أثار القرار البريطاني بتصنيف حركة حماس، حفيظة الحركة ومناصريها، وبعض الفصائل والأحزاب الفلسطينية، خاصة وأنه جاء مفاجئاً ودون أي مقدمات من قبل حكومة بوريس جونسون.
ويوم الجمعة الماضية، أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل أنها قدمت أمراً في البرلمان البريطاني لتعديل الفصل الثاني من قانون الإرهاب لعام 2000 لحظر حركة حماس بالكامل، بما في ذلك جناحها السياسي.
وذكرت باتيل أن حركة حماس تملك قدرات إرهابية كبيرة، بما في ذلك وصولها إلى أسلحة خطيرة ومتطورة بالإضافة إلى مرافق لتدريب الإرهابيين، وأضافت "من الصواب تحديث تلك القائمة لتعكس هذا التعديل، إنها خطوة مهمة، خصوصا بالنسبة للجالية اليهودية".
ورغم أن الذراع العسكري لحماس وهو كتائب القسام محظوراً في بريطانيا، إلا أن التصنيف الجديد سيشمل ذراعها السياسي، ويضم المكتب السياسي ومجلس الشوري، وكافة قيادات الحركة.
وفي أول رد فعل رسمي لحماس، أعلن رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، أن حركته بدأت التحرك لمواجهة القرار البريطاني باعتبار حماس منظمة "إرهابية".
وأكد هنية، في تصريح صحفي، ان حركته تعمل على عزل وإدانة القرار البريطاني عبر مكاتب العمل في قيادة الحركة وعلاقاتها الوطنية والعربية والإسلامية والدولية، وتتواصل الجهود من أجل قطع الطريق على الاحتلال للاستفادة منه.
وذكر ان القرار "اعتداء جديد على الفلسطينيين وحقوقهم، وخطوة مدانة ومستنكرة تعبّر عن الانحياز للاحتلال الإسرائيلي، وتتماهى مع محاولاته تجريم نضال الشعب الفلسطيني، وأن حجة القلق على الجالية اليهودية في بريطانيا كدافع للقرار كاذبة".
أما إسرائيلياً، فقد سادت السعادة لدى الأوساط السياسية، وقال رئيس الحكومة نفتالي بينيت أن "حماس منظمة إرهابية، وهو أمر واضح وبسيط. الجناح السياسي يساعد في نشاط جناحه العسكري. إنهم نفس الإرهابيون، ولكنهم يرتدون بزات".
وشكر بينيت رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على هذا القرار.
كما أعرب وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد عن شكره لوزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل، وقال إن "هذا قرار مهم وله مغزاه، وسيمنح أجهزة الأمن البريطانية أدوات إضافية لمنع استمرار تمدد حركة حماس ، بما في ذلك في بريطانيا".
ودانت سفارة فلسطين لدى المملكة المتحدة، قرار الحكومة البريطانية تصنيف حركة حماس منظمة ارهابية.
وذكر السفير حسام زملط، عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك "نعتبر هذا القرار تماهيًا خطيرًا مع أجندة دولة الاحتلال التي تسعى الى تجريم نضال الشعب الفلسطيني برمته وقتل فرص التوصل لحل عادل قائم على أساس القانون والقرارت الدولية".
وأضاف السفير زملط: "توجه الحكومة البريطانية يشكل انحياز صارخ لدولة الاحتلال وخرق للقانون الدولي ومسؤولية بريطانيا التاريخية اتجاه الشعب الفلسطيني، والذي يُفقد بريطانيا أي دور ايجابي في المنطقة".
كما دعا الحكومة البريطانية للتراجع الفوري عن هكذا خطوة والتركيز على تطبيق كامل للقانون الدولي الذي يجرم ممارسات الاحتلال.
وأعلنت الأمم المتحدة، استمرار تعاملها مع حركة "حماس" في قطاع غزة، وذلك تعليقا على شروع بريطانيا في استصدار قانون يصنف الحركة "منظمة إرهابية".
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، في مؤتمر صحفي، "مستمرون في التعامل مع السلطات القائمة في غزة، كلما قضت الضرورة ذلك، ونحن نترك الأمر للدول الأعضاء أن تتخذ قرارها في هذا الشأن".
