خلال الفترة الماضية تصدر موضوع العنف بالجامعات، تحديداً بعد الأحداث المؤسفة التي جرت في الجامعة العربية الأميركية. لنتفق على أن ما يحدث في جامعاتنا على مختلف الأصعدة أمر محزن، وبحاجة إلى وقفة مجتمعية لعلاج العديد من القضايا، وأهمها وأخطرها ظاهرة العنف التي تعصف داخل أسوار الجامعة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن ما يحدث داخل أسوار الجامعة هو انعكاس لما يحدث خارجها.
كابن حركة طلابية سابق، أقول: إن على جميع مكونات المجتمع الوقوف مع جامعاتنا بكل الإمكانيات في هذه المرحلة، وإلا سنجد أن أمراضاً وسلوكيات جديدة ستتغلغل داخل الأماكن التي نعتز بقدسيتها ووطنيتها، ما سيؤثر على مستقبل شبابنا الذي يواجه العديد من التحديات في الوقت الحالي.
شكراً لمجلس رؤساء الجامعات لاتخاذه عدداً من القرارات لاحتواء حالة الفوضى والفلتان، ومنع تكرار الجرائم والاعتداءات التي شهدتها بعض الجامعات، من أجل صون حرمتها والقضاء على كافة أشكال العنف في مؤسسات التعليم العالي، لكن ذلك يتطلب مراجعة شهرية للتأكد من التطبيق الفعلي والعملي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن كل تلك القرارات والتوجيهات سيكون مصيرها الفشل إذا لم يقم الكل الفلسطيني بما عليه من مسؤوليات.
هناك دور كبير على المؤسسة الأمنية والقضائية، بمعنى أنه يجب على يد العدالة أن تطول كل من تسوّل نفسه بالعبث بأمن الجامعات، وعدم التسامح مع أيّ كان. والجانب الآخر، على مؤسسات المجتمع المدني، والفصائل الوطنية والإسلامية، الوقوف عند مسؤولياتها في تعزيز الفهم الوطني وتقبل الرأي والرأي الآخر، وتغليب ثقافة الحوار على ثقافة العنف بكل أشكاله.
ما أنصح به رؤساء الجامعات هو أن يتم فتح الحوار بشكل دائم مع الطلبة، وممثليهم من مجالس طلبة وحركات طلابية وأندية الكليات والتخصصات، ليس فقط من أجل حماية البيئة الأكاديمية بقدر ما أصبح عليهم عبء أكبر في ظل الظروف التي تمر بها قضيتنا الفلسطينية، بل من أجل إعداد الطلبة ليصبحوا مواطنين ملتزمين قادرين على قيادة المرحلة القادمة من عُمر قضيتنا الفلسطينية، وتعزيز المبادئ الأخلاقية لديهم في خدمة المصلحة العامة.
العنف في الحرم الجامعي مشكلة معقدة، ولا توجد إجابات سهلة. لا تستطيع إدارة الجامعات حلها عن طريق برنامج لمرة واحدة أو ملف مسؤول عنه شخص واحد، ولا يوجد مخطط واحد يناسب الجميع لتحقيق النجاح. على المسؤولين ممارسة القيادة من خلال إنشاء ودعم عملية تعاونية طويلة الأجل؛ لإنشاء والحفاظ على نهج شامل وإستراتيجي ومتعدد المكونات، ومنسق لمنع العنف وتعزيز الأمان في الحرم الجامعي.
هذه العملية بحاجة إلى جمع الشركاء المتعددين، وأهمهم أبناء الحركة الطلابية السابقون والمؤسسات المحلية، من أجل تحديد وإعطاء الأولوية للمشاكل، واستهداف تلك المشاكل مع المزيج المناسب من الإستراتيجيات.
كل ما سبق يجب ترجمته إلى خطة عمل وخطة تقييم؛ من أجل خلق البنية التحتية لدعم التنفيذ، وتقييم فعالية هذه الجهود. هذا التخطيط الإستراتيجي يُمكن باستخدام العملية لصياغة مبادرات متكاملة تتناول قضايا محددة من أنواع فرعية للعنف وتنسيق الجهود. قد تبدو هذه العملية مرهقة، إلا أنه لا توجد طريقة أخرى في النهاية، لهذا على مجتمعات الحرم الجامعي الفعل والعمل على أرض الواقع دون الاكتفاء ببيانات ومناشدات هنا وهناك.