أكثر انتشاراً في الضفة من غزّة

سماسرة التصاريح في غزّة.. تلاعب محدود وتوقعات بزيادة عددها لـ17 ألف خلال عام 2022

سماسرة التصاريح
حجم الخط

غزة - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

العمل داخل دولة الاحتلال "الإسرائيلي" حُلم يُراود عشرات الآلاف من الغزّيين؛ خاصةً فئة الشباب؛ بسبب ارتفاع معدلات البطالة التي وصلت إلى 48% في غزّة خلال العام 2021، وذلك بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض مُنذ العام 2006، وإيقاف السلطة توظيف أبناء القطاع، بعد الانقسام الفلسطيني الداخلي عام 2007.

في غزّة.. 10 آلاف تصريح منذ 15 عاماً

بحسب تقرير للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني للقوى العاملة خلال عام 2020، فلم يتمكن أيّ عامل من غزّة من العمل داخل "إسرائيل" منذ العام 2007 حتى نهاية العام 2019، في حين بلغت النسبة 0.1% في العام 2020، بينما كانت "إسرائيل" تسمح لـ120 ألف عامل من قطاع غزّة للعمل داخل "إسرائيل" قبل سيطرة حركة حماس على القطاع عام 2007.

لكّن إثر تفاهمات سياسية بين حركة حماس والاحتلال "الإسرائيلي" بوساطة مصرية وقطرية وأممية، زادت "إسرائيل" عدد العمال المسموح لهم بالعمل من 7 إلى 10 آلاف عامل، كما أعلنت صفحة المنسق العام لدولة الاحتلال في 19 سبتمبر، أنَّ استمرار زيادة عدد التصاريح مرهون بما أسماه التقييم الأمني والاستقرار في غزّة.

عشرة آلاف تصريح، لعدد سكان القطاع الذي يتجاوز 2 مليون ونص مواطن، بينهم مئات الآلاف من العاطلين عن العمل والفقراء، فتح الباب أمام ما يُسمى بـ"سماسرة التصاريح" وبعضهم موظفين في الشؤون المدنية، يُسهلون للمواطنين فرصة الحصول على التصريح مقابل مبالغ مالية تصل إلى 3 آلاف دولار على كل هوية فقط، وذلك حسب  حديث، أحد التجار الذي رفض الكشف عن هويته في حديثه لـ" وكالة خبر".

سماسرة التصاريح.. محدودة في غزّة ومنتشرة في الضفة

وكالة "خبر" تواصلت مع مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية في غزّة، ماهر الطباع، لسؤاله عن حقيقية وجود ما يُسمى "سماسرة التصاريح"، لكّنه رفض الإدلاء بأيّ حديث، مُؤكّداً على أنَّ الأمر مُتعلق بالشؤون المدنية، وأنَّ التواصل لابد أنّ يكون معهم؛ باعتبارهم الجهة المشرفة على الأمر.

رئيس نقابات عمال قطاع غزّة، سامي العمصي، قال: "إنَّ مسألة سماسرة التصاريح مُنتشرة بالضفة الغربية أكثر من قطاع غزّة"، مُضيفاً: "في غزّة الأمر واسطة أكثر منه سمسرة؛ لأنَّ فرصة الحصول على التصريح غير متاحة للجميع، لكن من لديه معرفة في الشؤون المدنية يحصل على التصريح بشكلٍ أكثر من غيره من التجار".

ولفت العمصي، في حديثه لوكالة "خبر"، إلى أنَّ الأمر به تهويل، وليس بهذه الجدية التي يتم  تداولها في صفوف الغزّيين، مُبيّناً أنَّ الحصول على التصريح في غزّة، يكون أسهل وأسرع لمن لديه "واسطة" أو معرفة.

وأوضح أنَّ معاملة إصدار التصاريح تتم عبر هيئة الشؤون المدنية، التي بدورها تُقدم هذا الطلب عن غيره، باعتبارها الجهة الفلسطينية الوحيدة التي تتواصل مع دولة الاحتلال.

