إعادة بناء النظام الدولي ما بين الممانعة الأمريكية والطموح الصيني!

3_1458974119_6422.jpg
حجم الخط

بقلم د. ناجى صادق شراب

 

 

 السؤال الذى يردده المحللون هل تملك الصين القوة والقدرة على إعادة بناء النظام الدولى الذى ما زالت تترابع على قمته الولايات المتحده؟ عملية إعادة بناء النظام الدولى ليست مجرد طموح ورغبه بل ترتبط بالقدرات ومحددات القوة على المستوى العالمى ، فالحديث عن القوه هنا يكون بمعايير العالميه وليس المحليه. وبالمقارنه بين الولايات المتحده والصين ما زالت الفروقات كبيره بين الدولتين ويكفى ان نشير إلى ان موازنة الدفاع الأمريكية لهذا العالم أضعاف أضعاف الموازنه الصينيه، وان عدد الرؤوس النوويه التي تملكها الولايات المتحجده أيضا أضعاف ما تملكه الصين.

ومع ذلك يوجد طموح صيني بالعمل على على إعادة بناء النظام الدولى لتتقاسمه مع الولايات المتحده، والعمل على التحول من نظام ألأحاديه إلى نظام الثنائيه بإطار تعددى مدعوما بتحالفات دوليه جديده.وفى خطاب له أمام المؤتمر الشعبى الصينى في مارس 2021 قال الرئيس الصينى ان الصين ألأولى في مكفاحة الكوفيد وألأولى في عودة العمل ، وألأولى في معدلات النمو الإقتصادى، ويضيف الثقه طريقنا، والثقه الكامله في نظرياتنا، والثقه في نظامنا والثقه في ثقافتنا.

وبالنسبة للرئيس الصينى هذه مؤهلات لإعادة بناء النظام العالم لتأخذ الصين مكانتها ودورها الذى تستحق، وان هذا النظام لم يعد حكرا على الولايات المتحده.وان الرئيس الصينى أوصل الصين مكانه عالميه ومركزيه لا عودة عنها.وهنا التساؤل الذى يطرح على أجندات البحث وفى المنتديات الدوليه ما هو هدف الصين من إعادة بناء النظام الدولى ؟هل هو العودة لثنائية القطبيه ومقاسمة أمريكا النظام الدولى ؟ أم الإعتراف بدور الصين كقوة مؤثره عالميا، وان الكثير من القضايا الدولية لم يعد حلها بدون هذا الدور والإعتراف بالمصالح الإستراتيجيه العليا للصين كما في تايوان؟يعتقد الكثيرون أن هدف الصين دفاعى يتمثل في الدفاع عن نظامها من النقد الموجه لها ، وتحقيق بعضا من المصالح السياديه في بحر الصين وفى آسيا.

بعبارة أخرى الصين تهدف إلى نزع إعترافا بدورها المركزى في هذه المنطقة التي باتت منطقة تنافس وصراع مع الولايات المتحده.إلا ان الواقع أن نظرة الصين ورئيسها تتعدى حدود التاثير والنفوذ والذى أصلا موجود إلى دور الشريك المتساو في النظام الدولى.والخطوة ألأولى في تحقيق هذه الإستراتيجية الصينية الحفاظ على الصين واحده موحده في الداخل ، والإعتماد على القوة الإقتصاديه ، وتنامى قوتها البحريه ، وبسط سيطرتها على المناطق المتنازع عليها وعودتها للسياده الصينية واهمها تايوان التى تشكل بؤرة الإختبار ألأولى.والخطوة الثانيه الإستفاده من القوة الناعمه الصينيه في أفريقيا وبناء تحالفات إقتصاديه وتنويع والشراكات الإستراتيجيه مع العديد من القوى الصاعده كإيران والهند، وروسيا ومن ثم العمل على تحالف عسكرى مقابل ومواز للتحالفات العسكرية الأمريكية، والإستفاده من تراجع القوة الأمريكية في الشرق الأوسط والعمل على ملء هذا التراجع بالعلاقات الإقتصاديه كما الإماارت والسعوديه ومصر.

والخطوة الثالثه بتبنى المشاريع العالميه العابرة للحدود كمشروع طريق الحرير الذى يعتبر طريقها للكونيه . والخطوة الأخرى منافسة الشركات الصينية وحضورها عالميا، والخطوة الخامسه التفوق التكنولوجى وتقديم النموذج البديل لدول العالم وخصوصا في أفريقيا وآسيا للنموذج الأمريكي الذى يعتبر أكثر كلفة سياسيا لها بتنبنى الديموقراطيه.ومن وجهة نظر الرئيس الصينى أن هذه الحتولات الكونيه التى تعمل لصالح الصين ونموذجها وقيمها ستكون بديلا للنظام الليبرالى الديموقراطى الذى بنت عليه الولايات قوتها بعد الحرب الثانيه. والتلى ربطت ذلك بمفاهيم حقوق الإنسان وحرية التجاره وحكم القانون،والتدخل المحدود للدولة ، والرفاهية الاجتماعية لجميع مواطنيها ، الصين تحاول اليوم ان تقدم نموذجاعلى انه المخرج لكل المشاكل الإقتصاديه التى تواجه العديد من دول العالم. بتدخل أكبر للدولة وحريات أقل، وقيود على ألأسواق، البعض يرى ان العالم أصبح أكثر قبولا لوجهة النظر الصينيهبترديد مقولة الشرق يبرز ويتصاعد والغرب يتراجع.

ورغم ذلك ما زال الطريق شائكا امام نجاح الصين لإعادة بناء النظام الدولى ولأسباب كثيره أولها المقارنه بين قوة الولايات المتحجه والصين عسكريا وإقتصاديا فما زالت الفروقات واضحه وخصوصا في عددة الرؤوسس النوويه التى تملكها أمريكا وفى حجم موازنتها العسكريه وقوتها الإقتصاديه، وثانيا المشاكل الداخليه التي تواجهها الصين في بناء دوله قويه واحده، وبروز الكثير من المشاكل المتعلقه بحقوق الإنسان كما وضع المسلمين فيها ،وإعادة رسم الخارطه السياسيه للصين وكما قال الرئيس الصينى ان هدف الصين ألأمة الواحده له ألأولويه وينبغى ان ينجز ويتحقق أولا., وثالثا قدرتها في بسط سيادتها الكامله على بعض المناطق المتنازع عليها كتايوان ورابعا بروز قوة اليابان من جديد ولعبها دورا أكبر في المنطقه، وخامسا أن كثير من الدول لا تميل كثيرا للنموج الصينىا لسياسى والأيدولوجى ، وسادسا محاولة الصين إنهاء السمو الأمريكي في المحيط الهادى وأسيا ليس بالأمر السهل، وان الصين تنظر لهذه المنطقه بالأسرة الكبيره وانها الأب لها، ومقولتها ان المنطقة لا يمكن أن تزدهر بدون الصين ولا يمكن للصين انةتزدهر بدونها .

ويبقى الهدف الصينى أقرب للطموح السياسى ألأيدولوجى الذى يحتاج وقتا طويلا ويعتمد على مقدار التراجعات في الدور ألأمريكى عالميا وفى التحديات الداخليه التي قد تواجهها الولايات المتحده. ورغم كل التحديات والمعيقات نجحت الصين لتكون قوة منافسه والعلاقه مع الولايات المتحجه هي من ستقرر بننة النظام الدولى في السنوات القادمه واحد هذه البدائل الإعتراف بالدور الكونى للصين والتكيف و التعايش معه.