حوار أمريكي فلسطيني غير سياسي...رشوة فاسدة!

1625121147-434-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور أ

علنت الخارجية الأمريكية باهتمام خاص، عن انتهاء جلسة حوار فلسطيني أمريكي رسمي افتراضي، هو الأول منذ 5 أعوام، موضوعه المركزي البعد الاقتصادي للسلطة وسبل دعمها، ومنها (تطوير البنية التحتية، وسبل الوصول إلى الأسواق الأميركية، واللوائح الأميركية، والتجارة الحرة، والقضايا المالية، والطاقة المتجددة والمبادرات البيئية، وربط الأعمال التجارية الفلسطينية والأميركية، ومجابهة عوائق تنمية الاقتصاد الفلسطيني. كما تضمن الحوار مناقشة العلاقات التجارية الدولية).

بالتأكيد، إطلاق الحوار الاقتصادي بين السلطة وأمريكا، يمثل قيمة هامة ورسالة بشكل ما، نحو التزامات محددة لدعم التطور الاقتصادي، وما يمكن أن يؤدي الى فتح أبواب جديدة لتخفيف الأزمة التي تطال السلطة، منذ زمن وفقا لتصريحات مسؤوليها.

لا يمكن تجاهل قيمة مثل هذا الحوار، ولا أثره على الواقع الكياني العام في مواجهة الحصار الإسرائيلي، ولكن السؤال المركزي الذي لا يجب ان يغيب وسط فرحة عودة الحوار بعد تلك السنوات، هو أن الأمر بدأ بحوار "مقلوب"، غاب عنه الأصل في ترميم العلاقة التي أصابها عطب رئيسي، وألحق ضرر استراتيجي بالقضبة الفلسطينية.

ذهاب أمريكا لفتح هذا الحوار، هو جزء استكمالي لصفة ترامب ببعدها الاقتصادي، وتعزيزا لنظرية "تحسين مستوى المعيشة الانساني"، وتجاهل كامل للمركزي في العلاقة وهو "تحسين مستوى الحياة السياسية" لقضية الفلسطينية، الأمر الذي تتهرب منه الإدارة الأمريكية الجديدة.

لا يمكن اعتبار، ان الإدارة الأمريكية لا تدرك قيمة البعد السياسي في العلاقة مع السلطة الفلسطينية، خاصة وأن إدارة ترامب اغلقت كثيرا من طرقها، بما فيه مكتب منظمة التحرير في واشنطن، والذي لا يحتاج إعادة فتحه سوى قرار إداري من البيت البيضاوي، ليكون رسالة مختلفة، عما حدث سابقا، وهناك مسار لتصويب الضرر الكبير التي أصاب العلاقة.

واشنطن، تعلم يقينا، أن البعد الاقتصادي في ظل تغييب البعد السياسي يمثل "رشوة سياسية"، ومظهر من مظاهر الفساد السياسي لحصار فتح "جبهة" مع الإدارة تزيد إرباكها ارباكا في المنطقة، خاصة وأن هناك حركة "تنمر علنية" ضد السطوة الأمريكية التي كانت تلعب دور "سي السيد السياسي" في المنطقة العربية، ولا يحتاج الأمر كثيرا للتدقيق في مظاهر "تنمر متعددة"، ومنها تهديد الإمارات بسحب عرض شراء صفقة طائرات إف 35 بقيمة 23 مليار دولار، ما أجبر وزير خارجية أمريكا بلينكن الى الرد السريع، انهم ماضون في الصفقة.

موافقة السلطة الفلسطينية، على فتح حوار اقتصادي في ظل إغلاق باب الحوار السياسي يمثل وقوعا في "الشرك الأمريكي"، وخدمة لإدارتها المرتعشة في سلوكها لإعادة بعض مظاهر ما كان قبل وصول ترامب، ولم تقدم سوى "وعود كلامية" فيما تعزز ما قدمته الإدارة السابقة، بنقل السفارة الى القدس واعتبارها عاصمة، مقابل التفكير والانتظار في إعادة فتح القنصلية الأمريكية بالقدس الشرقية، والمطالبة بتعزيز مؤسسات فلسطينية لها حصانة اتفاق ورسائل متبادلة، مع مكتب المنظمة في واشنطن.

تغييب المسار السياسي بموافقة السلطة الفلسطينية، ليس سوى القبول بـ "رشوة اقتصادية فاسدة"، تمثل خدمة مباشرة للموقف الإسرائيلي المستخف كليا بالرئيس محمود عباس والسلطة وبرفض أي اتصال سياسي معها، مستبدلا ذلك بعلاقة أمنية تخدم مشروعه الاحتلالي.

كان يمكن للسلطة الفلسطينية أن تطالب بحوار سياسي – اقتصادي مع الإدارة الأمريكية، بحيث يكون الوفد تمثيلا لذلك البعد الخاص، وعندها ستدرك هل الأمر مقبول أم أن واشنطن ترفض أي حوار سياسي علني مع السلطة، كما هو موقف حكومة "الإرهاب السياسي" في تل أبيب.

الحوار الاقتصادي دون السياسي خدمة مباشرة للموقف الإسرائيلي، ما كان يجب أن يكون بالشكل والطريقة التي حدثت، وكان بالأصل أن يكون شاملا لقطع الطريق على استغلاله لهدف سياسي معاكس.

هل بالإمكان، ان تعيد السلطة الفلسطينية مطالبة واشنطن بحوار سياسي كما حدث، ليتهم يطرقون الخزان، فدونه تكون "الرشوة الاقتصادية" حققت هدفها نحو "تحسين مستوى المعيشة الإنساني" وتأجيل "تحسين مستواها السياسي" الى زمن مجهول!

ملاحظة: لغة حماس في لبنان ضد قوى الأمن الفلسطيني وحركة فتح، تنذر بما هو ليس خيرا أبدا، كان يمكن فهم رد فعل غاضبة نحو من أطلق نار قاتلة لشباب..ولكن أن تستغل لحسابات أخرى فتلك جريمة بذاتها تستحق الحصار المبكر!

تنويه خاص: تغريدة وزير إسرائيلي عن "عنف المستوطنين" سابقة سياسية لا يجب أن تفوت "الرسمية الفلسطينية"..كل قصوصة مهمة في الحرب ضد هذه المنظمات الإرهابية الاستيطانية..استغلوها صح!