في إطار سياسة الإحتلال ومشاريعه ومخططاته للسيطرة على المدينة وتهويدها وتغير كل معالمها وتغيير واقعيها الديمغرافي والجغرافي لصالح المستوطنين،وكذلك تحويل المشهد الكلي في المدينة من مشهد عربي - اسلامي- مسيحي الى مشهد يهودي تلمودي توراتي...ولتحقيق هذا الغرض والهدف تجري عمليات الطرد والتهجير والترحيل القسري في العديد من الأحياء المقدسية،أحياء سلوان الستة (البستان،بطن الهوى،وادي ياصول،وادي حلوة،وادي الربابة وعين اللوزة،كرم المفتي - حي الشيخ جراح الشرقي،جورة النقاع- كبانية ام هارون،حي الشيخ جراح الغربي وحي الأشقرية في بيت حنينا)،وكذلك مشاريع ومخططات التسوية التي تنفذ من اجل السيطرة على أكبر مساحة من الأرض المقدسية،تحت حجج وذرائع قانون ما يعرف باملاك الغائبين...
الى جانب هذا الإستهداف ولتحقيق هدف التغيير الديمغرافي المدينة لصالح المستوطنين،انتقلت عمليات إستهداف الحجر الفلسطيني من عمليات الهدم الفردية المتباعدة الى عملية ممنهجة يجري تنفيذها على مدار الساعة وبشكل شبه يومي وفق آليتين تسرعان من عمليات الهدم،وجزء منها يعفي المحتل من الظهور بمظهر العنصرية والتطرف والإجرام،من خلال إجبار المواطن المقدسي على هدم بيته بيديه،تحت طائلة التهديد بتحميله أجرة هدم بيته لجرافات وبلدوزرات وقوات الإحتلال التي تنفذ عملية الهدم،اما الألية الثانية في حالة الرفض فهي غرس " أنياب" جرافات وبلدوزرات الإحتلال في جدران واساسيات البيوت المنوي هدمها،ودفع المواطن المهدوم بيته تكاليف عملية الهدم.
نحن شهدنا اكبر "مجزرة" حجر جرى تنفيذها بحق 72 شقة مقدسية في منطقة وادي الحمص في صورباهر في تموز/2019،بحجة القرب من جدار الفصل العنصري،رغم أن اغلب البنايات والشقق التي جرى هدمها تقع في المنطقيتين المصنفتين ( الف وباء) وحاصلات على تراخيص من الحكم المحلي في بيت لحم.ولكن المحتل يتعامل مع السلطة على أساس ان دورها خدماتي،وليس لها علاقة بالجانب السيادي..ويبدو أن تسريع عمليات الهدم في المدينة وفق آليتي الهدم الذاتي والهدم بواسطة جرافات وبلدوزرات الإحتلال تتسارع لحسم مشروع تعزيز مكانة القدس ك" عاصمة" لدولة الإحتلال ،وتنفيذ عملية الضم،،حيث شهدنا عمليات هدم طالت محطات وقود ومغسلة سيارات ومحلات تجارية ومحل بيع قطع سيارات أول أمس في منطقة دوار" أبو الشهيد" في بلدة الرام،وما نتج عنها من ضرر وقطع ارزاق وفقدان فرص عمل،والهدف هنا واضح حفر نفق أسفل حاجز قلنديا ودوار جبع من أجل ربط البؤر الإستيطانية خارج جدار الفصل العنصري مع مدينة القدس من خلال ربط شارع 60 مع شارع 443 ،وكذلك العمل على فتح معبر ثالث في شمال المدينة الى جانب معبري قلنديا وحزما.
و"المجزرة" الشبيهة بمجزرة واد الحمص ،يجري الإعداد لها بحق عمارة مكونه من خمس طبقات في منطقة الحردوب في الطور،تعيش فيها 10 عائلات من سبعين فرداً في معظمهم من الأطفال والنساء ،حيث جرى تخيير سكانها بين أن تهدم بلدوزرات وجرافات الإحتلال البناية،ويتحمل السكان تكاليف الهدم 2 مليون شيكل،أو يقوموا بهدم بنايتهم ذاتياً،ورغم نجاح المحامي في تأجيل عملية الهدم للشهر القادم،فإنه بدون التفاف شعبي وجماهيري حول البناية وسكانها يفشل مخطط الهدم،فإن مصير البناية سيكون الهدم،فالمحتل عمل على مصادرة 45 دونم من أراضي بلدة الطور لصالح ما يسمى بالشارع الأمريكي،حيث سيضرر من تلك المصادرة 280 مواطن من أهالي بلدة الطور.
