تهديدات قادة «حماس» تهزّ الفرضية الإسرائيلية بعدم رغبة المنظمة في مواجهة جديدة

عاموس-هرئيل.jpg
حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل

 

 


هل فرضية إسرائيل حول رغبة قيادة "حماس" في استمرار الهدوء في القطاع ما زالت قائمة؟ تدل تصريحات كبار قادة المنظمة الفلسطينية، مؤخراً، على أن الأمر ربما يحتاج إلى إعادة فحص للظروف السائدة على حدود القطاع. في مساء الثلاثاء  الماضي، أعلنت "حماس" أنها مستعدة لتثبيت "معادلة" جديدة أمام إسرائيل بسبب الأحداث الأخيرة في السجون.
الأجواء السائدة في مرافق السجون تتصاعد على خلفية الخطوات التي قامت بها مصلحة السجون، في أعقاب الفوضى التي تم الكشف عنها في قضية هرب السجناء من سجن جلبوع. حدثت في سجن الدامون حادثة استثنائية عندما قالت سجينات فلسطينيات: إن السجانين قاموا بإجراء تفتيشات عنيفة في غرفهن في محاولة للعثور على هواتف محمولة. في وسائل الإعلام الفلسطينية نُشر أيضاً أن السجينات فُرض عليهن نزع الحجاب، وأثار هذا التقرير الاضطرابات في "المناطق". وصلت هذه الأمور الذروة عندما قام ناشط من "حماس" بطعن سجان في سجن نفحة وأصابه إصابة طفيفة. وقالت مصادر في مصلحة السجون: إنه سبقت عملية الطعن تحذيرات استخبارية كثيرة حول حالات متوقعة لسجناء للمسّ بالسجانين. ربما أن عملية الطعن نبعت من عدم الحرص على تطبيق إجراءات الأمان (ارتداء وسائل الحماية والدخول إلى الأقسام فقط بشكل زوجي).
المصطلحات واللهجة التي تستخدمها "حماس" تذكر بالأيام التي سبقت التصعيد الأخير في "المناطق" على خلفية عملية "حارس الأسوار" في أيار الماضي. في حينه اختارت قيادة "حماس" في القطاع أن تلقي نفسها داخل التوتر الذي ازداد في الحرم وفي منطقة باب العامود في البلدة القديمة. وقامت بنثر التهديدات، وفي نهاية المطاف قررت إطلاق الصواريخ من غزة نحو القدس. كانت النتيجة رداً إسرائيلياً شديداً، وفي أعقابه اندلعت جولة القتال الأكثر خطورة في القطاع منذ عملية "الجرف الصامد" في صيف 2014. في هذه المرة قالت "حماس": إنها لن تتردد في العمل مثلما فعلت في أيار، وإن ظروف السجناء هي اعتبار مهم جداً بالنسبة لها لا يقل عن الوضع في القدس.
وسُمعت تهديدات أخرى، مؤخراً، خلال زيارة وفد المخابرات المصري إلى القطاع. تحاول مصر تحقيق ثلاثة أمور: مشاريع لإعادة إعمار القطاع، ومفاوضات عملية حول صفقة الأسرى والمفقودين، وهدوء طويل المدى. الفجوة بين مواقف الطرفين حول الصفقة تجعل تحقيق الهدفين الأخيرين صعباً. في هذه الأثناء يبدو أنه يوجد لحكومة بينيت – لابيد هامش مناورة ضيق من أجل التوصل لصفقة. لا يوجد في أوساط الجمهور الإسرائيلي ضغط حقيقي لإعادة المواطنين وجثث الجنديين التي تحتجزها "حماس" في غزة. ولا يوجد دعم حقيقي لدفع الثمن الباهظ الذي تطلبه "حماس"، وهو إطلاق سراح مئات السجناء، ومن بينهم أشخاص قاموا بقتل إسرائيليين.
تهدد "حماس" بسبب تراكم مواضيع مشتعلة من ناحيتها، مثل تجميد المفاوضات حول الصفقة، وادعاءات السجناء المسجونين في إسرائيل، والتنفيذ البطيء لعملية إعادة الإعمار، وبدء فصل الشتاء في غزة، الذي يتوقع أن يجلب معه الفيضانات الشديدة وتشويش تزويد الكهرباء، والخوف من تفش جديد لوباء "كورونا" بسبب وصول السلالة الجديدة للمنطقة. وقال قادة "حماس" للوسطاء المصريين: إنهم كانوا يريدون زيادة عدد العمال المسموح لهم العمل في إسرائيل. صادقت الحكومة بشكل استثنائي على 10 آلاف عامل من القطاع للعمل داخل حدود الخط الأخضر. وفي "حماس" يريدون ثلاثة أضعاف هذا العدد على الأقل.
التهديدات الأخيرة يتم تفسيرها في إسرائيل كدليل على ضائقة محددة لـ"حماس"، لكن إضافة إليها فثمة شعور بالقوة لدى قيادة "حماس". من ناحيتها هي انتصرت في عملية "حارس الأسوار" وهي لا تخاف المخاطرة باندلاعات جديدة. اتبعت "حماس" تكتيكاً مشابهاً في السابق عندما كانت فعلياً تأمل في الاكتفاء بالتصعيد المحسوب الذي سيجبر إسرائيل على تقديم بادرات حسن نية اقتصادية ومدنية. ولكن سيطرتها على ما يجري بعيدة عن أن تكون كاملة. وإذا أطلقت "حماس" العنان، على سبيل المثال، لأحد الفصائل "المارقة" بإطلاق صاروخ أو صاروخين على غلاف غزة فإنه تصعب معرفة إذا كان الأمر سينتهي بذلك.
في الخلفية يشتعل مجدداً أيضاً التوتر بين "حماس" والسلطة الفلسطينية، التي تظهر ضعفا بارزاً في الضفة الغربية. في حين أن "حماس" و"الجهاد" تزيدان العمليات ضد الإسرائيليين. تضعف هذه العمليات سيطرة السلطة الفلسطينية على الأرض، وتقلل من التعاطف معها. مؤخراً نشر في وسائل الإعلام الفلسطينية أن إسرائيل نقلت تهديدات لـ"حماس" بوساطة مصر تفيد بأنه إذا لم توقف تدخل قيادة المنظمة في تركيا وفي لبنان في توجيه عمليات في الضفة الغربية، فإن إسرائيل ستقوم باغتيال القائد الكبير في "حماس"، صالح العاروري، الذي يتنقل بين هاتين الدولتين. يبدو أن هذه التهديدات زادت من عصبية "حماس" وساهمت في تشدد نغمتها تجاه إسرائيل.
بالنسبة للمواجهة الفلسطينية الداخلية فإنها تنزلق إلى جنوب لبنان، في أعقاب الانفجار الغامض، الأسبوع الماضي، في مخزن سلاح تابع لـ"حماس" يوجد تحت مسجد في مخيم للاجئين في مدينة صور، اندلع تبادل لإطلاق النار في جنازة عضو "حماس" الذي قتل في الحادثة. في هذه الحادثة قتل ثلاثة فلسطينيين وأصيب عدد من الأشخاص من "فتح" و"حماس". أحد المصابين هو شخصية رفيعة في "حماس"، وهو زاهر جبارين، المسؤول عن ملف سجناء "حماس".

عن "هآرتس"