أصدرت الدائرة القانونية والحقوقية بالهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، اليوم الأربعاء، ورقة بعنوان:”إنكار العدالة في فلسطين”.
وتهدف الورقة لبيان طبيعة انتهاك السلطة التنفيذية في فلسطين للعدالة، وإنكارها تنفيذ أحكام القضاء الفلسطيني، ما يجعل الملاذ الأخير للضحايا غير متاح، خصوصاً في ظل غياب أجهزة الرقابة الرسمية وغير الرسمية، وذلك خلافاً لنص المادة (106) من القانون الأساسي الفلسطيني، التي نصت على أن: “الأحكام القضائية واجبة التنفيذ، والامتناع عن تنفيذها، أو تعطيل تنفيذها على أي نحو، جريمة يعاقب عليها بالحبس، والعزل من الوظيفة إذا كان المتهم موظفاً عاماً أو مكلفاً بخدمة عامة، وللمحكوم له الحق في رفع الدعوى مباشرة إلى المحكمة المختصة، وتضمن السلطة الوطنية تعويضاً كاملاً له.
كما تسعى الورقة لتسليط الضوء على هذه الإشكالية، بما في ذلك فتح المجال أمام الباحثين والنشطاء، للمساهمة في وضع حلول من شأنها التغلب على سياسات إنكار العدالة، وتنفيذ الأحكام القضائية بشكل يحقق الاستقرار المجتمعي، وتحديد المسار الذي يجب سلوكه لمحاسبة مرتكبي هذه الجريمة، بما يعزز مبادئ الفصل بين السلطات، وسيادة القانون واحترام حقوق وحريات المواطنين المكفولة بنصوص القوانين والمواثيق الوطنية والدولية.
وتناولت الورقة الحديث عن استقلالية القضاء الفلسطيني، وأبرز المعوقات التي تواجه تنفيذ أحكام القضاء الفلسطيني، والتي تمثلت في الأسباب البنيوية التي تتعلق بالنخبة السياسية، وضعف الرقابة الرسمية والشعبية على مبدأ المشروعية وسيادة القانون، وحالة الانقسام الداخلي وانقسام مرجعية القضاء.
وأكدت الورقة، على أنّ القضاء الفلسطيني بحاجة ماسة لإعادة البناء على أسس دستورية ترتكز على استقلالية السلطة القضائية؛ ووقف مهزلة عدم تنفيذ أحكام القضاء بشأن المعتقلين تعسفيًا؛ أو الموظفين العموميين الذين قطعت رواتبهم أو تم إحالتهم للتقاعد القسري؛ وغيرها من أحكام بإصدار فيما يتعلق بحق فلسطينيين في الحصول على جوازات السفر؛ أو تعويض الذين تعرضوا للاعتقال التعسفي وسوء المعاملة؛ وغيرها من الأحكام القضائية المعطل تنفيذها من قبل الجهات المكلفة بالتنفيذ.
وأوصت بضرورة العمل على توحيد المرجعيات القضائية والقانونية داخل الأراضي الفلسطينية، ولحين ذلك مطلوب تحييد وتنزيه مرفق القضاء فوراً، وإخراجه من دائرة المناكفات، وفتح تحقيق جاد وشفاف في كل حالات امتناع السلطة التنفيذية عن تنفيذ أحكام المحاكم في كل من الضفة الغربية والقطاع، ونشر نتائجه على الملأ، بما في ذلك محاسبة آمري ومنفذي هذا النوع من الجرائم، تحقيقاً للقانون والعدالة وسيادة القانون.
كما دعت إلى ضرورة ترسيخ الإيمان بمبدأ الفصل بين السلطات واستقلال القضاء وسيادة القانون كقاعدة دستورية يجب احترامها والعمل بموجبها، والكف الفوري عن استخدام سياسة القضاء الدوار للتحايل على اختصاصات المحاكم كوسيلة للتضييق على حريات المواطنين، بما في ذلك النشطاء السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان.
كما طالبت بالعمل على تعزيز سلطة القضاء كمؤسسة لها نظمها وقوانينها، بوصفها أحد الأركان الأساسية التي تقوم عليها السلطة الفلسطينية، واحترام القيمة القانونية التي تحملها أحكام المحاكم والعمل على تنفيذها دون تلكؤ أو إبطاء، واعتبار عدم تنفيذ الأحكام الصادرة من المحاكم المختصة جريمة يعاقب عليها القانون، وتوفير كافة الإمكانيات المادية التي يتطلبها الجهاز القضائي للقيام بمهامه، وعدم استخدام هذه الاحتياجات للضغط على الجهاز القضائي، تلافيا لعدم تمكينه من القيام بمسؤولياته.
وشددت الورقة، على ضرورة تصدي القضاء والقضاة لمحاولات الهيمنة والتغول عليهم وعلى ولايتهم، من قبل مكونات السلطة التنفيذية في شطري الوطن، بما يعيد الاعتبار لقيمة وفاعلية هذا المرفق في حراسة القانون وحقوق المواطنين من التعدي والتعسف. وحثت الرئيس محمود عباس، ورئيس الحكومة محمد أشتية إصدار توجيهاتهم وتعليماتهم فوراً، لمكونات السلطة التنفيذية بالتقيد الحرفي بما يصدر عن القضاء من قرارات وأحكام، بوصفه مرجعية الفصل في المنازعات، وذلك تحت طائلة المسئولية.
وخُتمت الورقة، بالتذكير بأنه إذا صلح القضاء صلحت جميع مؤسسات الدولة، كما أن إصلاح وتطوير مرفق القضاء لا يتم بقرارات فقط، بل بالإيمان بالقضاء وبسلطته واستقلاله وبدوره، وفي التقيد الأمين بإنفاذ أحكامه والاحتكام لقراراته، بما يشيع جو العدالة بين الناس.