لا تزال أصداء الانفجار الذي وقع في مستودع ذخيرة بمخيم البرج الشمالي قرب مدينة صور اللبنانية، تثير حيرة اللبنانيين والفلسطينيين خاصة في ظل الاتهامات العديدة التي طالت حركة حماس بأنها المتسبب بالانفجار.
حماس ردت على الاتهامات بأن الانفجار وقع بسبب أنابيب أكسجين كانت معدة سلفا لمواجهة وباء كوفيد 19، في حين لم تلقى هذه الرواية تصديقا عند بعض معارضي حماس من اللبنانيين والفلسطينيين على حد سواء.
فاللبنانيون قالوا وعبر رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة ان ما حدث في صور دليل على مخاطر السلاح المتفلّت في لبنان، فهذا السلاح الذي يفترض أنه موجه لإسرائيل أصبح موجها نحو الشعب اللبناني.
واتفق معه رجل الأعمال اللبناني، بهاء الحريري حيث قال "إن ما حصل في صور هو جريمة موصوفة، والانفجارات المتنقلة في عدد من المناطق اللبنانية تؤكد أنه بات من الضروري ان تقوم الدولة بمهامها وتفرض نفوذها على كل الأراضي اللبنانية وتنزع الأسلحة المتفلتة وتعمل على تنفيذ القرارات الدولية التي تنص على حصر السلاح بيد الجيش اللبناني".
واضح أن السنيين في لبنان، ومعهم المسيحيون يتهمون حماس صراحة بالانفجار، ما دعا الحركة لايفاد القيادي المخضرم خالد مشعل في محاولة لحل الازمة مع لبنان، وانهاء اي خلافات قد تطفو على السطح لاحقا.
الغريب في الامر ان حزب الله لم يعلق على ما حدث في البرج الشمالي او الاتهامات التي طالت حماس، وهذا يرجع لعدة اسباب لربما اهمها العلاقة الاستراتيجية بين التنظيمين، والسبب الثاني من وجهة نظري هو ان الحزب يجري تحقيقا داخليا بعيدا عن تحقيقات حماس وتحقيقات النائب العام اللبناني.
ولكن لا بد أن نقول انه لو ثبت تورط حماس في التفجيرات او بمعنى اوضح ان حماس لديها مستودع اسلحة داخل لبنان، فسينحاز حزب الله وأمينه العام، لصالح حماس، حتى لو على حساب الحقيقة، بدعوى ان السلاح مجهز للدفاع عن فلسطين ومقاومة المحتل.
اللبنانيون يرزخون تحت اوضاع سيئة، ومشاكل داخلية، واقتصاد مدمر، وازمات حكومية، وتدخلات خارجية، ثم تأتي حماس لتزيد طينهم بلة وتصيب عدد منهم بالانفجارات.
يجب على الدولة اللبنانية، ان تكون حادة وقوية، ومسيطرة على أمنها، والا تسمح لأي تنظيم بأن يعبث بسيادتها حتى بدعوى مواجهة اسرائيل، فنعلم نعي جيدا بأن الدولة اللبنانية غير قادة على كبح جماح حزب الله، ولكن عندما يتعلق بحدوث انفجار ضخم يودي بحياة الناس فهذا يتطلب ردعا من الجيش والشرطة في البلاد، وليس الرضوخ لطلبات السيد نصر الله او توسلات السيد مشعل.
حكومة ميقاتي مطالبة أكثر من اي وقت مضى بالسعي لحماية المواطن اللبناني، كما هذا لا يعفيها من تحمل مسؤولية المخيمات والمواطنين السوريين والفلسطينيين على حد سواء، ولكن عندما يتعلق الامر بحدوث زعزعة داخل المخيم فلا بد من بسط سيطرة الدولة اللبنانية على هذا المخيم، وأيضا السلطة الفلسطينية تساند الدولة اللبنانية في ذلك، وهذا كان واضحا في تصريحات قيادات السلطة بعد الانفجار.
بعد الانفجار، تحدثت مع صديق لبناني، حول الواقعة وكان رده مفاجئا بالنسبة لي على الاقل، حيث قال انه لا يعلم بأمر الانفجار، رغم أن وسائل الاعلام العربية نقلت الحدث منذ البداية، وعندما طلبت منه ايضاح أسباب عدم علمه بالأمر، قال ان المواطن اللبناني أضحى بليدا ولا يهتم بأي حدث قد يراه ولا يراه، فمن كم الحوادث الأليمة التي مرت على لبنان صار اللبنانيون معتادون على أي شيء قد يحدث، ولا شيء بات يفاجئهم على حد قول هذا اللبناني.
وعندما قلت له ان الاتهامات موجهة لحماس، وان الانفجار وقع في مستودع اسلحة قال إن الدولة اللبنانية، واسرائيل، وايران، وسوريا، والخليج، وحزب الله، والرئاسة اللبنانية، ومجلس النواب، والحكومة، كلهم يحاربون المواطن اللبناني، فلن يتغير شيئا اذا انضمت حماس وغيرها إلى هؤلاء.