يديعوت : ثمّة عناصر أساسية ناقصة في الصفقة مع نتنياهو

ناحوم-برنياع.jpeg
حجم الخط

بقلم: ناحوم برنياع

 

 



الصفقات القضائية اضطرار قسري. فهي توفر المال على الدولة، وتخفف من العبء على المحاكم، وتقصر عذابات القضاء عن المتهمين. في حالة نتنياهو يوجد مبرر إضافي، ثقيل الوزن، في صالح الصفقة القضائية: ستؤدي الصفقة الى مهلة في الحملة العنيفة للبيبيين ضد سلطات القانون. أفيحاي مندلبليت يمكنه أن يسير بارتياح الى كنيسه، وليئات بن آري ستتمكن من أن تطلق سراح حراسها.
أقل مما ينبغي ومتأخر أكثر مما ينبغي: هاتان هما العلتان الأساسيتان في الصفقة المطروحة على الطاولة. ويوجد ضرر إضافي، عرضي، زائد تماماً: الضرر الذي يلحقه أهرون باراك، هذه الأيام، بتراث المحكمة العليا وبنفسه.
عميت حداد وبوعز بن تسور، محاميا نتنياهو، بدآ قبل بضعة أشهر فحص إمكانية الصفقة القضائية. لم يقولا لزبونهما إنه مذنب: هذا ليس ما يقوله المحامون. قالا له إن إيداع مصيره في أيدي القضاة سيكون نوعاً من الرهان. فلن يكون ممكناً أبداً معرفة كيف سينتهي هذا. ينبغي تقليص المخاطر.
عندما قال الراحل المحامي يعقوب فاينروت اقوالاً مشابهة لنتنياهو رفض السماع. في هذه الاثناء تغير الوضع. حاول أربع مرات إقامة ائتلاف ينقذه من المحاكمة وفشل. الاستطلاعات لا تعده بالخير. احتمال أن يقضي بضع سنوات أخرى في المعارضة، في دور النسغ الذي يبقي على قيد الحياة ائتلاف بينيت- لبيد لم يسحره. فأنصت. فكرة استخدام أهرون باراك رسولا لأمر الصفقة، كانت من بنات أفكار نتنياهو. فقد عرف باراك جيداً، قوته وضعفه. سافر إليه في بيته في تل أبيب، ذكره بتعاونهما في الماضي، وكيف منع مرتين تشريعاً عارضه باراك وتركه يشعر بأن كل شيء في يديه. هو يمكنه أن ينقذ جهاز القضاء من الخراب والدولة من المصيبة. "ينبغي إنقاذ الدولة" هذا ما قاله باراك لمندلبليت.
واصل الضغط على مندلبليت، هذا الاسبوع، أيضا، بعد ان انكشف تدخله. وبزعم مصدر عليم، منذ نشر بن كسبيت، الاربعاء الماضي، لم تجر مفاوضات. توجد لمندلبليت جبهة داخلية يحتاج ليعنى بها. الوحيد الذي توجه وحاول الإقناع كان باراك.
لماذا متأخر أكثر مما ينبغي؟ لأن الحملة التي أدارها نتنياهو ضد الشرطة والنيابة العامة خلقت واقعاً يحرم الطرفين من الاساس الاخلاقي للتوقيع على الصفقة. فالاسرائيليون منقسمون الى قسمين في هذه القضية. ومن الافضل مثلما قال في حينه الرئيس ريفلين أن تحسم المحكمة مثل هذا الخلاف، وليس صفقة تحاك في الخفاء.
لا توجد سابقة للحملة التي أدارها نتنياهو: لا في قراره جعل الساحة السياسية كلها رهينة، وأن تهتز بسبب محاكمته من انتخابات الى انتخابات، بلا ميزانية دولة، ولا توجد سابقة للاتهامات التي وجهها لجهاز إنفاذ القانون: ملاحقة سياسية، حياكة ملفات، انقلاب سلطوي. كان هناك متهمون، بمن فيهم شخصيات عامة، ممن هاجموا النيابة العامة في الماضي. كان هذا حقهم، لكن أحداً لم يتهم المؤسسة كلها بمؤامرة جنائية وبالتأكيد ليس من المنصة التي أُعطيت لرئيس وزراء، وبالتأكيد ليس من أروقة المحكمة، محوطاً بوزراء حكومته.
يدعي مندلبليت بأن الحدث في المركزية في القدس سيذكر الى الأبد. وهو لن يذكر الى الأبد إذا غلف بصفقة قضائية مراعية. لعل هذا معقول من ناحية قضائية، أما من ناحية جماهيرية وأخلاقية فان نتنياهو فقد حقه في المراعاة.
لماذا أقل مما ينبغي؟ هناك أناس يتمنون اللحظة التي يدخل فيها نتنياهو السجن. لستُ منهم. ولكن الأفعال التي يطالب هو بالاعتراف بها ينبغي أن تمنعه من أن يعود الى السياسة. توجد عدة أمور أساسية ناقصة في الصفقة المتشكلة، الآن. ينقصها مطلب إعادة المال والامتيازات التي تلقاها هو وزوجته في إطار ملف 1000. غرامة مئات آلاف الشواكل كانت ستبث رسالة صحيحةـ ينقصها تعهد قاطع من نتنياهو بالتغيب عن الساحة العامة في السنوات السبع التالية، سنوات العار، وينقصها النص الذي يتعهد فيه نتنياهو بأن يقوله في المحكمة. الموضوعان الأخيران حرجان: العار هو عملياً العقوبة الوحيدة التي ستفرض عليه. توجد لديه طرق للتملص منها. والاعتراف: نتنياهو سيفعل كل ما في وسعه كي لا يعترف بالمخالفات التي سيدان بها. سيبث لمؤيديه: أنا بريء. دفعت ضريبة كلامية للنخبة، من أجل الوطن. هذه الأسطورة ستواصل التحريض، التسميم، والتهديد.
لماذا ألحق باراك ضرراً؟ تدخله لم يغير شروط الصفقة. هذا ما كان على الطاولة كل الوقت. فقد جند لمهمتين: إحباط المعارضة داخل النيابة العامة، وأساساً لتلطيف رأي الجمهور في الخارج. الدولة لم ينقذها ولكن تسبب بضرر كبير لتراثه.
إذا وقعت الصفقة فستنتقل الكرة إلى ملعب رئيس الدولة. رئيسا وزراء سابقان، إيهود أولمرت وبنيامين نتنياهو، سيطلبان منه شطب سجلهما الجنائي، وهكذا يشطب العار. تحرر أولمرت قبل خمس سنوات. بقيت له سنتان. من المشكوك فيه أن تكون له في هذه اللحظة تطلعات سياسية. أما لنتنياهو بالذات فتوجد له. محامو نتنياهو سيقترحون صفقة رزمة: شطب العار للإثنين. فهل سيعرف هرتسوغ كيف يقول لا؟ لستُ واثقاً.

عن "يديعوت"