أكد مشاركون في ندوة مهمة بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني أن الاحتفال بهذه المناسبة يأتي تأكيداً على أن القضية الفلسطينية تعبر عن حقوق أصيلة غير قابلة للتصرف وعلى رأسها الحق في تقرير المصير وفي العودة.
ورأى المشاركون في الندوة الموسومة بـ "واقع وآليات تعزيز التضامن مع الشعب الفلسطيني" أن يوم التضامن مع شعبنا يأتي تعبيرا عن مسؤولية المجتمع الدولي عن مأساتنا، وبالتالي عن تطبيق قرارات الشرعية الدولية وإلزام دولة الاحتلال بتنفيذها والانصياع لإرادة العالم.
وشدد المشاركون في الندوة التي نظمتها كلية مجتمع غزة للدراسات السياحية والتطبيقية بمشاركة ممثلين عن المؤسسات الوطنية والوجهاء والشخصيات الاعتبارية والطلبة على ضرورة العمل الجاد لوضع حد للانقسام الفلسطيني.
وقال الدكتور عبد القادر إبراهيم حماد رئيس مجلس أمناء الكلية في كلمة له بهذه المناسبة ان يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني والذي يصادف التاسع والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر، يأتي تذكيراً بمسؤولية العالم أجمع الأخلاقية والقانونية بضرورة تطبيق العدالة للشعب الفلسطيني، الذي حرم حتى الآن من إقامة دولته المستقلة وعودة لاجئيه وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.
وأضاف أن اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني يشكل فرصة للفت انتباه المجتمع الدولي على حقيقة أن القضية الفلسطينية لا تزال عالقة ولم تحل حتى يومنا هذا، رغم مرور عشرات السنين وصدور العديد من القرارات الدولية ذات الصلة.
وبيّن أن الشعب الفلسطيني لم يحصل بعد على حقوقه غير القابلة للتصرف على الوجه الذي حددته الجمعية العامة، وهي الحق بتقرير المصير دون أي تدخل خارجي، أسوة ببقية شعوب الأرض، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967، وحق الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي أبعدوا عنها.
واعتبر د. حماد، أن هذا اليوم مُناسبة مُهمّة لإعادة التأكيد على عدالة القضية الفلسطينية وضرورة تحقيق الحل العادل والدائم لها، وفقاً لمُقررات الشرعية الدولية ذات الصلة، ووضع حد لمُعاناة الشعب الفلسطيني والظُلم الواقع عليه جراء استمرار الاحتلال.
من جهته، استعرض الكاتب والباحث في الشؤون السياسية م. تيسير محيسن، السياق التاريخي والسياسي لقرار الجمعية العامة فلسطينيا والقيمة السياسية والمعنوية للقرار، مشدداً على أهمية التضامن الإنساني والسياسي مع شعبنا.
وأعرب عن رأيه في أن شعبنا يتمتع رغم كل معاناته بذات سياسية ناضجة وحيوية، تمتلك كفاءة عالية لتوسيع نطاق تضامنها مع كل الضحايا في العالم من حيث القدرة على التواصل وتفهم مشاكل ومآسي الأخرين، والاقرار بالمشترك الإنساني والشبه الموضوعي بين شعوب الأرض المضطهدة، وبالتالي استعدادنا الدائم للتعاون ومد يد الصداقة وإبداء التعاطف وتقديم الدعم لكل من يحتاجه. نحن لا نتوقع من الآخرين أقل مما نبديه تجاه مآسيهم في كل مكان. هذا واجبهم وحقنا الإنساني عليهم!
وشدد على أنه بامتلاكنا القدرات على التواصل والاعتراف بالتماثل والتعاون مع باقي الشعوب، وبالاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصال، بمقدورنا أن نستغل الفضاء العام الدولي الذي يفترضه التضامن بالتفاعل وتطوير إرادة سياسية تسهم في توجيه السياسات والقرارات الدولية بما يخدم قضيتنا بالدعم والتعاطف والضغط على دولة الاحتلال وارغامها بتنفيذ هذه القرارات
وبين أن إسرائيل تحتكم إلى الشرعية الدولية في ضوء ما تقدمه لها من فرصٍ تخدمها، وإن واجهت ضغوطا فإنها تلجأ إلى المماطلة والتهرب كما تعمل على تفريغ القرارات من مضمونها: من خلال تزييف المعنى الأصلي لقرارات الشرعية الدولية، واللعب على اختلاف معاني مفاهيمها وكذلك نفي دور الأمم المتحدة: وذلك بالاستناد إلى واشنطن، أو بخلق إجماع دولي بعيدا عن الأمم المتحدة وقراراتها، كما حدث في مدريد، وتكييف قواعد القانون الدولي بما يخدم مصلحتها: مثل تبرير إسرائيل مواقفها الرافضة لقرارات الشرعية الدولية ولتطبيقها.
