كشفت وسائل إعلام عبرية اليوم الخميس، أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي نفتالي بينيت يتعرض لموجة انتقادات وتهكم واسعة.
وذلك بعدما سافرت زوجته وأبناؤهما الأربعة لرحلة استجمام بعد يومين فقط من دعوته الإسرائيليين لعدم السفر إلا في حالات الضرورة القصوى عملا بتدابير الوقاية من متحّور كورونا الجديد الآخذ بالتفشي في العالم.
وكان مكتب بينيت قد بادر من باب الشفافية للكشف عن قرار أسرته بالسفر خارج إسرائيل، لكن الشفافية لم تحمه من عاصفة انتقادات وردات فعل غاضبة في المحافل السياسية والإعلامية وفي منتديات التواصل الاجتماعي الإسرائيلية، التي طعنت بمصداقيته وسخرت منه، وذهب بعضهم للتهكم بأنه لا يقوى على تمثيل أسرته، وأن زوجته لا تكترث به وبمواقفه.
وأفادت القناة العبرية “13” التي قالت على لسان مصادر مقربة من ديوان رئاسة الحكومة، إن نفتالي بينيت حاول ثني زوجته عن قرارها بالسفر دون جدوى.
وأمام موجات الانتقادات والسخرية، حاول بينيت تخفيف وطأة الفضيحة بالقول في منشور على صفحته إنه يتفهم ردود الفعل على سفر أسرته، وإن الأمور تغيرت ولم يعد هناك حاجة للتوصية الملحة بعدم السفر إلى الخارج بسبب التفاصيل التي تم التعرف عليها خلال الأيام القليلة الماضية حول متحور “أوميكرون”.
نفتالي بينيت الذي خاطب الإسرائيليين ببيان عاجل محذرا من حالة طوارئ خلف عتبة الباب في مطلع الأسبوع الجاري، عاد للقول إن زوجته خططت في البداية للسفر مع الأطفال إلى دولة مختلفة لكنهم غيروا الدولة بعد أن تم تحديد الوجهة الأصلية على أنها “حمراء” ومنع الإسرائيليين من السفر إليها، كما جاء في بيان ديوان رئيس الوزراء.
وتابع: “بعد قرار مجلس الوزراء بشأن كورونا بترك الأجواء مفتوحة لسفر الإسرائيليين، ستتوجه الأسرة إلى الخارج وستلتزم بجميع الإرشادات والقواعد المتعلقة بكورونا”. مدعيا أنه لا يعتقد أن هناك أسبابا حالية لإغلاق حدود إسرائيل بإحكام أمام السفر الجوي.
وأفادت وسائل الإعلام العبرية بأن زوجة رئيس الحكومة غيلات بينيت وهي بائعة بوظة في مهنتها، خططت وأولادها لزيارة منطقة سياحية في البحر الكاريبي وذلك استغلالا لعطلة عيد الأنوار اليهودي.
ومما زاد من وطأة الفضيحة وأجّج ردود الفعل عليها، أن بينيت قبل ثلاثة أيام من سفر أسرته، قال في فيديو مخاطبا الإسرائيليين: “إذا سألني أحدهم، فأنا في الوقت الحالي لا أوصي بالسفر إلى الخارج وسط مستوى كهذا من عدم اليقين”.
كما كان متوقعا لم تقتصر عاصفة الانتقادات على الأوساط الإعلامية ومنتديات التواصل الاجتماعي فحسب، بل بادرت المعارضة لهجوم واسع على الحكومة ورئيسها في محاولة لمواصلة النيل منه ومن مصداقيته وهيبته وشعبيته.
وبدوره، قال وزير المالية الأسبق يسرائيل كاتس في هذا المضمار ضمن تغريدة له: “هكذا يكون الأمر عندما تصبح الأكاذيب السياسية هي القاعدة والمثال الشخصي يُداس علانية. ببساطة هذه وقاحة غير مسبوقة”.
في حين، بين الوزير السابق تساحي هنغبي في تصريح لإذاعة جيش الاحتلال: “هنا توجد مقولة سياسية مفادها أن نفتالي بينيت يدرك في قرارة نفسه أنه رئيس وزراء مؤقت ولن يعود للحكم، ولذلك يفعل ما يراه، ويستخف بالجمهور ويتجاهل قرارات ومعايير أخلاقية، ولذلك يطلب من الإسرائيليين تحاشي السفر للخارج بينما يحلل ذلك لزوجته وأولاده”.
وعجّت منتديات التواصل الاجتماعي بالانتقادات والتعليقات الساخرة من بينيت الذي بات “سياسيا جلده أسمك من جلد الفيل” و”رئيس حكومة لا يمثّل زوجته” ورئيس وزراء “لا يقوى على فرض قراره حتى في بيته” وغيرها من التعليقات التي لا تخلو من مضامين ذكورية أيضا.
تغيرات أعمق في السياسة الإسرائيلية
وتعكس هذه الفضيحة تغيرّات أكثر عمقا في الحلبة السياسية الإسرائيلية، حيث تشهد السنوات الأخيرة ارتفاعا كبيرا في حجم الوعود الفارغة والأكاذيب والامتناع عن تحمّل المسؤولية وتقديم القدوة، وسط تغليب فظّ للمصالح الذاتية على كل مصلحة أخرى بعكس جيل المؤسسين لدى القيادات الصهيونية ممن كانوا أكثر تواضعا واحتراما للمعايير العامة وللقوانين وربما نظافة اليد خلال شغلهم مقاليد ومفاتيح السلطة وميزانياتها.
وأخذت فضيحة نفتالي بينيت أصداء واسعة؛ لأن الكشف عن سفر عائلته جاء بعد توصية بالصوت والصورة للإسرائيليين بعدم السفر للخارج، ولأنه أفرد في الحديث خلال الدعاية الانتخابية في الربيع الفائت حول ضرورة الاهتمام بالاقتداء وتقديم القدوة الحسنة والحرص على صيانة مصالح الدولة والشعب وعدم خلطها بالمصالح الشخصية والحزبية، متهما رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو بكل ذلك.
غير أن الكذب وتغليب الحسابات الشخصية ليس من نصيب نفتالي بينيت فحسب، فقد فعلها قبله بأيام وزير خارجية الاحتلال يائير لابيد الذي رافق عائلته في رحلة استجمام إلى أوروبا تزامنا مع زيارته لبريطانيا وفرنسا.
أما نتنياهو رئيس المعارضة اليوم، فسجلّه مزدحم بالأكاذيب والتناقضات بين ما يقوله لسانه وبين ما تفعله يداه في كل الساحات والمستويات، وفضائح وزوجته بلغت حدا من الوقاحة مما تسبب بتورطه في اتهامات بالفساد ويخضع للمحاكمة فيها هذه الأيام.