الجدار الوحيد في العالم المبني تحت الأرض

غزّيون لـ"خبر": نعيش في سجن كبير بعد اكتمال بناء الجدار الأمني الإسرائيلي على حدود القطاع

اكتمال بناء الجدار الأمني غزة
حجم الخط

غزة - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

"بإعلان إسرائيل إكمال بناء الجدار الأمني حول حدود غزّة، يتحول القطاع إلى أكبر سجن مفتوح في العالم، تتحكم دولة الاحتلال بمفاتيحه، فهي المتحكمة بحركة المعابر التجارية، ومساحة الصيد، وحركة سفر الأفراد"، بهذه الكلمات وصفت حنين السوسي (21) عاماً، طالبة لغة إنجليزية في جامعة الأقصى بغزّة، مشاعرها بعد إعلان اكتمال بناء الجدار الأمني في السادس من شهر ديسمبر الجاري.

أسطورة نفق الحرية تُلهم غزّة

وأضافت في حديثها لوكالة "خبر": "لكّن شعبٌ استطاع ستة أسرى بحديدة وبرغي أنّ يحفروا نفق من داخل زنزانة في سجن جلبوع المحصن، قادرٌ على اختراق أيّ جدار".

وقد تبلورت فكرة إنشاء الجدار الأمني حول حدود غزّة، الذي استغرق بناؤه، ثلاثة سنوات ونصف، بعد عدوان "إسرائيل" خلال العام 2014 على غزّة، وذلك بعد نجاح فصائل المقاومة الفلسطينية في التسلل عبر الأنفاق في محاولات لاختطاف جنود، وكذلك استخدامها كمنصات لإطلاق الصواريخ.

ويمتد الجدار الأمني لـ6 أمتار فوق الأرض وعدداً سرياً من الأمتار تحت الأرض، بطول 65 كيلومتر على طول مسار الحاجز البحري من شاطئ زكيم شمالاً حتى معبر كرم أبو سالم جنوبًا.

وبلغت تكلفة بناء الجدار الأمني، 3.5 مليار شيكل "إسرائيلي" ويحتوي على تحصينات أمنية مبتكرة؛ لإفشال أيّ عمليات تسلل للمقاومة من خلال الأنفاق، وفق مزاعم الاحتلال.

شارك ببنائه 1200 شخص

"لم يتبق لدولة الاحتلال الإسرائيلي، سوى مُصادرة الهواء الذي نتنفسه في غزّة، فبدلاً من فك الحصار المفروض علينا مُنذ زمن بعد العدوان الأخير الذي استمر 11 يومًا خلال مايو الماضي، يزداد الحصار ويتعقد يوماً بعد الآخر"، بهذه الكلمات تحدثت وردة عبد العال (28) عامًا، التي تعمل ممرضة في قسم العناية المركزة في مُستشفى الشفاء غرب مدينة غزة، عن الجدار الأمني.

وأكملت عبد العال في حديثها لوكالة "خبر": "من يعيش في غزّة يُدرك صعوبة العيش بها؛ لكّن الحصار الإسرائيلي وتحويل غزّة إلى سجن؛ لن ينجح في دفعنا للهجرة من القطاع، ونحن على يقين بقدرتنا على اختراق أي جدار".

واللافت للانتباه، أنّه لا يوجد مكان في العالم شيَّد جداراً تحت الأرض، كما قامت دولة الاحتلال بغزّة، فالمشروع كان في غاية التعقيد من الناحية التشغيلية والهندسية، وشارك 1200 شخص من جميع أنحاء العالم في بنائه.

وقد تم إنشاء ستة مصانع خرسانية عند الجدار، حيث صبت حوالي 330 ألف شاحنة ثلاثة ملايين متر مكعب من الخرسانة؛ تكفي لشق طريق من "إسرائيل" إلى بلغاريا، حسب العميد عيران أوفير، مدير إدارة السياج الأمني في دولة الاحتلال.

وقال أوفير: "إنّه تم استخدام 140 ألف طن من الحديد والصلب في بناء الحاجز" أيً ما يعادل طول الجدار الفولاذي الممتد من إسرائيل إلى أستراليا".

مُشابه لجدار الفصل بالضفة

أبو محمد (52) عاماً، من منطقة جحر الديك، وسط قطاع غزّة، يرى أنَّ بناء "إسرائيل" لجدارٍ أمني على طول حدود غزّة الشرقية، يُبيّن أنَّ الاحتلال الإسرائيلي جبان، ويقوم بتحصين نفسه بالجدار كما في الضفة الغربية عبر بناء جدار الفصل العنصري الذي بدأ بناؤه في العام 2002.

ويُضيف أبو محمد في حديثه لوكالة "خبر": "لكّن أصغر طفل فلسطيني أكثر شجاعة من جنود الاحتلال الذي يختبؤون وراء الجدران؛ لإطلاق الرصاص على الشباب العُزل"؛ مُستشهدًا بحادثة قنص الشاب لقناص احتلالي على الحدود الشرقية من مسافة صفر.

المزارع محمد مقداد (33) عامًا، من محافظة رفح، جنوب مدينة غزة، عبر عن غضبه من بناء "إسرائيل" للجدار الأمني، قائلاً: "ألا يكفي حصار البحر، فإسرائيل حوّلت غزّة إلى سجنٍ كبير تتحكم بمفاتيحه، حتى تحافظ على أمنها، وبالمقابل تخنق مليوني فلسطيني".

ويستبعد مقداد في حديث لوكالة "خبر"، نجاح "إسرائيل" في دفع أهالي غزّة التي تحولت إلى سجنٍ كبير للهجرة، لأنّ أهلها صابرين ومرابطين حتى إنهاء الاحتلال.

عقاب جماعي لـ2 مليون غزّي

"إسرائيل، حاصرت طفولتنا، وعشنا في ظل حروب متوالية، وحصار والآن يكتمل بإعلان دولة الاحتلال عن إكمال بناء الجدار الأمني حول حدود غزّة الشرقية"، بهذه الكلمات عبَّرت سوزان النجيلي (19) عامًا، طالبة في كلية التمريض في الجامعة الإسلامية بغزّة، لدى سؤالها عن إكمال بناء الجدار.

وتقول النجيلي، في حديثها لوكالة "خبر": "إنَّ إسرائيل دولة احتلال غير قانونية، وببناء هذا الجدر جعَّلت حياتنا أكثر صعوبة؛ لكّن ذلك لن يدفعنا لمغادرة غزّة، ورغم الفقر والبطالة سنواصل البناء والتعمير لأنّها المكان الذي ولدنا وعشنا به".

ورغم انسحاب إسرائيل من غزّة الذي تبلغ مساحتها 365 ألف كيلومتر مربع، في العام 2005، إلا أنّها تُواصل السيطرة على المجال الجوي والمياه الإقليمية، وعلى إدارة سجل السكان وحركة البضائع والأفراد، وبالتالي لا تزال مسؤولة عن حياة 2 مليون نسمة يسكنون القطاع، وفقًا لقوانين الاحتلال المستمدة من القانون الدولي؛ لكّن "إسرائيل" بدلاً من ذلك تُواصل سياسية العقاب الجماعي ضد السكان.