قصة المجنون... بقلم: د. محمد بكر البوجي

9999470731
حجم الخط

قصة المجنون... بقلم: د. محمد بكر البوجي

خرج من المكتبة مسرعا يتأبط كتاب التاريخ وهو الأستاذ المتقاعد، حتى يلحق المصعد قبل انقطاع التيار الكهربائي في موعده، لم يتبق إلا عشر دقائق، اتصل بسيدة البيت يسألها عن طلباتها كعادته ، طلبت فلفل أخضر ورأس زهرة أو أرنبيط كما يقول إخواني المصريين ، أسرع إلى محل الخضار وأخذ ما يريد وهرول نحو العمارة ، فجأة رأى أمامه صديقا قديما لم يره منذ عشرين عاما ، فابتسم له وصافحه ، وسأله صديقه عن أحواله وأولاده وأخذ يسرد في الحكي ، لكنه تركه مسرعا : الكهربا الكهربا ، فابتسم صديقة قائلا : الكبر عبر، الله يشفيه انجن آخر عمره.

أسرع أستاذ التاريخ واقترب من العمارة ، فجأة أوقفته سيدة تضع نقابا على وجهها تطلب منه مساعدة ، وقف فإذا بعيون ملونة ساحرة – ما شاء اللللله – عايزة فلوس إيجار الطريق ، بحث في جيوبه فلم يجد يبحث وينظر إلى عينيها تارة وإلى جسدها الممشوق تارة أخرى – يا رب ارحمني وخلي الكهربا شوية –ثم استعد للانطلاق لكنها أمسكت به- بالله عليك لا تكسفني وهو يردد : الكهربا الكهربا ، قالت :حرام عليك ما فيك جنس الكهربا، والله يا بنت الناس الكهربا ، والله ما أنا شاعرة فيها ولا كان قصدي في هيك شيئ مثل الذي تفكر فيه ! أنا عايزة فلوس وبس ،قال : والله الكهربا والله الكهربا ، فتركته وابتسمت، هذا فاكر نفسه فيه كهربا ، اختيار لا كهربا ولا ميه ، زي حال البلد ، مجنون ، أهبل ،يجري ما يدري.

وصل العمارة وأخذ نفسه قليلا وهو ينظر إلى خلفه خوفا من ملاحقة السيدة له ، الحمد لله أنني وصلت بالسلامة ، ضغط على زر المصعد ، فورا انقطع التيار الكهربائي في موعده ،قال في نفسه أرجع لأرى مل تريده الحلوة – من برا رخام ومن جوا.... – فلم يجدها ، لكنه تراءى له عشرات مثلها يجرون خلفه ثم يدوسونه ويدوسون كتاب التاريخ .