كي لا "تخطف الشعلة"..و"تسرق الرصاصة"!

1622458077-1144-3.jpg
حجم الخط

 كتب حسن عصفور

 عندما أطلقت قوات العاصفة رصاصتها الأولى في الفاتح من يناير عام 1965، أعلنت حركة فتح ميلاد "تاريخ جديد" للشعب الفلسطيني، فرضته أن يكون جزءا من انطلاقة العام السنوي الميلادي، وكأن اختيار جدول الزمن حمل الرسالة الأولى من الرصاصة الأولى لتلازم ذكرى فجر الثورة الفلسطينية المعاصرة، مع الفجر الإنساني العام في مترادفة لا فكاك منها.

ومنذ معركة الكرامة 21 مارس 1968، المرتبط أيضا بفجر فصل الربيع، تمكنت حركة فتح من صناعة "مجد وطني" مشاركة مع قوى فلسطينية ودعم جيش أردني، لتبدأ مسار الثورة المعاصرة، والتي وجدت لتبقى وتنتصر، متلازمة الخالدين ناصر وأبوعمار التي سجلها اللقاء الأول مع قادة الثورة المنطلقة بقوة لمنح قضية فلسطين طاقة انبعاث مستحدثة، بعد حصارها في شبكة من "أنفاق وجدر" الرسمية العربية.

فرضت ثنائية الشعلة والرصاصة على الجدول الزمني لفلسطين أن يكون بداية العام، رمزا ليوم انطلاقة الثورة الفلسطينية نحو تأسيس الكيانية الوطنية فوق أرض فلسطين، ومنح الخريطة الجغرافية حضورا سياسيا مجسدا في إطار، بعد أن كان حضورا في سياق كتب الجغرافيا والتاريخ.

شعلة ورصاصة، أعادت رسم حدود الزمن ليؤكد أن قضية شعب "طائر الفينيق" ليس "إنشودة" وطنية وأهازيج شعبية وتراث يتم سرده في ليال ومناسبات، بل حدثا واقعا لن يتمكنوا من كسر عاموده الفقري الوطني.

شعلة ورصاصة، رسمت خريطة سياسية جديدة في المنطقة، نحو إطلاق الحجر الأول في بناء الكيان الأول لوطن وقضية، قادها من قاد فعل الثورة المعاصرة الأول ياسر عرفات، من أرض فلسطين أعلن قيام سلطة فلسطين عام 1994، بعد أن أعلن قيام دولتها المفترضة من أرض الجزائر عام 1988.

الشعلة والرصاصة، باتت رمزا لشعب وتخليدا لثورة قادتها حركة فتح، ولا تزال، رغم كل ما أصابها من "طعن عدو" و"غدر صديق" و"همالة إبن" اساء لها أكثر مما أصابها سوءا من آخرين، عدو وطاعن وغادر.

شعلة ورصاصة فتح، ليست ذكرى ماض بل هي فعل الحاضر، رغم ما أصابه كسرا ونهشا سياسيا، لازال يملك قاطرة المسار نحو مستقبل حددته رصاصة الأول من يناير، ولأن فتح ليس فصيلا وفق "قانون الأحزاب" المعلوم، تمكنت أن تكون حركة بمواصفات شعب فلسطين، وبجدارة استحقت لقبها الشعبي المعلوم بـ "أم الجماهير"، تبقى قادرة أي كان مرضها أن تشرق وتقطع الطريق على  محاولات "لصوص الرصاصة والشعلة".

شعلة فتح ورصاصتها بعد 56 عاما، في حاضرها أصابها بعض ارتعاش ورصاصتها ملتبسة الحضور، ليست هي تلك صاحبة الصوت الذي أربك مشهد السكون الرسمي العام...

فتح رصاصة الثورة المعاصرة، نهوضها نهوض لقضية ونعساها نعاس وطني عام، فهي كالشعب الذي منه خرجت، ولأنها ليست كغيرها لا يجب السماح لهم بـ "خطف الشعلة" ولا "مصادرة الرصاصة"...وسبل ذلك من بين ظهرانيها وليس من غيرهم..هم وحدهم من يعيدون لـ "ام الجماهير" ما سرق منها في ليلة عتمة كادت أن تخطف نور الوطن.

في ذكرى خروج الرصاصة وايقاد الشعلة لانطلاقة فتح والثورة، سلاما لكل من دفع في مسارها لتستمر رافعة لقضية الشعب..سلاما لشهداء الثورة ...سلاما للخالد الذي سيبقى حارس الشعلة وحاملها ياسر عرفات!

ملاحظة: ذهب عام يمكن اعتباره كان "بلاءا سياسيا نادرا"...عواجيز شعبنا بيقولوا لعلها كفارة تمنح القادم خيرا وطنيا وإنسانيا، وقبلهما قيادة تكون "بنت شعب" مش "بنت أيه..."!

تنويه خاص: غادرنا في اليوم الأخير من العام اللي كان جابر عصفور الذي صنع من النقد أدبا..وخالد أبو خالد الذي صنع من الشعر رصاصة...رحيل ثقافي موجع..لكنها دورة الحياة..سلاما لروحكم!