تدخل اسرائيل العام 2016 وهي تسحب على ظهرها كيس المشاكل ذاته الذي سحبته مع دخولها العام 2015. ولكن الكيس أثقل بكثير، والمشاكل معيقة أكثر. وهاكم قائمة قصيرة: •
احتدمت المواجهة مع الفلسطينيين. وكادت العلاقات مع قيادتهم تحترق تماما. ظل تسوية، جزئية أو جزيئية، لا تبدو في الافق. كفت فكرة التسوية حتى عن أن تشكل تحديا فكريا لقيادات الشعبين. اصبحت عمليات الطعن روتينا وهكذا أيضا «التحييد» (الكلمة الاساس في العام 2015) لمنفذي العمليات وشبه المنفذين. «التطرف» الفلسطيني التقى في الزاوية التطرف اليهودي، وكلاهما شرعا برقصة الموت. •
اقتحمت الشبكات الاجتماعية بوابات جحيم التزمت، العنف، الغباء، الجهل، كراهية الآخر والديماغوجيا المقيتة. لم يسبق أن كتب الكثيرون عن ذلك هراء تاما وسما خطيرا في وسائل الاتصال الجماهيرية جدا. والتتمة ستأتي. •
العالم الإسلامي تدهور الى حروب الجهاد، حروب الكل ضد الكل. الوحشية والفوضى أرجعا الى الوراء عشرات إن لم يكن مئات السنين حتى الانظمة العربية التي أبدت مظاهر استيعاب للقيم الحديثة والديمقراطية. وسفك الدم بوفرة بلا لجام. •
أخذ التفكير الاسرائيلي في الانغلاق على نفسه. في مسعى أعلى لدفن الرأس عميقا في الرمال والهرب من المهم الى الهامشي، من المصيري الى السخيف، اشغل بال السياسيين، المحللين، والنشطاء في مسائل في وزن الريشة. •
لفّ اليسار الصهيوني على رقبته صفقة الغاز وغرق معها في التزلف الشعبي. وصمته العاجز في المواضيع الوطنية والاخلاقية الحرجة برز في مواجهة الثرثرة التي لا تنتهي والباعثة على السبات حول الغاز. لم يسبق أن القى رجال اليسار في البلاد خطابات هزيلة بهذا القدر في مواضيع تافهة بهذا القدر. وعند حلول اليوم سيتلقون باقة ورد كبيرة من نتنياهو، بمثابة شكر على أنهم قرروا في العام 2015 ألا يقلقوا باله بامور كان ينبغي ان يقلقوه ويقلقونا نحن ايضا بها. ولعل جلبة الغاز الطبيعي كلها ليست سوى مؤامرة ذكية جاءت لتحيد – مرة اخرى هذه الكلمة – اليسار؟ يحتمل. •
سار اليمين الاسرائيلي نحو اليمين، خطوة ثائرة نحو الافق المسيحاني الضائع. الخطوة التاريخية لارئيل شارون – لاقامة كتلة يمينية وطنية معتدلة وسطى – نسيت وشطبت، وسياسة الرعاع سيطرت هنا على الساحة اليمينية. تسارعت عملية انقطاعه عن القيم التي تميز مراكز اليمين سوي العقل في الاحزاب الجمهورية والمحافظة في الغرب. الرئيس ريفلين شُهر به. تقاليد بيغن ديس عليها بقدم فظة. وتعبير «ان تكون يمينيا» تلقى في معركة الانتخابات هذه السنة معنى واحدا: «ان تكره العرب». وفقط هذا. دون أي ايديولوجيا. •
كان 2015 ايضا العام الذي خسرت فيه اسرائيل أمام ايران. اصبحت ايران نظام آيات الله حليفا محبوبا للغرب والشرق، واسرائيل غير محبوبة. هي الصديقة المرغوب فيها، ونحن المكرهون. اذا كانت ايران في نهاية المطاف لن تصبح قوة عظمى نووية، فهي لن تكون لأنها غير معنية بذلك وليس لأن القوى العظمى، وعلى رأسها أميركا، اجبرتها على أن تتنازل. وهي ستقف عند رأيها. •
حركة مقاطعة الصهيونية والدولة اليهودية انتشرت الى لب لباب جهاز التعليم العالي في الولايات المتحدة – وصوت المعارضين لم ينطلق. مثقفون رواد لم يخرجوا ضدها: فقد ملؤوا افواههم بالماء. في 2015 كانت اسرائيل في ذروة القدرة التكنولوجية وفي احدى لحظات الدرك الاسفل في التعاطف العالمي. قوة العقل لم تعوض عن ضعف الروح. وحتى في الاقتصاد، الذي هو نقطة النور والقوة لاسرائيل، طرأ تراجع هذه السنة. الاقتصاد لم ينمُ، التصدير انخفض، المستثمرون فروا، والاستهلاك اصبح علامة للاسرائيلي الجديد. هكذا لن نصل بعيدا. حتى المتفائل مثلي يضطر ليقول إن 2015 كان عاما سيئا لاسرائيل. لا يمكننا أن نسمح لانفسنا باعوام اخرى مثله.
عن «يديعوت»