بقلم: حسام الدجني/ كاتب ومحلل سياسي فلسطيني
سيسجل التاريخ أن الدبلوماسية السعودية التي يقودها الملك سلمان نجحت في أن تجمع جيوش أربع وثلاثين دولة اسلامية تعدادهم أربعة ملايين وثلاثمائة ألف جندي وضابط لمواجهة الارهاب في المنطقة، وسيكتب المؤرخون بأن الاستراتيجية السعودية الجديدة التي تؤسس لفلسفة احتواء الاسلام الوسطي المعتدل، وصولاً لقيادة وأستاذية العالم الاسلامي تسير بخطى ثابتة. ولكن يبقى التساؤل الأهم حول المأمول من هذا التحالف وكذلك أهم التحديات التي تعترض تلك الخطوة الاستراتيجية والمآلات المتوقعة..؟ يتعرض الاسلام لهجمة منظمة من قبل أطراف عديدة، بعد أن بدأت رسالته السامية المتسامحة والمتعايشة مع الجميع بالوصول إلى شتى أنحاء المعمورة، وبدأ الواقع الديموغرافي في بعض الدول الغربية يتغير تدريجياً لصالح أتباع الديانة الاسلامية، وخرج على السطح في أوروبا مصطلح الاسلام فوبيا، وبدأت حملات التضييق على المسلمين، وتشويه الاسلام عبر التوظيف الأمثل لسلوكيات بعض الجماعات الارهابية التي تنعت نفسها بالإسلامية، مثل تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)، تلك الجماعات التي نبتت من بلاد المسلمين في تطبيق حقيقي لمقولة صاحب نظرية كي الوعي وزير الدفاع الاسرائيلي موشيه يعلون، حيث قال مقولته الشهيرة: ” ليس من المتعة أو السياسة أن تقتل عدوك بيدك، فعندما يقتل عدوك نفسه بيده أو بيد أخيه، فإن المتعة أكبر!
وهذه سياستنا الجديدة في اسرائيل أن نشكل مليشيات للعدو فيكون القاتل والمقتول من الأعداء”. ما تحدث به يعلون يتقاطع بشكل كبير مع الاستراتيجية الامريكية التي تقوم على الحرب بالوكالة. إن المأمول من هذا التحالف لدى الشعوب العربية والاسلامية، ما يلي:
1- اعادة الصورة الصحيحة للإسلام في الوعي الجمعي للغرب.
2- أن يبدأ هذا التحالف بقوة الفكر وفكر القوة بمحاصرة التطرف والارهاب والعمل على انهائه بكل الوسائل.
3- أن يؤسس التحالف لاستراتيجية جديدة بموجبها يعمل على تطويق وانهاء كل الأزمات في منطقة الشرق الأوسط وفق ارادة الشعوب.
4- محاربة الفساد والفاسدين والمحافظة على موارد المنطقة واستغلالها الاستغلال الأمثل بما يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية لشعوب المنطقة. 5- حماية وانقاذ المسلمين المضطهدين في العالم، وعلى وجه الخصوص في بورما وكشمير ونيجيريا والشيشان وحصار قطاع غزة وغيرها من الدول.
إن أهم التحديات التي تواجه التحالف الاسلامي العسكري هي:
1- حالة التباين السياسي بين المكونات المشاركة في هذا التحالف، فعلى سبيل المثال لا الحصر، التباين بين تركيا وقطر من جهة ومصر والامارات من جهة أخرى.
2- الاختلاف المحتمل على توصيف الارهاب، وما قد يترتب على ذلك من أثر على مستقبل التحالف، فمن التحالف من ينظر للحشد الشعبي أو جماعة الاخوان المسلمون بأنهم جماعات ارهابية، ومنهم من يرى بأنهم حلفاء وأصدقاء، ونفس المشكلة في المسألة الليبية واليمنية وغيرها من جغرافيتنا العربية والاسلامية.
3- الموقف من الإرهاب الإسرائيلي، وما يقوم به من استهداف للبشر والشجر والحجر، وعلى وجه الخصوص المقدسات الاسلامية لاسيما المسجد الأقصى، سيشكل احراج كبير للتحالف أمام شعوب الأمة العربية والاسلامية.
4- البحث عن الدور والمكانة لدى مكونات التحالف تشكل تحدي رئيس لمستقبل التحالف، وربما الثقل السعودي نجح في تجاوز المعضلة إلا أنها ستبقى قائمة في المستقبل. المآلات المتوقعة: لو وضع التحالف العسكري الاسلامي هدفاً واحداً ووحيداً يتمثل في إنهاء كل بؤر الخلاف في المنطقة العربية والإسلامية، وعودة الأمن والاستقرار على أساس إرادة الشعوب، وانهاء الاحتلال الاسرائيلي، والمحافظة على موارد المنطقة من النهب والفساد وبما يؤسس لمنطق التوزيع العادل للثروة، اعتقد جازماً أن هذا التحالف سيؤسس مستقبلاً لاتحاد اسلامي نهضوي يعيد الاعتبار للحضارة الاسلامية، ويضعها على مصافي الحضارات في العالم. وما دون ذلك فإن فرص نجاحه واستمراره ستكون ضعيفه، وقد يتفكك في أي لحظة، وهو ما لا تتمناه أمتنا العربية والاسلامية، ويتطلب جهوداً جبارة تقع على كاهل المملكة واصدقائها في صياغة الهدف والرؤية الجامعة التي يجتمع عليها الكل العربي والاسلامي.