بقلم: سميح خلف

حقيقة السلطة ووجود الرئيس عباس

سميح خلف
حجم الخط

غزة - وكالة خبر

ثمة ما هو مهم، و هي حقيقة، بان وجود السلطة بواقعها الحالي ودورها الوظيفي هي من احدى ركائز الامن الاسرائيلي بمفرداته و خطوطه الاساسية التي تستبعد اي خيار سياسي لحل الصراع( الفلسطيني الاسرائيلي) هذا اذا اعتبرنا ان هذا التعبير او المصطلح يتماشى مع التعريفات بين اصحاب الحق على تلك الارض و من اتوا اليها مستوطنين و محتلين وبأداة ليست سلمية بل بالعنف والقتل و المجازر التي ارتكبت بحق اصحاب الارض الاصليين ولذلك لست مع هذا التعبير السياسي فالشعب الفلسطيني يخوض حرب تحرير ضد غزو استيطاني محتل و اي تفسيرات و مشاريع سياسية تتماشى مع الواقع الدولي والاقليمي و خلفيات وجود هذا الكيان ليست مقبولة ولن تأخذ تشريعا تاريخيا وشعبيا و من اصحاب الحق بهذا الوجود ولذلك جميع المشاريع وادواتها وشخوصها فشلت وستفشل مستقبلا في انهاء هذا الصراع وان استخدمت كل الدول بواقعها الامني كل ادواتها لاخماد عقلية التحرير واسترداد الارض من هذا الكيان التي فرضته مجريات الحرب العالمية الاولى والثانية .

هذه مقدمة وبإيجاز شديد لاستغلال الوقت التي يستخدمها واقع دولي وواقع اقليمي لتثبيت هذا الكيان منذ ولادته ولعل عملية القدس وما قبلها وقبلها وقبلها و مجريات الاحداث من ما قبل النكبة واتصالا وتواصلا عبر التجربة لوقتنا الحالي تؤكد سقوط كل الخيارات التي تتجاوز اصول القضية .

ولكن ما اذهلني تصريحات لحسين الشيخ و عباس زكي و جبريل رجوب واشتيه مفردات الهزيمة والفشل وابعد من ذلك من تصنيفات وتعبيرات لهؤلاء ، تتهم تلك التصريحات اسرائيل باستهداف رأٍس النظام السياسي الفلسطيني و القضاء على السلطة ولكن بوجهة نظري ان السياسة الاسرائيلية لن تسمح بانهيار السلطة ودورها الوظيفي ولكن بالمنظور ايضا ان لدى اسرائيل و امريكا برنامج مرحلي لوجود تلك السلطة بصرف النظر على من يقودها في دور وظيفي يؤديه و هي لن تخرج عن ابجديات اوسلو 2 وسقوط اوسلو 1 و هي الاساس وخارطة الطريق ، لماذا نقول ذلك ؟؟

هذا ما عبرت عنه سياسة ناتنياهو سابقا في تعامله مع النظام السياسي ورأس النظام السياسي بل كان اكثر تشددا نفتالي بينيت الذي يرفض اي لقاء سياسي بين رأس النظام السياسي الاسرائيلي ورأس النظام السياسي الفلسطيني المتمثل في محمود عباس و دائرة المفاوضات او الخارجية للسلطة او اي لقاء مع رأس منظمة التحرير الفلسطينية التي وقعت معهم وباسمها في اتفاقية اوسلو وخارطة الطريق في شرم الشيخ .