وكان لافتا ما ذكره القيادي في حركة فتح عماد الاغا، نيابة عن الفصائل الفلسطينية، خلال مؤتمر صحفي بغزة، حيث قال "ندعو البرلمان البريطاني إلى إسقاط القرار وعدم تمريره".
وأضاف الاغا: "شعبنا الفلسطيني موحد في رفض قرار الحكومة البريطانية بإعلان حركة حماس منظمة ارهابية.. ونعتبر القرار ضوء أخضر لإسرائيل لمواصلة عدوانها وجرائمها بحق شعبنا الفلسطيني، الأمر الذي تتحمل مسؤوليته حكومة بريطانيا".
وشدد على أن القرار "استهداف واستعداء مباشر للشعب الفلسطيني وتنكر لحقوقه المشروع في الكفاح من أجل التحرر من الاحتلال"، لافتا إلى أنه "يعد امتدادا للسياسة الاستعمارية البريطانية التي تضع نفسها مجددا في موضع التماهي مع دولة الاحتلال".
ودعا القيادي الفتحاوي بريطانيا إلى "التراجع عن القرار واستبداله بخطوات عملية للتكفير عن جريمتها التاريخية المتمثلة بوعد بلفور".
ورغم ادانة وزارة الخارجية الفلسطينية، وكذلك سفارة فلسطين في لندن، إلا أن الرئاسة الفلسطينية، لم تدين هذا القرار او تستنكره، ما دعا البعض للقول أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يخشى قطع الدعم المالي القادم من بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
وتعقيبا على ذلك، ذكر قيادي فلسطيني كبير مقرب من رئيس السلطة، أنه ليس من اختصاصات محمود عباس أو مؤسسة الرئاسة أو الناطق باسمها تناول هكذا مواضيع عبر الاعلام، خاصة في ظل وجود مؤسسات رسمية كوزارة الخارجية، منوطة للحديث في ذلك وتسجيل الاعتراضات وتقديمها للدولة التي تصنف الفصائل الفلسطينية بالارهاب، كما انها هي من تتولى مخاطبة المجتمع الدولي.
وأشار القيادي الفلسطيني إلى أنه يوجد مشكلة في سلوك حركة حماس مع استمرار انقلابها على السلطة الشرعية، ورفضها التام الانخراط في المصالحة الوطنية، معتبرا ان هذا الامر جعل الحركة في نظر المجتمع الدولي ارهابية، ويتم وضعها في اطار المعتدي.
بدوره، اعتبر المحلل السياسي علاء رضوان أن حماس حركة مقاومة وأن وسمها بالإرهاب لا يؤثر عليها، ولكن تريد الحركة أن تدافع عن نفسها في الإعلام وإيصال صوتها لكل شعوب وحكومات العالم، على الرغم من الوقع الصعب الذي ظهر على قيادات الحركة ومنهم إسماعيل هنية وخالد مشعل.
وأشار إلى أن صعوبة القرار يكم في قوة وتأثير بريطانيا في السياسية الدولية، فهي لاعب اساسي كالولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا، وهذل يعني بان حماس مجبرة على تصحيح مسارها في إنهاء الانقسام والبدء الفوري في قضية المصالحة مع حركة فتح.
أما المحلل السياسي عماد نايف أشار إلى أن الوحيد القادر على اخراج حماس من هذه الازمة هو الرئيس الفلسطيني، فبامكانه الضغط على الحكومة البريطانية، لازالة الذراع السياسي لحماس من قائمة الارهاب مع بقاء الذراع العسكري، معتقدا بأن تسير بعض الدول الغربية مع القرار البريطاني وتضع حماس في قوائم الارهاب وهنا تكمن قوة لندن في التحكم بعواصم العالم.
وذكر أن قيام دول اخرى وخاصة في اوروبا بتصنيف حماس كتنظيم ارهابي سيؤذي كثيرا من سمعة حماس، لا سيما وأن تحاول ضبط صيتها وسمعتها في العالم منذ عقود، ومثل هذه القرارات سيعيد الحركة إلى الوراء، والبدء من نقطة الصفر، لذا الافضل في هذه المرحلة انهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية تعترف بقرارات الشرعية الدولية.