انتصار الأسير ابو هواش،ليس بديلاً عن اغلاق ملف الإعتقال الإداري

A3C553B2-590F-465F-97AB-B412BFF58E76-e1604927875626.jpeg
حجم الخط

بقلم راسم عبيدات

 

 

 سبق الأسير ابو هواش في الإضرابات المفتوحة عن الطعام من أجل نيل حريتهم،عدد ليس بالقليل من المعتقلين الإداريين،وفي المقدمة منهم الشيخ خضر عدنان وماهر الأخرس،وصولاً الى لؤي الأشقر وعياد الهريمي وعلاء الأعرج وكايد الفسفوس..وكل هؤلاء الأسرى من المعتقلين الإداريين استطاعوا إنتزاع حريتهم بصمودهم وثباتهم وبإرادتهم وصلابة موقفهم وإنتمائهم وبامعائهم الخاوية،كعامل أساسي في تحقيق انتصارهم على سجانيهم واجهزة مخابرات الإحتلال .....وتفاوتت مدد الإضراب عن الطعام لكل منهم،ولكنها لم تقل عن 70 يوماً فما فوق ...والمحتل كان يتعمد إطالة مدة عدم التجاوب مع مطالب هؤلاء الأسرى لنيل حريتهم،في محاولة لكسر إرادتهم وتحطيم معنوياتهم والضغط عليهم للتراجع عن اضرابهم المفتوح عن الطعام،وكذلك هو يريد إرباك عائلاتهم واسرهم وجعلهم يعيشون في أوضاع نفسية صعبة ضاغطة،قد تشكل عامل ضاغط على أبنائهم لوقف اضراباتهم المفتوحة عن الطعام دون تحقيق مطالبهم.

صحيح أن كل هؤلاء الأسرى انتصروا في معاركهم ونالوا حريتهم من خلال امعائهم الخاوية وإضرابهم المفتوح عن الطعام،ولكن المهم هنا بأن الوضع الذي تعيشه الحركة الأسيرة في واقعها غير الموحد والمتماسك..وغياب القيادة الإعتقالية التمثيلية الموحدة،وعدم وجود ممثل اعتقالي عام للحركة الأسيرة،وكذلك حالة الفصل بين أسرى منظمة التحرير وحركة ح م ا س في السجون،أفرزت واقعاً غير سوي،بخوض الإضرابات بشكل فصائلي وفردي،دون أن يكون هناك التزام بالإضراب حتى في إطار القسم الواحد في المعتقل وليس السجن الواحد،مما سمح لإدارة المعتقل وأدارة مصلحة السجون الإسرائيلية العامة واجهزة مخابراتها،ان تلعب على التناقضات والخلافات والتباينات بين أبناء الحركة الأسيرة وفصائلها،وكذلك هذه الشرذمة والإنقسام وعدم التوحد بين أبناء الحركة الأسيرة...ساهم الى حد كبير في إطالة مدة الإضرابات المفتوحة عن الطعام،وعدم الإستجابة من قبل إدارة مصلحة السجون لمطالبهم...وخاصة بأن الحملات والفعاليات والأنشطة والفعاليات التضامنية معهم ولنصرتهم من مسيرات وتظاهرات واعتصامات،أخذت هي الأخرى البعد الفصائلي والفئوي بشكلها العام،وفي أغلب الأحيان لم تكن بالمستوى والزخم المطلوبين،وكذلك الحالة الفصائلية ليست على ما يرام،وما قامت وتقوم به من أنشطة وفعاليات لنصرة الأسرى وقضاياهم،بقيت في الإطار الفوقي والنخبوي التمثيلي،ولم نشهد مسيرات حاشدة بالألآف أو حتى المئات..ولذلك القضية الجوهرية هنا،هي ضرورة خوض الأسرى للإضراب المفتوح عن الطعام،من اجل نيل الحرية وإغلاق ملف الإعتقال الإداري،بشكل جماعي لكل الأسرى المعتقلين إدارياً والذي يصل عددهم الى 500 معتقل ،فإذا كانت صحيفة " هارتس" العبرية،قالت في افتتاحيتها عقب إنتصار الأسير ابو هواش على سجانيه  وجلاديه واجهزة امن الإحتلال ومخابراته،بعد 141 يوماً من الإضراب المفتوح عن الطعام،"كفى للإعتقال الإداري"،هذا الإعتقال الذي يستند الى قوانين الطوارىء  الظالمة من عهد الإنتداب البريطاني،قوانين تفتقر لأي شرعية،والهدف منها تحطيم إرادة المناضلين وكسر معنوياتهم،واحتجاز طاقاتهم لأكبر فترة ممكنة،دون أية أدلة وبراهين ودون محاكمات،تحت ما يسمى بالمواد السرية.

