شعبية السلطة الوطنية الفلسطينية!!

سميح شبيب
حجم الخط

أجرى المركز الفلسطيني للبحوث الرسمية والمسحية، ما بين ١٠ - ١٥ من الشهر الجاري، في الضفة الغربية وقطاع غزة، استطلاعاً للرأي، وأشارت نتائجه الى انهيار شعبية السلطة الفلسطينية، حيث ان ٧٠٪ من المستطلعة آراؤهم يعتقدون أن السلطة فاسدة وأن القيادة غير جادة في التخلي عن أوسلو.

لا يمكن القفز عن تلك النتائج، او وصفها بغير الدقيقة، او انها مغرضة، تكمن وراءها نوايا شريرة وغير ذلك من تبريرات.

تراجع شعبية السلطة، هو أمر حقيقي، يقتضي الواجب الوطني، البحث فيه جدياً، ودون مواربة، ومحاولة تجاوز الأسباب التي أدت اليه، وما أكثرها!

من السهل واليسير، أغماض العينين، واتهام المراكز والبحوث التي تنجزها، بشتى الاتهامات، والنظر للذات، نظرة تقدير عالية.

من خلال الأرقام التي نشرها المركز الفلسطيني للبحوث المسحية، هنالك حقائق على الجميع التعاطي معها، والتدقيق فيها، بما يخدم المصلحة الوطنية الفلسطينية، الأرقام تعطي مؤشرات، لعل أبرزها، وأشدها وضوحاً، بأن ما بتنا نشاهده، من أحداث في القدس والضفة الغربية وغزة، يتجاوز مرحلة الهبة، ليرسم صورة لمقدمات انتفاضة حقيقية، اكبر من الفصائل والأحزاب القائمة، وبأن ما عايشناه من اتفاقات وتفاهمات سابقة مع الإسرائيليين، تجاوزه الزمن، وبات الزمن القادم، مفتوحاً على احتمالات شتى، قد تتمكن القوى والفصائل والأحزاب، المساهمة فيه، فيما اذا تمكنت من فهمه، دون ان تتمكن من الادعاء بأنها هي تقف وراءه!!

الوضع العام، جد خطير، ويحتاج الى جهود جبارة، لتأطيره، وتجاوز مرحلة الأزمة، خاصة وأننا نعيش وسط أمواج مضطربة تحيط بنا من كل جانب.

هنالك متغيرات عظمى، تحدث في المشرق العربي، خاصة، وهي منطقة شديدة التأثير على حياتنا الفلسطينية ومجرياتها منذ فجر التاريخ. هنالك مكتسبات فلسطينية تحققت وهي بحاجة للحفاظ عليها وصيانتها في ظل تعنت إسرائيلي شديد، تقوده حكومة من غلاة اليمين والمستوطنين.

المعادلة تحتاج الى المزيد من الدقة، والهدوء والاتزان السياسي، ومحاولة إعادة برمجة الأولويات، وفي مقدمتها وحدة الأداة الفلسطينية، قيادياً ومؤسساتياً.

لعله من نافلة القول، أن ذلك يستوجب حكماً رؤية الأمور، بشفافية وصراحة، ومكاشفة، بعيدا عن الضبابية، وتزييف الحقائق، والتقوقع في قواقع ضيقة، تحجب النور والشمس والرؤية الشفافة، دون تزوير او تزييف!!

علينا، كسلطة وطنية فلسطينية، لا مصلحة لأحد لا بحلها او تشويه صورتها، ان نقوم بالمزيد من استطلاعات الرأي، بشكل علمي ومهني ودقيق، وعلى نحو واسع، لنرى الحقيقة كما هي، ولنتمكن من قيادة الشعب قيادة حقيقية، دون القفز عن ارادته، ورؤيته ومصالحه.

ما يتم تداوله في غرف مغلقة، وعبر نخب ضيقة، لا يعني بلورة الحقيقة، بل على النقيض من ذلك .. هل سألنا أنفسنا ذات مرة، عما اذا كان لدينا مراكز استطلاع مهنية، يرأسها خبراء مشهود لهم في هذا المجال، وهل بالإمكان التفكير جدياً، بالتعاون في ذلك، مع لجنة الانتخابات المركزية في فلسطين، وهي تتمتع بكادر كبير وهام، ومختص في الانتخابات، ومن الممكن أن يجعل من بعض مهامه استطلاعات الرأي، بسهولة ويسر .. هل فكرنا بالاستفادة من ذلك. -