وُثّقت عملية الطعن، أول من أمس، بعد الظهر في باب العامود في القدس من زاويتين بكاميرات الشرطة من أعلى وبكاميرا هاتف محمول لزوجين فلسطينيين كانا يجلسان في سيارتهما بالقرب من المكان.
لا يوجد شك فيما يتعلق بما حدث. وصل "المخرب" محمد شوكت سلامة (23 سنة) من سلفيت إلى المكان وهو يحمل سكيناً، وهاجم شاباً أصولياً وطعنه.
الشاب الأصولي، الذي أُصيب بصورة متوسطة، تعارك معه، وتوجه سلامة نحو جندي من حرس الحدود وحاول مهاجمته، بعد ذلك حاول مهاجمة شرطية. كلاهما أطلقا النار، وابتعدا عنه. فسقط على الأرض مصاباً.
في عالم مثالي كانت الحادثة ستنتهي في هذه المرحلة. كان سلامة سيعتقل ويعالج في المستشفى، وتتم محاكمته. ولكن باب العامود بعيد جدا عن أن يكون عالما مثاليا.
استمرّ رجال الشرطة في إطلاق النار ست ثوانٍ أخرى، حيث أُطلقت عليه ثلاث رصاصات أخرى.
من الصعب أن نعرف بالتأكيد من مقاطع الفيديو، لكن يبدو أنه على الأقل أصابته اثنتان وهو ملقى على الأرض. وقالت مصادر فلسطينية إن الشرطة منعت الطاقم الطبي من الوصول إليه خلال بضع دقائق. بعد فترة قصيرة توفي متأثراً بجروحه في المكان.
الفيلم الذي صوره الزوجان الفلسطينيان في السيارة كان هو المعلومات الأولية التي خرجت عن الحادث.
دقائق طويلة قبل نشر البيانات التي نشرتها نجمة داود الحمراء والشرطة. انتشرت هذه المعلومات بسرعة كبيرة في الشبكات الاجتماعية الفلسطينية، التي سارعت بدورها إلى اعتبار الحادث عملية إعدام.
لم يكن هنا إعدام. وهي أيضاً ليست حادثة اليئور أزاريا الذي وصل إلى مكان الحدث بعد دقائق من الوقت الذي كان فيه الطاعن عبد الفتاح الشريف ملقى على الأرض ومصاباً ومحيداً ولا يوجد معه سلاح، وأطلق النار عليه بدم بارد.
استمرّ الحادث الذي وقع في القدس منذ بداية طعن الشاب الأصولي وحتى وقف إطلاق النار 27 ثانية.
ورغم أن فيديو الشرطة دون صوت إلا أنه يمكن من خلاله رؤية أن سلامة هاجم الأصولي ورجال الشرطة وهو غاضب. رجال الشرطة يمكنهم الادعاء بأنهم خافوا من أن يحاول سلامة القيام، وأن يحاول مرة أخرى المهاجمة. من المرجح أن قسم التحقيقات مع رجال الشرطة، الذي بدأ في التحقيق في الحادثة سيحصل على تفسير.
سارع رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، لحماية الشرطيين بعد وقت قصير من الحادثة، وقال: "عمل الجنديان بشكل سريع وحازم جداً، مثلما يتوقع من شرطة إسرائيل إزاء إرهابي حاول قتل مواطن إسرائيلي".
وزير الأمن الداخلي، عومر بارليف، انضم إليه وقال: "بعد ثانية أو ثانيتين بعد إطلاق النار الأول كان على الشرطيين اتخاذ قرار، هل المخرب الذي أصيب سيشغل حزاما ناسفا. عندما يكون هناك شك بالأمر فلا يوجد شك".
لكن يجب أن تكون هناك شكوك. ففي السنوات الأخيرة يبدو أن احتمالات بقاء من ينفذون العمليات في القدس أحياء معدومة، حتى عندما يتعلق الأمر بنساء كبيرات في السن أو قاصرين.
أيضا عندما يكون واضحاً أنه كان يمكن تحييدهم بطرق أخرى.
المرة تلو الأخرى تسمع ادعاءات بأن الشرطة تمنع الطواقم الطبية من الوصول إلى منفذي العمليات وتقديم العلاج لهم، وحتى عندما يكون واضحاً أنهم لم يعودوا يشكلون أي خطر.
إن ضمان بقاء منفذي العمليات أحياء ليس مجرد عمل إنساني يتوافق مع شروط القانون وأوامر الشرطة، بل هو أيضاً مصلحة واضحة لقوات الأمن والجمهور الإسرائيلي.
موت المهاجم يحوله على الفور إلى شهيد، ويفتح بشكل تلقائي دائرة أخرى من التقليد والمواجهات العنيفة حول جنازته وبيته. بناء على ذلك من المفاجئ الاكتشاف في كل مرة بأن هذه الحقيقة البسيطة لا تصل إلى قيادة الشرطة ومتخذي القرارات الذين كان يجب عليهم إعطاء التعليمات لرجال الشرطة والجنود بمنع حدوث عمليات بأي ثمن، وتجنب قتل منفذ العملية طالما لم يعد هناك أي خطر على أمنهم وأمن الجمهور.
عن "هآرتس"