"إسرائيل اليوم" : قصة السيطرة على سفينة "كارين ايه": 7 دقائق في البحر الأحمر

حجم الخط

"إسرائيل اليوم"بقلم: حنن غرينوود

بقلم: حنن غرينوود
قبل عشرين سنة بالضبط خرجت إلى حيز التنفيذ عملية تكاد تكون غير مسبوقة تسمى "سفينة نوح".
في إطارها سيطر مقاتلو الوحدة البحرية 13 على سفينة سلاح فلسطينية.
كانت الأيام أيام الانتفاضة الثانية، وكان دم الإسرائيليين يسفك كالمياه.
في آذار 2002، بعد شهرين من القبض على "كارين ايه" قُتل 81 إسرائيليا في 11 عملية "انتحارية". في نهاية ذاك الشهر نشبت حملة "السور الواقي".
السلطة الفلسطينية، التي كانت عرضت نفسها قبل بضع سنوات من ذلك فقط كمحبة للسلام، فعلت في تلك الفترة كل ما في وسعها كي تشجع مزيداً من العمليات، ولهذا الغرض اشترت سفينة وحملتها بأسلحة إيرانية، لو كانت وصلت إلى المنطقة لغيرت وجه الصورة.
"فهمنا أن عرفات يبحث عن مصادر سلاح لأجهزة الأمن الفلسطينية وللتنظيم"، يروي رئيس الأركان في حينه، شاؤول موفاز. "بعد بضعة أشهر من القبض على سفينة سلاح أخرى، سانتوريني، بدأت تصل في آب 2001 إلى شعبة الاستخبارات الأنباء الأولى عن كارين ايه، وعندها فهمت أنه يجب فتح عيوننا على البحر الأحمر".
حُملت السفينة في جزيرة كيش، التي تقع في خليج عُمان، بخمسين طناً من الوسائل القتالية وانطلقت باتجاه مصر، ومن هناك خطط "المخربون" لتهريب الوسائل القتالية الخطيرة في حاويات مأطومة إلى قطاع غزة. شخّص الجيش الإسرائيلي خروج السفينة فقرر الخروج في عملية استثنائية في حجمها.

ساعة واحدة
على الجانب العملياتي ائتمن مقاتلو الوحدة البحرية 13، الذين تدربوا قبل ذلك على الهبوط من المروحيات بالحبال، وفي حينه لم تكن هذه القدرة متوفرة في الجيش الإسرائيلي، وعلى السيطرة على السفينة بوساطة قوارب سريعة.
إلى جانبهم كانت أيضا في قلب البحر سفن صواريخ وغيرها من السفن. وفي الجو عملت مروحيات قتالية وطائرات قتالية، وكذا طائرات استخبارات.
وبسبب الطبيعة الدراماتيكية والمعقدة للعملية، قاد عملية السيطرة رئيس الأركان، موفاز، بنفسه، إلى جانب قادة سلاح الجو، وسلاح البحرية، وشعبة الاستخبارات، من طائرة قيادة خاصة. "كنا ملزمين بأن نأخذ القرارات في الميدان، يروي موفاز. 500 كيلو متر عن شواطئ إيلات، مع قوة هائلة في حجمها وفي ظل نافذة زمنية لساعة فقط من هدوء العاصفة، وصل المقاتلون مع أدواتهم الكثيرة إلى "كارين ايه".
"في تلك الفترة حدث غير قليل من العمليات الكبيرة في إطار الانتفاضة الثانية، لكن لا شك أن هذه كانت مهمة استثنائية"، يروي د. اليكس دان، مدير عام وزارة الاستخبارات اليوم، وفي حينه كان قائد سرب مروحيات هينشوف (بلاك هوك) التي أنزلت مقاتلي الوحدة البحرية إلى السفينة.
استغرقت سبع دقائق فقط السيطرة على السفينة، لكن في البداية لم ينجح المقاتلون في إيجاد السلاح المخبأ.
وفقط بعد أن قاد الكابتن القوة إلى الحاويات، اكتشف الكنز الهائل. 50 طناً من السلاح الذي كان معداً لاستخدام "المخربين" في قطاع غزة بما في ذلك آلاف الصواريخ وقاذفات الهاون، صواريخ آر.بي.جي ومئات البنادق الرشاشة والبنادق القناصة.

معنى استراتيجي
يشير موفاز إلى أنه مع كل الاحترام للصواريخ، كان التخوف بالذات من المواد المتفجرة: "كان في السفينة 2.2 طن من C4، والتي كانت تكفي لأكثر من 450 عملية "انتحارية". كان هذا سيلحق بنا ضررا مجنونا، أكثر بكثير من كل كاتيوشا".
المعنى الاستراتيجي للعملية كان حرجا بقدر لا يقل عن النجاح الأمني. في ذاك الوقت وجدت الحكومة والجيش صعوبة في إقناع الأميركيين بالحاجة إلى الخروج لحملة عسكرية لاحتلال مناطق السلطة الفلسطينية والقضاء على "الإرهاب"، كون الأميركيين كانوا مقتنعين بأن عرفات هو شريك حقيقي وليس "مخربا" متخفيا.
عندما وصل موفاز إلى الولايات المتحدة وفي يديه التوثيق الذي أثبت أن عرفات هو الذي أرسل السفينة أدى الأمر إلى تغيير الاتجاه الذي في نهايته أعطى إسرائيل الشرعية للخروج إلى حملة السور الواقي.
في مرآة الزمن يقول د. اليكس دان، مدير عام وزارة الاستخبارات اليوم، ساعدت العملية الجيش الإسرائيلي مثل كثيرين آخرين لقطع شوط طويل، ما يقوم به اليوم أيضا، في المعركة التي بين المعارك. "الجيش الإسرائيلي يتعلم كل الوقت، وكل عمليات كهذه مهمة. معرفة الماضي مهمة لأجل التخطيط للمستقبل. الشجاعة السياسية التي كانت في العملية تُطبق بتقديري اليوم أيضاً.

عن "إسرائيل اليوم"