بعد زيارة عباس لغانتس.."انتصار الإدارة المدنية على السلطة الوطنية"

1622458077-1144-3.jpg
حجم الخط

 كتب حسن عصفور 

ولأنها ليست "زيارة اجتماعية"، باتت زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الى منزل وزير جيش العدو القومي بيني غانتس في منزله برأس العين مساء الثلاثاء 28 ديسمبر 2021، الخبر الأبرز فلسطينيا وداخل الكيان، بما له من تأثير سياسي مباشر على مسار القضة الوطنية، ونتائجها الكارثية، التي منحت دولة الكيان، "شهادة براءة" في ظل حربها الإرهابية ضد الشعب الفلسطيني.

وسارع طرفي الزيارة للقيام بعملية تضليل ليست ذكية، بعدما أعلنوا عن "جملة امتيازات مدنية" و"تسهيلات اقتصادية مالية" علها تحد من "فورة الغضب" التي فجرتها، خاصة في الجانب الفلسطيني، متجاهلين أن كل ما تم نشره ليس سوى بعضا من "حقوق" ملزمة ضمن اتفاق تتجاهل إسرائيل كليا أنه كان موجودا.

 وجاء الحديث عنها، بالطريقة الاستعراضية لتشير أن العلاقة لم تعد بين طرف وطرف وفق نص الاتفاق، بل بين طرف وتابع وفقا لما قبل الاتفاق، تعيد للذاكرة ما كانت تقوم به سلطات الاحتلال من "تقديم امتيازات" لبعض الشخصيات لتعزيز مكانتها على حساب قوى منظمة التحرير، دون أن نعيد مسميات تختزنها "الذاكرة الوطنية".

سوى تغريدة لناطق إعلامي أمريكي كان فرحا لكنه تمنى أن تؤدي الى "بناء ثقة" بين الطرفين، لم تثر الزيارة – الحدث، اهتماما دوليا بما توقع أطرافها، كونهم يدركون تماما بأنها لن تنتج أي تغيير جوهري على القائم السياسي بين طرفي المعادلة، كون جوهر الصراع لم يكن يوما غياب الأبعاد الاقتصادية الحياتية، بل عدم وجود عملية سياسية.

زيارة الرئيس عباس الى منزل غانتس، وما تم كشفه بعدها، اعتراف رسمي فلسطيني بكل ما قامت به حكومة الكيان من إجراءات خلال السنوات العشر الأخيرة، وأبرزها تعزيز دور "الإدارة المدنية" كجهاز لخدمة جيش الاحتلال، وقيامها بالعمل كجهة مسؤولة عن "سكان الضفة وضواحي القدس" فلسطينيين ويهود، كرسالة سحب الاعتراف بالكيانية الفلسطينية، وعودة الى ما قبل اتفاق إعلان المبادئ 1993.

الزيارة، وما تم الكشف عن مضمونها، هي اعتراف فلسطيني رسمي بالمشروع التهويدي مقابل "امتيازات سكانية" و"خدماتية" كرشوة يعتقدون أنها ستحاصر التطورات التي بدأت ترى النور، رغم "الجدار الأمني المشترك".

زيارة الرئيس عباس الى منزل غانتس، الذي يتعامل مع الضفة الغربية والقدس بأنها "يهودا والسامرة وأورشليم"، وليست الضفة والقدس، خلافا كاملا بنص الاتفاق الذي وقعه الرئيس عباس بنفسه في سبتمبر 1993 في حديقة البيت الأبيض بواشنطن، حيث اعتبر الضفة الغربية وقطاع غزة وحدة جغرافية واحدة ولايتها للفلسطينيين.

مناورة بعض فريق الرئيس عباس، لتسويق "الامتيازات" وكأنها مكسب سياسي من أخل خدمة الشعب الفلسطيني، ليس سوى ترجمة عربية للمطلب العبري، بتغييب الملامح السياسية للصراع القائم، والانتقال من "السياسي الى الخدماتي" وفق الرعاية الإسرائيلية، والتي ستتعامل معها وفقا لطبيعة الأداء، أي انها لن تكون "خدمة إنسانية مجانية"، بل "خدمة مدفوعة الثمن الأمني".

مخاطر الزيارة، تستوجب حركة استنفار عام، خاصة للأطراف التي تعمل لحماية المشروع الوطني العالم، بعيدا عن "المشاريع الفئوية" الاستخدامية الرامية لبديل أو متواز تمثيلي، ولعل أبناء حركة فتح يتحملون المسؤولية الرئيسية للعمل من أجل قطع الطريق نتائج النكسة السياسية التي أنتجتها، والعمل نحو بلورة آلية عمل مشتركة، لصيانة المشروع الوطني قبل أن يحرقه بعضهم حماية لمصالحهم التي لم تعد جزءا من المصلحة الوطنية بل نقيضها.

فتح بكل مكوناتها، تتحمل مسؤولية خاصة لحماية بقايا المشروع الوطني...وقبل فوات الآوان!

ملاحظة: أحدهم وصف زيارة عباس وغانتس بـ "لقاء الشجعان"...طيب يا "فلتة زمانك" خلي الشجاع غانتس يفرض على "الهامل" بينيت يحكي مكالمة مع رئيسك...اللي مش قادر يجيب مكاملة بدك إياه يجيب "سلام"..الهلوسة مش فن!!

تنويه خاص: محزن جدا أن تصمت قوى فلسطينية ذات تاريخ كفاحي على زيارة الوكسة السياسية...أبوها "المصاري"!