر وأم صفا من الوصول الى 2500 دونم من اراضيهم. مزرعة رعاة في جنوب غرب السموع، التي اقيمت في هذه السنة، سيطرت حتى الآن على 1850 دونم من قرية زنوتا. في العام 2020 اقيمت مزرعة في شرق بلدة يطا التي سيطرت على 1537 دونم من قرى في المنطقة. 

هذه المعطيات تتعلق فقط بأربع مزارع منعزلة من بين حوالي 50 بؤرة استيطانية مشابهة اقيمت في العقد الاخير، و150 بؤرة استيطانية اقيمت منذ تسعينيات القرن الماضي. اعضاء كثيرون في هذه البؤر يستخدمون العنف من اجل السيطرة على اراضي فلسطينية. أي أن المساحة الكلية التي نجحت هذه البؤر في السيطرة عليها اكبر بكثير من المساحة التي تمت الاشارة اليها. 

كحالة اختبار لهذه الظاهرة، التي من التسعينيات فقط تأخذ في الازدياد، اختارت “بتسيلم” خمس مناطق في الضفة التي تعمل فيها تسع مزارع (منها المزارع الاربع المذكورة اعلاه)، في شمال غور الاردن وشرق طمون وطوباس، والمنطقة القروية في شمال غرب رام الله، وقرى في جنوب غرب نابلس وقرى في شرق يطا وقرى في جنوب السموع. 

“بتسيلم” قامت بتوثيق وحساب وتقدير مساحة الاراضي وهي 28416 دونم، التي سيطرت عليها البؤر الاستيطانية ومستوطنة اخرى هي حلميش في هذه المناطق الخمسة، وهي المساحة التي تعادل مساحة كريات بياليك ونتفوت واوفكيم مجتمعة. جمعية “كيرم نبوت”، التي تحقق في سياسة السيطرة الاسرائيلية على اراضي الضفة الغربية، ساعدت في حساب الارقام التي توجد في التقرير وفي الخرائط. وحقيقة أن الامر يتعلق بنموذج وأن السلطات في اسرائيل لا تمنع العنف المنهجي، قادت بتسيلم الى الاستنتاج بأن هذه الظاهرة تخدم الدولة.

تقرير “بتسيلم”

يبدو أن “الحديث يدور عن مسارات مختلفة غير مرتبطة”، كتب في التقرير. “الدولة تسيطر على اراضي بطرق مكشوفة ورسمية، التي تمت شرعنتها من قبل مستشارين قانونيين ومن قبل قضاة (اكثر من مليوني دونم في الضفة منذ العام 1967)، في حين أن المستوطنين الذين يسعون هم ايضا الى السيطرة على الاراضي من اجل تحقيق اهدافهم، يستخدمون العنف ضد الفلسطينيين بمبادرة منهم ولاسبابهم الخاصة. ولكن هذا هو مسار واحد، عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين يخدم الدولة كوسيلة رئيسية، غير رسمية، من اجل السيطرة على المزيد من الاراضي في الضفة، وهو يجري بدعم كامل منها بمشاركة ممثليها ومساعدتها”. 

لم تحسب “بتسيلم” و”كيرم نبوت” بعد حجم السيطرة العنيفة لكل واحدة من هذه المزارع المنفردة وامتدادات المستوطنات على اراضي فلسطينية في الضفة. ولكن تقدير عام لزئيف حيفر (زمبيش)، السكرتير العام لـ “امانة” التي هي الذراع التنفيذية والتجارية لجمعية عوش ايمونيم، التي تقف من وراء اقامة هذه البؤر الاستيطانية. في مؤتمر في الانترنت عقد في شهر شباط  الماضي شرح حيفر بأن مزارع الرعاة هي وسيلة ناجعة للسيطرة على الاراضي الفلسطينية اكثر من بناء المستوطنات أو احياء جديدة. المساحة المبنية للمستوطنات هي 100 كم مربع، قال. والمزارع وحدها نجحت في السيطرة على ضعف هذه المساحة، أي 200 ألف دونم تقريبا. 

“من لديه الدافعية الصحيحة من اجل العمل والتشغيل يمكنه الوصول الى نتائج صحيحة”، قال حيفر في المؤتمر الذي عقد في الانترنت. في “بتسيلم” لا يعرفون كم هو دقيق التقدير الشامل لحيفر. ولكن فقط في مناطق اخرى في الضفة، التي لا يشملها هذا التقرير، فان امتدادات عنيفة لمستوطنات قائمة سيطرت على 36500 دونم اضافية على الاقل، 26500 دونم في منطقة مستوطنات شيلا وعيلي التي توجد في شمال شرق رام الله، و10 آلاف دونم في تقوع – نوكديم في جنوب غرب بيت لحم. 

التقرير يشمل 20 شهادة تصف عنف المستوطنين الذين يوجدون في البؤر الاستيطانية والمزارع المنعزلة بهدف ردع الفلسطينيين عن مواصلة العمل والرعي في اراضيهم، ويستند الى عشرات الشهادات الاخرى. الكثير من الاحداث العنيفة تم ويتم توثيقها. كتاب التقرير لم يتمكنوا بعد من تضمينه لهجومات حدثت في الاسبوع الماضي في مسافر يطا. الاول في 8 تشرين الثاني عندما قام احد سكان مزرعة “من” بضرب احد سكان قرية سعدة ثعلا وكسر يده. والثاني في 10 تشرين الثاني عندما قام اسرائيليون في بؤرة استيطانية جديدة اقيمت وتم تدميرها عدة مرات، بمهاجمة سكان قرية خلة ادبع مرتين. فقد ضربوا مزارع بالعصي وحطموا زجاج ثلاث سيارات، وفي الليل اطلقوا النار الحية واصابوا فلسطينيين.

في موازاة ابعادهم عن اراضيهم، التقرير وثق عملية الافقار لمزارعين فلسطينيين كثيرين وتجمعات كاملة. بضغط العنف والخوف فان المزارعين يغادرون ويقللون فروع اقتصادية تقليدية وفرت لهم مصدر الرزق بكرامة وبصورة مجدية مثل تربية الاغنام والمزروعات الموسمية. هم ينفقون مبالغ كبيرة على شراء الاعلاف والمياه للاغنام، التي تتم تربيتها في حظائر لأن المراعي وآبار المياه منعت عليهم. 

“هآرتس” توجهت الى الجيش والشرطة ووحدة منسق اعمال الحكومة في المناطق وطلبت منهم الرد على الاستنتاج الذي يظهر في التقرير، وهو أن عنف البؤر الاستيطانية والمزارع المنعزلة تخدم الدولة. وقد جاء من الجيش ردا على ذلك: “الجيش يبذل الجهود الكبيرة من اجل اجتثاث حالات العنف في المنطقة، وهو على اتصال مباشر مع الجهات المدنية والامنية المختلفة في هذه المناطق. الجيش سيواصل العمل في المنطقة من اجل فرض القانون والامن”. وقد رفضت الشرطة ووحدة منسق اعمال الحكومة في المناطق الرد.