بين حين واخر، تتصدر الأنباء التي تتعلق بانهيار السلطة الفلسطينية الصفحات الرئيسية في كافة المواقع الاخبارية، فتجد أن كيري ينتقد سياسة حكومة الاحتلال ويخشى انهيار السلطة الفلسطينية ، وفي المقابل ترى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يهدد المجتمع الدولي ،ولكن لماذا يخشى المجتمع الدولي، وترفض اسرائيل خيار فك السلطة ؟
ماذا يعني انهيار السلطة ؟
أوضح الباحث في قضايا الحكم والسياسة" د. جهاد حرب" ، أن انهيار السلطة يعني غياب ما يتعلق بها وبالتالي تحللها وبمعنى آخر " عدم وجود حكومة أو مؤسسات تخضع لقيادة السلطة ، وهذا يعني عودة الاحتلال الاسرائيلي للحكم كما كان الوضع عليه قبل العام 1994 مضيفاً ، أن انهيار السلطة يعني انهيار خيار حل الدولتين والذهاب لخيار الدولة وبهذا يعني فشل السياسة الامريكية في حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
وفي هذا السياق يقول الكاتب والباحث السياسي د. ناصر اليافاوي، أن السلطة مشروع دولي تم التوافق عليه عبر معاهدات دولية و تم رعايته من قبل القوى الاقليمية الكبرى وعلى رأسها الاتحاد الاوروبي ، بالتالي فإن انهيار السلطة يعني ان تتحمل اسرائيل المسألة القانونية والمعيشية لحوالي 4 مليون فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة.
لماذا يخشى المجتمع الدولي انهيار السلطة
وعن سبب تحذير المجتمع الدولي من هذا الخيار، أرجع د. حرب ذلك إلى أن اسرائيل مستفيدة من بقاء السلطة على الاقل في السيطرة على المناطق ذات الكثافة السكانية وهذا يريح اسرائيل امنياً ،ومن المسائلة امام المجتمع الدولي .
كما أن وجود السلطة يُريحها من العبء الذي تتحمله و المتعلق في انغماسها الاراضي الفلسطينية بخصوص الخدمات والتي يجب ان تقدمها باعتبارها سلطة احتلال .
ويضيف د. اليافاوي أنه من المعروف أن الدول الغربية وامريكا لها مصالح في اسرائيل باعتبار اسرائيل رأس حربة داخل منطقة الشرق الاوسط ، وبالتالي فإن أي خلل في المنطقة سيؤثر عل العالم بشكل عام و اسرائيل تدرك هذا .
ويؤيدهم الكاتب والمحلل السياسي حاتم أبو شعبان ، في أن وجود السلطة الفلسطينية عامل يساعد في هدوء المنطقة الفلسطينية وجودها يساعد ان يكون الوضع أكثر أمناً .
هل تهديد ام حقيقة
ويعتقد حرب أن التهديد لا معنى له الا اذا كان هناك خطوات جدية في الانسحاب من عملية السلام كلياً وتغيير قواعد اللعبة في المواجهة وليس حل السلطة ، ومع هذا فإن حل السلطة اجراء ممكن ولكن يجب ان يكون هناك رؤية واضحة للوسائل التي يمكن استخدامها في مواجهة الاحتلال.
أما عن د. اليافاوي ، فإنه يرى ان أمر انهيار السلطة لو أخذ منحنى جدي لما كانت السلطة الفلسطينية اجرت تغيير وزاري مؤخراً ، ولكن ما يحدث هو عبارة عن تهديدات سياسية تلجأ اليها السلطة بسبب ما تقوم به الحكومة الاسرائيلية من مضايقات وعمليات اعدام متكررة داخل القدس ومدن الضفة الغربية .
و أوضح ، أن ذلك عبارة عن ورقة تستخدمها السلطة بين حين واخر لتوجيه رسالة للمجتمع الدولي لتحمل مسئوليته تجاه المعاهدات التي تم عقدها مع الفلسطينيين والحكومة الإسرائيلية، كما ان هذا التهديد هو معركة سياسية تتخذها السلطة الى جانب المعركة الحقيقية التي تدور على الارض.
هل فعلاً ستنهار ؟
و في ما يتعلق بقضية انهيار السلطة ، يرى د. اليافوي أن السلطة لن تنهار لأنها مشروع دولي على ارض الواقع و المجتمع الدولي يتبنى الدعم المادي للعديد من مؤسسات السلطة، مشيراً إلى أن ذلك عبارة عن مناورات سياسية تقوم بها السلطة محاولة منها لتوجيه رسائل للمجتمع الدولي الا يضع قضايا فلسطين جانباً في ظل الحروب الدولية التي تُشن ضد التنظيمات المتطرفة وبالتالي تصبح القضية الفلسطينية مهمشة.
كما و يستبعد حرب مسألة انهيار السلطة خاصة في ظل الظروف الحالية حيث المواجهة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وأنه لن يحدث إلا في ثلاث حالات ، حينما تقول منظمة التحرير نحن لم نعد ملتزمين باتفاق اوسلو وبالتالي على الاحتلال ان يعود لمسئوليته كما كان قبل عام 1994.
و الثانية أن يشدد الاحتلال الخناق على السلطة الفلسطينية مما يدفعها للانهيار وبالتالي تكون الحكومة الاسرائيلية هي من بادرت لانهيار السلطة مضيفاً "لا اعتقد انه في الوارد خاصة لدى اسرائيل هذا السيناريو "
والثالثة في حال تفاقم الاوضاع الاقتصادية وفي حال فشل الحكومة ربما تخرج مجموعات شبابية على غرار الربيع العربي في ساحات المدن الفلسطينية تطالب بذلك، لكن قربها او عدم قربها يتعلق بالإجراءات المستخدمة من قبل الحكومة الاسرائيلية او السلطة الفلسطينية .
ويرى أبو شعبان أن هذه المسألة ليست إلا تهديداً خاصة في ظل تجمد المفاوضات ولكن ان استمر الوضع على هذا الحال قد يصبح هذا التحذير حقيقة، مضيفاً :" لا اعتقد في الفترة الحالية ولكن ان حصل شيء دراماتيكي في المنطقة كحرب جديدة هدم المسجد الاقصى قد يؤدي الى انهيار السلطة ".
بهذا يمكن القول ووفق دراسات الخبراء أن مسألة انهيار السلطة ما هي الا مجرد تهديدات تستخدمها السلطة لوضع القضية الفلسطينية على رأس أولويات المجتمع الدولي ، ذلك أن وجودها يعد ضروري جداً في المنطقة ، كما أن دول الجوار خاصة مصر والأردن لن تقبل أبداً بانهيار السلطة في ظل توقع البديل الأسوأ لها وهو تنظيمات متطرفة كداعش او غيرها بحسب المراقبين السياسيين .