فلسطين و اﻹتجاه المعاكس‎

جمال ربيع أبو نحل
حجم الخط

بقلم : جمال ربيع أبو نحل

في الوقت الذي تشتد فيه قبضة الاحتلال الإسرائيلي الغاشم على شعبنا الفلسطيني في الوطن المحتل ، ويعانى أبناء شعبنا في الشتات الموت جوعاً وغرقاً وفقراً ، يصر عدد من أمراء الفصائل والمسؤولين المتنفذين على السير بالاتجاه المعاكس ضد حقوق شعبنا في الحرية والعيش بكرامة  .
فمن القدس عاصمة دولتنا اﻷبدية ، حيث التهويد والعزل وهدم المنازل وإغلاق المؤسسات ، وفرض الضرائب الباهظة ، ومصادرة الهويات ، إلى الضفة الغربية المحتلة ، حيث مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات ، وجدار الفصل العنصري ، وحواجز الموت ، وعصابات المستوطنين المسلحة والمتوحشة  ، إلى عكا وحيفا ويافا والناصرة والنقب والمثلث ، حيث سياسة التمييز العنصري والاقتلاع ، إلى قطاع غزة والذي يئن تحت حصار مدمر منذ حوالي ثماني سنوات ، تخلله ثلاثة حروب طاحنة شنتها دولة الاحتلال ، مخلفة آﻻف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى والمعاقين ، ودمار شامل ، إلى مخيم اليرموك الشاهد على عجزنا جميعاً ، حيث يموت أبناء شعبنا جوعاً بعد المـــوت الذي يجول شوارع المخيم إلى اللاجئين الذين امتطوا أمـــواج البحر المتوسط هــرباً من جحيم المعارك ، فتحولت أجساد الآلاف منهم طعاماً ﻷسماك المتوسط ، إلى لبنان حيث مخيمات اللجوء و الحرمان ، إلى مخيم نهر البارد والذي يطويه النسيان يوماً بعد يوم ، إلى لاجئي شعبنا في العراق والذين سدَّت في وجوههم كل أبواب الدنيا فبحثوا عما بعد الأطلسي عن ملاذ يأويهم ، إلى ملايين اللاجئين في مخيمات اللجوء في الشتات والذين ينتظرون العودة . 
على ماذا نختلف نحن الفلسطينيين ؟؟!!  و من أجل ماذا ؟؟
على وطن محتل منذ عشرات السنين ، أم على إدارة موارد يتحكم بها الاحتلال ؟؟ ، أم على أرض تسرق وتنهب كل يوم ؟؟؟
على ماذا نختلف ؟! على الحرم الإبراهيمي الشريف والذي أصبح بمعظمه كنيس يهودي ، والمسجد الأقصى على الطريق لتكريس تقسيمه بشكل زماني ومكاني .
على ماذا نختلف ؟! وأطفالنا يعدمون على أبواب بيوتهم ومدارسهم وعلى مرأى أمهاتهم !
على ماذا نختلف ؟! على العائلات التي تحرق ليلاً ، أم على الأطفال الذين يخطفون ويعذبون حرقاً حتى الموت بيد غلاة المتطرفين من المستوطنين !!
على ماذا نختلف ؟! على اﻷﻻف من أبناء شعبنا والذين أصيبوا بإعاقات دائمة !
على ماذا نختلف ؟! على الأطفال الذين فقدوا ذويهم ويقفون في الأعياد والمناسبات ﻻ يجدون من يأخذ بأيدهم ويحنو عليهم !! 
على ماذا نختلف ؟! على أطفال شعبنا الذين يبدأون عيدهم على المقابر يبكون أمهاتهم !!
على ماذا نختلف على أﻻف اﻷسرى اﻷبطال والقابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ عشرات السنين !!
أﻻ بكم ، أيها السادة المحترمين ، يا أمراء الانقسام من خجل ؟! فبينما يحتشد عشرات الآلاف من المتضامنين مع شعبنا في أهم ساحات مدن العالم ، ويقاطع وتقاطع عشرات صناديق الاستثمار في العالم ومجالس واتحادات الطلبة وفنانون ومؤسسات ثقافية وملايين المواطنين حول العالم من كل الجنسيات ومختلف الأديان والمذاهب منتجات الاحتلال والشركات العالمية والتي ترفض الاستجابة لنداء المقاطعة..... 
بينما نحن نختلف على إدارة وطـــــن تحت الاحتلال ؟؟ وبينما نختلف على إدارة وطن ينزف من الورـيــد حتى الوريد  !!
كيف لنا أن نطالب الأخوة العرب والمسلمين في الدفاع عن فلسطين ، والجميع ينام ويصحو على حملات التخوين والسب والشتائم وبث روح الفرقة والكراهية ، إن كان من واجب اﻷمتين العربية والإسلامية الإتحاد من أجل فلسطين ، أليس نحن واجبنا أن نتحد قبل ذلك  ؟
هل تطبيق اتفاقيات المصالحة بحاجة إلى عشر سنوات  أخرى من الحوار ، هل نحن بحاجة إلى مؤتمر دولي لتطبيق بنود المصالحة بدلاً من العمل على عقد مؤتمر دولي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ، أم ماذا ؟
على ماذا نختلف ؟! على الآلاف من أبناء شعبنا الفلسطيني والذين تأكل اﻷمراض الفتاكة أجسادهم ، وخاصة مرض السرطان ، وذلك بسبب مفاعل ديمونا النووي المتهالك وقيام دولة الاحتلال بدفن النفايات النووية والكيماوية السامة بين المدن والبلدات الفلسطينية. 
على ماذا نختلف ؟! على عشرات الآلاف من الخريجين الجامعيين ، والذين يعانون البطالة !!
على ماذا نختلف ؟! على نسبة الفقر والتي تتجاوز 70% !!
أﻻ تدركون بأننا نشعر بالخجل الشديد وننتمي لو أن اﻷرض قد ابتلعتنا عندما نسأل من أصدقاء شعبنا عن سبب الانقسام واستمراره وﻻ نجد الإجابات لذلك  .
من أعطاكم الحق لتصادروا حق شعبنا في ممارسة حقه في الانتخابات ترشيحاً وانتخاباً ،  أم هل العودة مرة أخرى لإجراء انتخابات شاملة رئاسية وبرلمانية مشروطة بموافقتكم ، أم أن الجميع يخضع للقانون الأساسي ?
الحل هو في العودة مرة أخرى للشعب وإجراء انتخابات شاملة بدون قيد أو شرط  .
الحل هو في تعزيز صمود المواطن فوق أرضه المحتلة ، والدفاع عنه  .
الحل هو في التداول السلمي والدوري للسلطة وفقاً للقانون ، وليس بالإقصاء أو الاستعصاء والتخندق وراء المصالح الحزبية والشخصية  .
الحل هو في إعطاء اﻷمل للشباب  .
الحل هو في صون الحريات العامة والخاصة  .
الحل هو تغليب مصلحة الوطن فوق جميع المصالح  .
الحل هو أن نتحد جميعا لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي .