هناك ما هو ثابت في الفكر الإستراتيجي الصهيوني، وهو الإستيلاء على أكبر مساحة من الأرض في مدينة القدس خاصة وفلسطين عامة،ومواصلة الإستيطان بلا توقف، واعتباره ثابتا من ثوابت مرتكزات الفكر الصهيوني…وكذلك هناك استراتيجية اسرائيلية تقوم على مصادرة الأراضي الفلسطينية المحيطة بالمستوطنات،والأراضي الفلسطينية في المواقع الإستراتيجية عامة لما يسمى بالمصلحة العامة، والمصلحة العامة هي لخدمة المشاريع الإستيطانية والمستوطنين والجمعيات التلمودية والتوراتية، وفي جبل المكبر جرى مصادرة أراضي عائلتي عبيدات والزحايكة المحيطة بمستوطنة ” نوف تسيون” المزروعة في قلب جبل المكبر (400) وحدة استيطانية لما يسمى بالمصلحة العامة، والمصلحة العامة لا تعني اقامة مدرسة او متنزه او روضة او ملعب لسكان الحي أو اصحاب الأراضي ، بل خدمة لتوسع المستوطنة ومرافقها العامة،وكذلك حدث الأمر في الشيخ جراح، حيث جرى مصادرة قطعة أرض في المدخل الرئيسي لحي الشيخ جراح مساحتها 4 دونمات وسبعمائة متر تخص عائلات عبيدات وعوده ومنصور وجار الله لما يسمى بالمصلحة العامة،إقامة متنزه وحديقة عامة، والهدف الحقيقي تحويلها لموقف لحافلات وسيارات المستوطنين القادمين لزيارة ما يسمى بقبر شمعون الصديق ،ومقدمة للسيطرة على حي “كرم الجاعوني” – القسم الشرقي من الشيخ جراح 28 منزلاً مهدد سكانه بالطرد والتهجير القسري.. وتزامن ذلك مع الهجوم على حي الشيخ جراح الغربي جورة النقاع ” كبانية ام هارون”،حيث جرى الإستيلاء على قطعة أرض هناك ومحاولة الإستيلاء والسيطرة على بيت المسنة فاطمه السالم التي تعيش في هذا البيت منذ 73 عاما تحت حجج وذريعة انتهاء الإيجارة المحمية، وبأن البيت الذي تقيم فيه املاك يهودية، هي وسكان الحي المكون من 45 عائلة هجرت من أراضي فلسطين -48 – .
والمعركة الآن للسيطرة على “كبانية ام هارون” محتدمة ومتواصلة، فالجمعيات الإستيطانية المدعومة من عراب الإستيطان،نائب رئيس بلدية الإحتلال المقدسية”أريه كنج” تلقي بثقلها من اجل طرد وتهجير سكان الحي من منازلهم لإقامة حي استيطاني جديد على انقاض الحي الفلسطيني،وهي باتت تسيطر على 33 قطعة من أصل 58 قطعة أرض هناك. ومن أجل إكتمال مشروع السيطرة الكاملة على منطقة الشيخ جراح،وعزل قرى شمال مدينة القدس الشيخ جراح واد الجوز وشعفاط والعيسوية عن قلب مدينة القدس، أقدمت بلدية الإحتلال على ابلاغ المواطن محمود صالحية المهجر قسراً من بلدة عين كارم في القسم الغربي من المدينة عام 1948،والذي اشترت عائلته قطعة أرض مساحتها ست دونمات ومائتي متر عام 1967 في منطقة “كرم المفتي”،بأنها ستعمل على مصادرة قطعة الأرض تلك والمنزلين المبنيين عليها لمحمود صالحية وشقيقته،واللذان يسكن فيهما 12 فرداً معظمهم من الأطفال،وأمهلته حتى 25 كانون الثاني من العام القادم للقيام بعملية الإخلاء، والمصادرة لما يسمى بالمصلحة العامة، والمصلحة العامة مدارس وروضات للأطفال اليهود،بعد السيطرة الكاملة على حي الشيخ جراح ووصله بالبؤر والمشاريع الإستيطانية الأخرى،منهاالمشروع الإستيطاني القائم على أنقاض أرض وبيت المفتي وعدد وحداته السكنية الإستيطانية الآن 28 وحدة ،يجري توسيعها الى 56 وحدة استيطانية،وقصر المفتي الذي سيتم تحويله الى كنيس يهودي، وهذا يترابط مع مبنى وزارة داخلية الإحتلال في واد الجوز،ومع مشروع واد السيلكون،الذي سيزيل 200 من المحلات التجارية والورش لتصليح السيارات هناك ،واقامة فنادق ضخمة ومصانع للصناعات الدقيقة ” الهايتك” ومرافق سياحية ووحدات سكنية استيطانية،والهدف واضح،خلق بديل للفنادق العربية في القسم الشرقي من المدينة لجذب السياح،و”قتل” الحركتين التجارية والإقتصادية في البلدة القديمة وتفريغها من سكانها ومحلاتها التجارية تمهيداً للسيطرة عليها ،وجعل الطريق سالكة امام السيطرة على الأقصى وتقسيمه مكانيا،وخاصة اذا ما علمنا بأن ما يسمى بالوصي العام في وزارة قضاء الإحتلال،يطالب بإخلاء عشر عائلات مقدسية في مدخل باب العامود،يقول بأنها تعيش في أملاك يهودية.
الإحتلال للأسف يتقدم في مشاريعه ومخططاته الإستيطانية،وهناك من هو منفصل عن الواقع او يعيش في غيبوبة سياسية،ويراهن على ان المجتمع الدولي والأمريكان” سيجلبون له الزير من البير”،وهو يدرك تمام الإدراك بان المجتمع الدولي طوال ثلاثة وسبعين عاماً من الإحتلال لم ينجح في إزالة حجر مستوطنة واحد،والأوروبيون الغربيون الذين يشكلون الوجه الناعم للسياسة الأمريكية،يبيعون شعبنا الوهم والكذب والخداع والتضليل،وبيانات الشجب والإستنكار،ولا يجرؤون على اتخاذ أي قرار يتعارض مع مصلحة الإحتلال،او حتى فرض عقوبة ناعمة عليه،وأمريكا هي شريك استراتيجي لدولة الإحتلال،وهي شريك مباشر في العدوان على شعبنا وقضيته وحقوقه المشروعة،والإدارة الأمريكية الجديدة لم تجرؤ على إعادة فتح قنصليتها في الشطر الشرقي من المدينة،لرفض حكومة الإحتلال إعادة فتحها،وتبرر ذلك للسلطة الفلسطينية، بأن إعادة فتح القنصلية،قد يسقط الحكومة الإسرائيلية الحالية،فبقاء حكومة الإحتلال أهم من الشعب الفلسطيني وقيادته وحقوقه وقضيته.
هذه القيادة بات عليها بعد ” تجريب المجرب”،ان تغادر هذا النهج والخيار،وان تفتح القرار والخيار الفلسطيني على أرحب فضاء عربي -اسلامي، وإصرارها على الإستمرار في نفس النهج والمسار، يعني بأنها تضع نفسها في تضاد مع جماهير شعبنا وحقوقه المشروعة .
الشيخ جراح وغيره من الأحياء المقدسية المهدد سكانها بالطرد والتهجير القسري،أحياء سلوان الستة،بطن الهوى،حي البستان،عين اللوزة،وادي ياصول،وادي الربابة ووادي حلوة وبيت حنينا، تجري عمليات التهويد فيها واخلاء السكان على قدم وساق، وهي لا تحتاج الى استمرار الندب والبكاء على عتبات البيت الأبيض والأوروبيين والمجتمع الدولي ومؤسساته العاجزة، بل تحتاج الى من يضع النقاط على الحروف فلسطينياً.