مع اقتراب الرئيس جو بايدن من إتمام عام في السلطة، سأفحص التعهدات التي قدمها بايدن حين كان مرشحاً رئاسياً للأميركيين العرب في عام 2020. ولنبدأ بإسرائيل وفلسطين. أثناء حملة 2020، شاركت في المفاوضات مع فريق بايدن عن اللغة التي تشكل برنامجهم في القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط. وأسعدني استعدادهم للاستعانة بلغة لم نستطع استعمالها في السنوات السابقة مثل التحدث عن القيمة والاستحقاق المتساويين للإسرائيليين والفلسطينيين وإدانة المستوطنات الإسرائيلية. وتمثل فشلنا رغم الضغوط المكثفة في قبول مبدأ المشروطية، أي تعليق المساعدات السياسية والاقتصادية لإسرائيل بالسياسات التي تتبعها الدولة العربية في الأراضي المحتلة.
وغياب المشروطية، كما سنرى، هو السبب الذي جعل الإدارة لا تستطيع تحقيق تعهداتها الأخرى في الحملة في هذه المنطقة. وفي برنامج بايدن 2020 وفي «خطة الشراكة» مع الأميركيين العرب، تمثلت معالجة بايدن للصراع الإسرائيلي الفلسطيني في النقاط التالية: يؤمن بايدن بأحقية وقيمة كل فلسطيني وكل إسرائيلي. وسيعمل على ضمان تمتع الفلسطينيين والإسرائيليين بمعايير متساوية من الحرية والأمن والرخاء والديمقراطية. تقوم سياسات بايدن على التزام حل الدولتين حيث تعيش إسرائيل ودولة فلسطينية متمتعة بمقومات الحياة في المستقبل، في سلام وأمن واعتراف متبادل. يعارض بايدن أي خطوات من جانب واحد تقوض حل الدولتين، ويعارض ضم الأراضي وتوسيع المستوطنات وسيظل يعارض هذا باعتباره رئيساً.
سيتخذ بايدن، حين يصبح رئيساً، خطوات على الفور لاستعادة المساعدات الاقتصادية والإنسانية للشعب الفلسطيني ويتسق مع القانون الأميركي، بما في ذلك المساعدة للاجئين والعمل على معالجة الأزمة الإنسانية القائمة في غزة. العمل على إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية. والعمل على إعادة فتح مقر لبعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن. فيما عدا النقطة الرابعة، لم تنفذ إدارة بايدن أياً من التعهدات الأخرى، ولم تحقق ولو بعض التقدم فيها. فقيمة حياة الفلسطينيين ظلت مراراً أقل من قيمة حياة الإسرائيليين. وواصلت إسرائيل تحركاتها من جانب واحد مما جعل حل الدولتين مستحيلاً.
والإدارة استسلمت لإسرائيل ولـ«الصقور» المؤيدين لإسرائيل في الكونجرس فيما يتعلق بإعادة فتح قنصلية القدس في غرب وليس شرق القدس، وفيما يتعلق بفتح مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن. وفي الوقت نفسه، تفاقم الوضع الذي واجهه الفلسطينيون في الأراضي المحتلة بشكل ملحوظ مع حرب غزة وجهود تغيير الوضع القائم في الحرم الشريف وإخراج الفلسطينيين من ديارهم في القدس ووفاة مئات الفلسطينيين وتدمير البنية التحتية ومنازل الفلسطينيين في غزة. واكتفت إدارة بايدن برد متحفظ على تصرفات إسرائيل في القدس واستخدامها غير المتناسب للقوة في غزة والضفة الغربية.
وأعلنت الحكومة الإسرائيلية الجديدة، خططاً لتعزيز الاستيطان السكاني، وإضفاء طابع قانوني على بعض المستوطنات، التي لم تكن مرخصة من قبل مما يدعم استراتيجيا قبضة إسرائيل على الأراضي ويجعل قيام دولة فلسطينية لها مقومات الحياة أمراً مستحيلاً.
وتواصل إسرائيل تجريف المنازل الفلسطينية وعدم القيام بشيء لوقف عنف المستوطنين المنظم ضد الفلسطينيين، ما يناقض كل الأهداف التي وضعها فريق بايدن.
ويعبر المدافعون عن عدم تحرك إدارة بايدن عن خوفهم من احتمال أن يؤدي اتباع موقف أشد تجاه الحكومة الإسرائيلية الجديدة إلى تهديد استقرارها ويغامر بعودة نتنياهو إلى السلطة. ويشيرون أيضاً إلى أن التحديات ستتسبب في معارضة من «الجمهوريين» وبعض «الديمقراطيين» في الكونجرس. لكن إخضاع الحقوق الفلسطينية لاعتبارات السياسة الداخلية الأميركية يطعن في التزام الإدارة بمبدأ «القيمة والاستحقاق المتساويين لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين». وهذا يفرغ التعهدات للفلسطينيين من معناها ويجعلها مجرد مظهر استعراضي.
*رئيس المعهد الأميركي العربي- واشنطن