ولذلك يصبح المطلوب في هذا الجانب على وجه الخصوص،خوض نضال جماعي من قبل الأسرى الإداريين،من اجل وقف واغلاق ملف الإعتقال الإداري بشكل نهائي،وهذا الملف يمكن أن يلتف حوله الكثير من المؤسسات الحقوقية والإنسانية والقانونية،وكذلك الكثير من أحرار العالم والمناصرين لقضية الأسرى ولقضية شعبنا الفلسطيني،حتى الدول والقوى الداعمة لدولة الإحتلال،ستجد نفسها محرجة في الدفاع عن دولة الإحتلال في مثل هذا الملف،الذي يتعارض مع كل القوانين والمواثيق الدولية،ويشكل خرقاً سافراً لحقوق الأنسان والقانون الدولي الإنساني.

القضية ليس فقط مقاطعة جلسات المحاكم بشأن الإعتقال الإداري،تلك المحاكم الصورية،التي ينفذ فيها قضاة محاكم الإحتلال تعليمات اجهزة مخابرات دولتهم،بل اخذ خطوة استراتيجية بتحرك جماعي لوقف وإغلاق ملف الإعتقال الإداري.

صحيح بأن ما أسهم في تحقيق إنتصارات الأسرى الإداريين في إضراباتهم المفتوحة عن الطعام،حالة الإسناد والدعم والتضامن الشعبي والفصائلي،ولكن المتغير الهام هنا،هو  وجود مقاومة فلسطينية،تمتلك القدرة في أن تسند هؤلاء الأسرى بالنار،وهذا بات عامل مقلق جداً للمحتل واجهزة مخابراته،من بعد معركة " سيف القدس"،وبالملموس في قضية الأسير هشام أبو هواش،كان موقف وقرار امين عام  حركة الجهاد الإسلامي ابو طارق النخالة وسرايا القدس  ومواقف فصائل المقاومة الأخرى وأذرعها العسكرية،بأن إ س ت ش ه اد الأسير ابو هواش،ستصبح الكلمة والفعل للميدان،وهذا يعني بالملموس ان صواريخ ا ل م ق ا  و م ة  ستتساقط على قلب دولة الإحتلال،وفي عاصمته السياسية والإقتصادية والدبلوماسية والأمنية ،تل أبيب،وربما تتجه الأمور نحو مواجهة عسكرية شاملة،والأسوء لدولة الإحتلال،هو تصاعد الفعل والإشتباك الشعبي في الضفة وتصاعد اعمال ا ل م ق ا  و  م ة،والتي قد تشكل خطر جدي على قدرة السلطة الفلسطينية وأجهتها الأمنية بالسيطرة على الأوضاع او احتوائها،وبالتالي أي انهيار في السلطة،يعني بان دولة الإحتلال ستواجه شعب باكمله،ولن تقتصر المواجهات والإشتباكات على الحواجز والمعابر،بل ستكون مواجهات شاملة في المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية.

نعم ابو هواش انتصر في معركة الأمعاء الخاوية وسينتزع حريته في السادس والعشرين من شباط القادم،ولكن هذا النصر المتحقق،يجب أن يبنى عليه رؤيا واستراتيجية فلسطينية موحدتين،من أجل إغلاق ملف الإعتقال الإداري بشكل نهائي.