يرى اقتصاديون معنيون بالشأن الليبي أن ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمي، والتوقعات الإيجابية باستمرار هذه الطفرة، يُمثل فرصة حقيقية لتوفير تمويل "ضروري" يحتاجه الاقتصاد الوطني، من أجل إعادة العمل بمشروعات استثمارية وتنموية تعطلت لعقد من الزمان أو أكثر.
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة بنغازي عطية الفيتوري: "إن التوقعات تشير حاليًا إلى إمكانية تجاوز سعر برميل النفط حاجز الـ100 دولار هذا العام؛ ما يعني أن الفرصة سانحة لزيادة الإنفاق في مجال التنمية، مع تصويب السياسات الاقتصادية؛ حتى يمكن تنويع الاقتصاد الليبي والتخلص من وضعه الريعي".
وأضاف أن هذه الأموال الناتجة من ارتفاع أسعار النفط يجب أن تستخدم في دعم ومنح الإعفاءات اللازمة للقطاع الخاص في ليبيا، لتوجيهه للإنتاج بدلا من استيراد السلع والخدمات ومراقبته وحمايته، وكذلك إعادة تشغيل المصانع التي توقفت بسبب الصراعات والحروب منذ عام 2011، واستكمال المشروعات المتوقفة خاصة في قطاع الإسكان.
ومن بين المشروعات الصناعية المتوقفة منذ سنوات في ليبيا، المجمع الكيماوي في منطقة أبو كماش، الذي أصبح في "طي النسيان"، كما يقول إبراهيم فكرون، الموظف بالشركة العامة للصناعات الكيماوية، الذي أشار إلى أن "المجمع كان ينتج مادة عديد كلوريد الفيلين التي تصنع منها الأنابيب، وتدخل أيضًا في صناعة الكابلات الكهربائية بمختلف أنواعها.
وأضاف فكرون أن الدولة الليبية بإمكانها تأسيس وإنشاء مجمع جديد وبتقنيات حديثة في إحدى أسباخ المدن الليبية؛ لأن المادة الخام لهذا النوع من المجمعات هي المحلول الملحي، مضيفًا أن ليبيا تمتلك موارد طبيعية أخرى غير النفط، يمكن أن تقوم عليها صناعات استراتيجية تدعم الاقتصاد الوطني، حيث سيتكون جاذبة للاستثمارات الخارجية بشكل كبير.
ويرى الخبير بمصرف ليبيا المركزي يوسف الرباعي أنه من الضروري في ظل الوضع الحالي الحفاظ على متحصلات الدولة من النقد الأجنبي؛ لتجاوز المرحلة الصعبة الحالية، المليئة بالمشكلات والعراقيل.
وأكد الرباعي أن ليبيا تحتاج إلى برنامج تنموي متكامل لجميع قطاعات الدولة؛ لأن بناء اقتصاد حقيقي وقوي يحتاج إلى النهوض في البنية التحتية من الطرق والمواصلات والاتصالات، بالإضافة إلى تحسين التعليم والصحة، وتشريع قوانين تنظيمية للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقضائية.
وحققت صادرات ليبيا من النفط 21.5 مليار دولار خلال العام الماضي، وتخطط البلاد للحفاظ على إنتاجها من الخام عند مستوى 1.2 مليون برميل يوميًا في عام 2022، بعدما كانت تأمل في أن تصل إلى زيادة الإنتاج.
لكن الأمر مرهون بالميزانية المتاحة من أجل تطوير المنشآت والحقول النفطية، حيث تشير بيانات إلى إمكانية استخراج نحو 1.4 مليون برميل يوميًا، في حال توفرت استثمارات تقدر بنحو 31 مليار دينار ليبي.