المحتل يستهدف الوجود المقدسي وفق ثلاث استراتيجيات تقوم على السيطرة على ما فوق الأرض،عبر تكثيف الإستيطان ،ليس فقط في اطراف وحول مدينة القدس،بل عبر زرع بؤر استيطانية في قلب المدينة،وكذلك السيطرة على العقارات والأراضي الفلسطينية سواء عبر ما يسمى بقانون أملاك الغائبين او الخداع والتضليل وتزييف وتزوير اوراق الملكية،أو ما يسمى ب فقدان" الجيل الثالث" أو عبر تسريبها من خلال ضعاف النفوس ومن خانوا شعبهم وقضيتهم وتجردوا من كل معاني الإنتماء والقيم الأخلاقية والدينية.أما الإستراتيجية الثانية فتقوم على أساس السيطرة على ما تحت الأرض،وبناء مدينة تحت المدينة القائمة
،وحفر أنفاق أسفل وحول المسجد الأقصى ،وكذلك حفر الأنفاق في بلدة سلوان توصل انفاقها مع انفاق البلدة القديمة من القدس ،أما الإستراتيجية الثالثة فتقوم على السيطرة على الفضاء،عبر ما يعرف بالقطار الطائر " التلفريك" والذي من خلال 73 عربة لهذا القطار الذي سيشوه معالم ومنظر المدينة،وما يتركه من أثار بيئية واقتصادية ومعمارية على سكان بلدتها القديمة واهالي بلدة سلوان،سيجلب 3000 مصلي يهودي وسائح اجنبي كل ساعة الى حائط البراق،بهدف ظاهرة تسهيل حركة المواصلات وتشجيع السياحة،ولكن المشروع له هدف وطابع تهويدي بحت،يتكامل مع المشاريع الأخرى لتهويد المدينة وعبرنتها.
ما يجري على هذه الجبهة،جبهة هدم المنازل،مقلق جداً ،حيث حوالي 22 ألف منزل مقدسي مهددة بالهدم تحت ذريعة البناء غير المرخص،ولذلك لا بد من رسم استراتيجية شاملة لكيفية مواجهة هذا المخطط ،مخطط تفريغ القدس من سكانها ...استراتيجية مقاومة هذا المخطط لن تتاتى عبر الشعار او البيان او المقابلات الصحفية، فلا مناص من جهد جدي وحقيقي يوظف كل الطاقات والإمكانيات الفلسطينية لمواجهة هذا النوع من الحروب،بحيث يتكامل الجهد الشعبي مع الجهد الرسمي،
وهذا يحتاج الى توفير مقومات الدعم والصمود لكل اللجان الشعبية التي سيقع عليها عبء العمل الشعبي،وسياسياً وقانونياً وحقوقياً ودبلوماسياً على الجهات الرسمية ان تستنفر كل طاقاتها ومؤسساتها وسفاراتها وبعثاتها الدبلوماسية لفضح وتعرية الإحتلال،وما يرتكبه من جرائم بحق شعبنا،وكذلك توظيف كل طاقات وإمكانيات الوسائل التكنولوجية ووسائل التواصل الإجتماعي من فيسبوك وانستغرام وواتس اب و" توك تك"وغيرها والبوستات والفيديوهات والرسائل النصية الكاشفة لحقيقة هذا الكيان العنصري،كيان يدمر بيوت وممتلكات المقدسيين،ويشرد اطفالهم ونسائهم وشيوخهم،ويجبرهم قسراً على نقل مركز حياتهم وسكنهم من المدينة الى خارجها.
الحرب شاملة على المقدسيين وبلا توقف ،تطاول كل مناحي وتفاصيل حياتهم،وخطط طردهم وترحيلهم تجري على قدم وساق،والتعامل مع المدينة وفق ردات الفعل ونظام " الفزعات" لن يحمي لا قدس ولا مقدسيين" ،لا بديل عن رؤيا شمولية واستراتيجية واضحة،وتوفير اعلى قدر من الإمكانيات المادية لتثبيت المقدسيين وتعزيز صمودهم، أخرجوا من دائرة الفئوية والتعامل بالقطاعي مع القدس وهمومها ومشاكلها،وعززوا من لجانها الشعبية،فهي حجر الرحى في المجابهة والتصدي للمشاريع التهجيرية والتهويدية.