اي ان السياسة الاسرائيلية استبعدت توصيف السلطة بنظام سياسي بل فقط بنظام امني رسمه دايتون و حافظت عليه اسرائيل من خلال وثيقة دايتون للاجهزة الامنية ولحركة فتح ، هذا المشهد عبر عنه لقاء غينيتس مع ابو مازن تحت لائحة و عناوين التنسيق الامني و الدعم الاقتصادي للسلطة وتبعه في ذلك رئيس دائرة الشاباك حيث اصبح من الملح لدى اجهزة الامن الاسرائيلي زيادة توظيف السلطة امام تنامي الشعور بالسخط والرفض للسلطة ولرئيسها وعمليات الفساد الكبرى التي تطال كثير من مسؤولي السلطة وحالة اللخبطة في قيادات حركة فتح في رام الله  وضعف حركة فتح التي لا حول لها ولا قوة امام هيمنة الاجهزة الامنية وتوجهاتها التي تأتيها من خارج حدود السلطة وتمثيلها السياسي وهذا ما نلاحظه في الضفة في منطقة جنين و طوباس و مناطق اخرى في الضفة ، اذا هناك دور اضافي للسلطة بتوجهات الشاباك والمعلومات التي بحوزته على ان هناك خطرا محدقا لوجود السلطة بالاضافة الى حالة الانفلاشات العشائرية التي قد تتحول في لحظة ما الى سلاح قد يستخدم في نهاية تلك السلطة وانتهاء هيبتها ولذلك اسرائيل معنية بدعم الاجهزة الامنية وافشال اي تحرك سياسي للقيادة السياسية فليس مستغربا ان تهاجم الاجهزة الامنية وتقتحم منزل لاحد قيادات فتح او كوادرها فليس هناك مظلة حماية لاي كادر في حركة فتح يخرج عن السياق الامني و التوجهات التي تحافظ على استقرار الضفة الغربية الذي يعني ايضا استقرار امن الاحتلال وهذا ما تطلبه اسرائيل في هذه المرحلة امام ملفات غاية الخطورة مثل الملف النووي الايراني و الطوق الصاروخي المحاصرة فيه اسرائيل من قبل ايران في جنوب لبنان و العراق وسوريا و اليمن وغزة وهذا ما اعترف به نفتالي بينيت في اخر تصريحات له .

اسرائيل تريد بقاء السلطة المتمثلة في اجهزتها الامنية و اعطائها المزيد من مصادر القوة على حساب القيادة السياسية التي لا تمتلك اي اوراق قوة لتفرضها على ارض الصراع بل عكفت القيادة السياسية من خلال رئيسها ورئيس وزراءها ومركزية فتح الى استخدام اسلوب الاستجداء والتحذير من انهيار السلطة ومطالبة الرباعية والدول الاقليمية لانقاذ السلطة ماليا فربما اسرائيل تلعب دورا معززا لهذا الطلب الذي يصب ايضا في تعزيز القدرات الامنية وليس حل المشاكل المستعصية مثل قضية الوحدة الوطنية والانقسام ووحدة فتح على الاقل تحت نمطية برنامج منظمة التحرير وهذا الدور الوظيفي الذي عبر عنه رئيس الوزراء البريطاني بلير بأن تطوير السلطة ومؤسساتها يعني تطوير مؤسسات فتح الامنية وسيطرتها على التنظيم و هنا يعني هو الخيار الذي يخضع لنظرية الامن الاسرائيلي فليس مسموحا بتثوير اطر حركة فتح او اي تصريح يمت بصلة لمبادئها واهدافها او القضاء على النفس الجهوي و الجغرافي فيها ولذلك فشلت كل المساعي لوحدة حركة فتح التي آمنت بعد الكفاح المسلح بالخيار السياسي والتفاوضي على الارض الفلسطينية .

اذا اسرائيل ليست قلقة على عباس بوجوده او عدم وجوده فمن يحكم الضفة هي الاجهزة الامنية للسلطة وربما كانت خلفية اقالة او تدوير بعض مسؤولي الاجهزة في جنين مثل الاستخبارات والوقائي كانت من نتاج اللقاء الذي تم بين قيادات امنية اسرائيلية توجها لقاء رئيس الشاباك مع محمود عباس ولقاءات امنية اخرى بين الجانبين ، اصبحت السلطة هي عبارة عن مكون امني له توجهات اقتصادية وظيفية تمنح للقيادة السياسية وبقاء رأس القيادة من عدمه مجرد وقت فإسرائيل وامريكا و الغرب ودول اقليمية تحضر على نار هادئة البديل لعباس امام المتصارعين في الضفة والطامحين بالغنائم  لرئاسة السلطة اي ان هناك تصور ان يبقى الوضع كما هو عليه لسلطة بواقعها الوظيفي فالقيادة السياسية اصبحت لا تمثل شيئا محسوبا في ارصدة القرار السياسي الاسرائيلي والامريكي و الاوروبي .