ضمن حركة الململة الشعبية ضد المشروع التهويدي العام، والحركة الإرهابية الاستيطانية في الضفة والقدس، جاءت "عملية نابلس" العسكرية لتضيف بعدا "نوعيا" لعمليات الفعل الفردية، من السكين الى الدهس، عملية نوعية بالمعنى الدقيق، تعيد إشراقة مظهر كفاحي فلسطيني أصابه بعض من حالة سكون.
قيمة "عملية نابلس"، أنها استهدفت المجموعات الإرهابية الاستيطانية، وليس جيش الاحتلال، ما يجب أن يمثل بعدا مركزيا في المرحلة المقبلة، خاصة وأن العالم بكامله، بل وبعضا من داخل الكيان من بات يرى حقيقة الخطر الذي تمثله تلك "الجماعة الإرهابية، ولأول مرة تتم الإشارة الى ما يمارسون من إرهاب ضد الفلسطيني، أرضا وممتلكات وشعب، وسجلت باسهم جرائم حرب لا تزال حاضرة في الذاكرة الوطنية، حرق عائلة دوابشة واستشهاد الرضيع على 2015، في بلدة دوما بنابلس، التي تعتبر مع القدس الأكثر استهدافا لتلك الفئة الإرهابية.
الذهاب لاعتبار الحركة الاستيطانية بصفتها رأس حرب الإرهاب اليهودي في أرض فلسطين، سيكون استدارة جوهرية في تطور العمل الكفاحي الفلسطيني، وستفتح ملف الاستيطان وجرائم المستوطنين على أوسع أبوابه، وستدخل جيش الاحتلال في مأزق جديد، دون تجاهل أن مقاومته بكل أشكال العمل الممكن هو حق مشروع، ويجب ألا يصبح خارج الفعل المباشر، لكن المركزي يجب أن يصبح قائما على اعتبار المستوطنين حركة إرهابية مطاردتها المسلحة والشعبية ضرورة كبرى.
لا تكمن القيمة السياسية لـ "عملية نابلس" في كونها أعادت البعد العسكري المنظم ضد الوجود الاحتلالي، وضد الحركة الإرهابية (المستوطنين) فقط، بل جاء توقيتها يمثل أهمية سياسية خاصة، في لحظة فلسطينية عاشت درجة من "الفتنة الداخلية" وفتح قنوات بث "الفوضى" لإنهاك الواقع نحو "صراع داخلي داخلي" على حساب المواجهة الحق مع دولة عدو قومي، تعمل بكل سبل متاحة لهزيمة مشروع فلسطيني لصالح مشروع تهويدي.
"عملية نابلس"، توقيتا وشكلا، أكدت أن الخيار الوحيد لكسر عامود المشروع المعادي ولحماية المشروع الفلسطيني، في المرحلة الراهنة ليس خيار الاستجداء التفاوضي، الذي أصبح منذ عام 2000 ليس خيارا لدولة الكيان، ولم يعد انتظار هناك شريك يمكن انتظاره لصناعة "سلام ممكن" في إسرائيل بعد اغتيال رابين 1995، ولذا لم يعد خيارا لحماية الحق الوطني الممكن وليس التاريخي، سوى الفعل المقاوم، شعبيا ومسلحا، دون انتقاء وتفضيل، بل في تلاحم المتاح والممكن ولكن المتصل.
"عملية نابلس" ضد الإرهابيين الاستيطانيين أعادت روح التلاحم الشعبية، وصمتت كل "أصوات الفتنة السياسية" التي أطلقها بعض الواهمين أنهم باتوا "البديل المتاح"، وبأن الوطنية الفلسطينية ليست مباراة يمكن خطفها بـ "هدف تسلل"، فهي مسار ومسيرة أكثر تعقيدا من تفكير صبياني لمن لا زالوا هواة في الوطنية والسياسة.
"عملية نابلس"، أدخلت جيش الاحتلال في مأزق ربما لم يكمن ضمن حساباته جيدا، قد يصل الى منفذي العملية النوعية، ولكنه لا يستطيع أن يعيش بعدها في حالة من "الاتكال الأمني"، وأن التنسيق مع أجهزة السلطة قد يشهد عمليات "اختراق جوهرية" في قادم الأيام، لو قررت فعلا السلطة، حكومة وفصيل مركزي بأن المستوطنين مجموعة "إرهابية" يجب مقاومتها، خاصة وأنها المرة الأولى منذ زمن، أن لا تدين بعض أوساط السلطة تلك العملية، بل العكس عبرت حركة فتح (م7) بشكل مباشر عن تأييد ودعم، وطالبت بمزيد من الفعل ضد تلك العصابات الإرهابية.
القيمة التي مثلتها "عملية نابلس" متعددة، وهي وحدها درس بأن عدة رصاصات فعالة في هدف محدد، يمكنها أن تصنع مسارا يعيد الاعتبار للحالة الفلسطينية يفوق كثيرا "الوعيد الكلامي"، و"أطنان قنابل التهديد اللغوي".
"عملية نابلس" رسالة الى "الرسمية الفلسطينية" والى حركة فتح، لا خيار لكم سوى هذا الخيار..وفتح قادرة جدا أن تحيل وجود العدو الى جحيم، وأن تعيد سلوك العلاقات الوطنية الوطنية لبناء "جبهة مقاومة وطنية" عشية البحث في فك الارتباط مع دولة الاحتلال، وفقا لـ "وعد الرئيس" الذي يجب أن يكون حاضرا في المجلس المركزي القادم بعد أيام...
فتح دون غيرها، من يملك القدرة على "لململة" الشرذمة الوطنية دون انتظار لبحث في مشاريع الفنادق...والطريق أكثر من واضحة!
ملاحظة: منحت الجزائر، البلد والرياضة، حضورا طاغيا لفلسطين القضية والشعب في بطولة كأس العرب...العشق لا يشترى ولا يباع يا سادة...درس سياسي من لاعبي لم تخذلهم الأقدام نحو تطبيع غبي أو سذاجة التجاهل!
تنويه خاص: كي لا يقال أن فيلم "أميرة" منح قضية الأسرى حضورا ونقاشا طاغيا..ثم اختفى كل شيء بمجرد سحب الفيلم من التداول... فـ"ضارة فيلم أميرة نافعة" ..أكملوا ما بدأ!