وتطرق إلى خطورة الانقسام الفلسطيني الداخلي مبيناً أنه صاحب الانقسام ثلاث ظواهر وهي: زيادة تأثير الإقليم في الشأن الداخلي بصورة سلبية، و"موت السياسة"، أو عجزها عن الإمساك بزمام المبادرة، وانزياح "مشروع الوطنية الفلسطينية" باتجاهين متعاكسين
ودعا إلى العمل لنعيد تعريف ذاتنا السياسية كي نكون جديرين بالتعاطف والتأييد، وأول الأشياء المطلوبة عكس اتجاه التجزئة والتفتيت والبناء على انتفاضة الوحدة ومكتسباتها السياسية والرمزية، والتمسك ب"الشرعية الدولية" باعتبارها أقل الخيارات ضررا، وربما تفتح مسارات جديدة. وبالاتكاء على هذه الشرعية نواصل الهجمة الدبلوماسية والسياسية، من منظور ثوري يتكأ على عناصر أخرى للقوة، ولا يتماهى بالكامل مع منطوق "الشرعية الدولية" كما تراه الولايات المتحدة وإسرائيل.
كما وصف السيد عصام يونس مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني بأنه يأتي للتأكيد على جملة القضايا الأساسية ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية كما يأتي تأكيداً على أن القضية الفلسطينية تعبر عن حقوق أصيلة غير قابلة للتصرف وعلى رأسها الحق في تقرير المصير وفي العودة.
وقال يونس في كلمة له خلال الندوة إن عملية تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه الأساسية هي من مهام المجتمع الدولي وعلى رأسه الدول العربية التي تعتبر جزءاً أصيلاً من القضية.
وأشار الى أن المجتمع الدولي أبعد ما يكون عن واجباته الأخلاقية منوهاً إلى خطورة الوضع الذي يمر به شعبنا بسبب التغول على حقوق الفلسطينيين وخلق حقائق جديدة من طرف واحد إلى جانب ذلك يعد الاستيطان هو أخطر الجرائم المرتكبة ولا يزال يمارس من قبل دولة الاحتلال على مرأى ومسمع العالم الذي لم يتحرك لوضع حد لسرقة أراضي الفلسطينيين وسرقة مواردهم.
واستطرد قائلاً إن الاستيطان هو العنوان الأخطر علاوة على عملية تهويد المدينة المقدسة واعتبارها عاصمة لدولة الاحتلال وهي مدينة محتلة بامتياز وينطبق عليها ما ينطبق على بقية الأراضي المحتلة.
وأوضح يونس أن دولة الاحتلال مازالت تمعن في انتهاكاتها المنظمة على قواعد القانون الدولي وعلى الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني مستدركاً يبدو أن هنالك عملاً منظماً لتغييب العدالة عن هذا المكان من العالم.
وأضاف: دولة الاحتلال تمارس هذه الانتهاكات الخطيرة من جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية كما صنفتها الأمم المتحدة في ظل عدم وجود محاسبة على تلك الانتهاكات، “فمن أمن العقاب أساء الادب” وتابع بالقول: يجب محاسبة الاحتلال الإسرائيلي على كافة جرائمه لأن الأسوأ قادم لامحالة.
وأشار الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف الى أن يوم التضامن مع شعبنا والذي يصادف التاسع والعشرون من نوفمبر( تشرين ثانٍ) يصادف ذكرى قرار التقسيم الذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام (1947)، والمتعلق بفلسطين وتقسيمها بين الفلسطينيين العرب وبين اليهود الإسرائيليين، أي تقسيم فلسطين بين المحتل الغاصب وبين السكان الشرعيين، وبموجبه تم منح المغتصب 56% من مساحة فلسطين مقابل 43% للشعب الفلسطيني صاحب الأرض والتاريخ والجغرافية ،وتدويل القدس (1%).
وشدد على أن هذا القرار الظالم الصادر عن مؤسسة دولية قامت على أساس تحقيق الأمن والسلم العالمي وإنصاف المظلومين وتحقيق العدالة، ترتكب حماقة وظلماً كبيرين بحق الشعب الفلسطيني وبدلاً من العمل على إعادة ميزان العدل إلى موضعه الحقيقي وشكله الذي تستقيم معه الأمور وتعود الحقوق إلى أهلها ووقف عملية الاغتصاب التي شرعنت من خلال قرار التقسيم، قامت الأمم المتحدة بعمل ظاهره إنساني وحقيقته هي محاولة لغسل عارها وتغطية جريمتها بتحويل يوم صدور قرار التقسيم إلى يوم للتضامن مع الشعب الفلسطيني..
وتابع قائلاً أصبح في عرف الأمم المتحدة بأنه يوم عالمي، أي مطلوب من العالم أن يتضامن مع الشعب الفلسطيني بدلا من أن تعمل الأمم المتحدة على إزالة ما اقترفته من قرار تتحايل على الحق والواقع، وتريد تحويل القضية إلى قضية تعاطف بعد أن حولتها إلى قضية لاجئين بحاجة إلى فتات موائد اللئام.
ومضى بالقول أن الشعب الفلسطيني بقى يعاني من ويلات الاغتصاب بحقه من خلال إقرار حقوق لمغتصب مجرم على حساب شعب شرد وطرد من أرضه، وبات يوم التاسع والعشرين يوماً للتقسيم لدى الشعب الفلسطيني وليس يوماً للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
ورأى أن المجتمع الدولي يتحمل المسئولية عن استمرار النكبة كونه يوفر الغطاء والحماية للعدو الصهيوني كما دعا الى تعزيز ثقافة المقاومة والانتماء للقضية الفلسطينية والى توحيد الصف الفلسطينى لمجابهة العدو الصهيوني من أجل تحقيق حلم العودة .
وكانت الندوة بدأت بآيات من الذكر الحكيم والسلام الوطني والوقوف دقيقة صمت مع قراءة الفاتحة ترحماً على أرواح الشهداء.ش