وأشار إلى احتجاجات أصحاب التصاريح 2019، الذين قاموا بسلسلة تظاهرات لاستخراج تصاريح لهم، مُوضحاً أنَّ تكلفة التصريح كانت تبلغ 7000 آلاف شيكل وأصبحت 1500 شيكل، وذلك بسبب إعطاء الشؤون المدنية الأولوية لأصحاب تصاريح 2019، وبالتالي فإنَّ الشؤون المدنية هي الجهة المسؤولة والمخولة بهذه التسهيلات.

وأكّد على أنَّ الشؤون المدنية هي المخولة في تقديم صاحب هذا التصريح عن غيره، وذلك لكي لا يتم التجني عليهم، مُستدركاً: "لكّن السمسرة غير موجودة في غزّة".

وبالحديث عن سبب انتشار ظاهرة سماسرة التصاريح بالضفة أكثر من غزّة، قال العمصي: "في غزّة الظاهرة محدودة، لأنّه خلال سنوات المنع التي بلغت 15 عاماً، لم يصدر سوى 5 آلاف تصريح وكلها لفئة التجار، بينما في الضفة يذهب 120 ألف عامل للعمل داخل إسرائيل بتصريح عام".

واستدرك: "في غزّة زاد العدد ووصل إلى 10 آلاف عامل، وبالتالي فرصة التلاعب معدومة، باستثناء أنَّ الشؤون المدنية تقوم بتقديم عامل عن آخر".

وأكمل: "في الضفة يعمل نحو 70 ألف عامل بطرق رسمية التفافية، ناهيك عن نقاط مفتوحة للعامل للدخول دون تصاريح".

للاكتفاء الذاتي.. غزّة تحتاج 80 ألف تصريح لـ"إسرائيل"

من جهته، قال الخبير الاقتصادي، أسامة نوفل، إنَّ "مسألة سماسرة التصاريح في غزّة، ليست كما في الضفة الغربية، لأنَّ ما يحدث في الضفة عبارة عن شراء تصاريح وتقاضي السماسرة مبالغة مالية كبيرة لقاء ذلك"، لافتاً إلى وجود هذه الظاهرة في غزة قبل عام 2005.

وأوضح نوفل، في حديث لوكالة "خبر"، أنَّ آلية استخراج التصاريح في غزّة، تتم بعد استنفاذه لكافة الطرق الرسمية من خلال سجل تجاري كما هو متعارف عليه، يم ينتظر الحصول على التصريح وهي إجراءات غير سهلة، على حد وصفه.

وتابع: "بالتالي يلجأ للسماسرة التجار لشراء فواتير معينة تصل في بعض الأحيان لـ3 آلاف شيكل، من أجل الحصول على تصاريح؛ لكّن انتشارها محدود خاصةً بعد التسريع في الحصول على التصاريح بطريقة رسمية؛ خاصةً لمن قدموا الطلبات في الأعوام 2019، 2020، و2021".

وبشأن احتمالية ارتفاع كوتة غزة من تصاريح العمال والتجار من دولة الاحتلال خلال الفترة المقبلة، أوضح نوفل، أنّه "حتى نهاية العام 2021، تم إصدار عشرة آلاف تصريح لعمال تحت ما يسمى سجل تجاري"، مُردفاً: "الجانب الإسرائيلي وعّد بزيادة العدد إلى 17 آلاف تصريح في العام 2022، وفقًا لتطمينات مصرية - قطرية".

واستدرك: "الجانب الإسرائيلي، أعلن قبل أيام على لسان رئيس وزراء الاحتلال، أنّه جارِ العمل على استخراج تصاريح إضافية لسكان غزّة، أكثر مما هو متفق عليه".

أما عن المردود الاقتصادي، للعشرة آلاف تصريح التي صدرت خلال العام 2021 على نمو اقتصاد غزّة، قال نوفل: "إنَّ العدد قبل عام 2005، كان يُقدر بـ 70 آلف عامل من غزّة يعملون داخل دولة الاحتلال، وبالتالي المفروض أنَّ العدد أكبر من ذلك؛ ولكّن وجود الـ10 آلاف عامل يُخفف إلى حدٍ ما من الأزمة الاقتصادية، ويُنعش الاقتصاد بشكلٍ جزئي".

واستطرد: "زيادة أعداد التصاريح لـ17 ألف تصريح، له أثرين إيجابيين الأول على مستوى العامل بتحسين مستوى معيشة أسرته، والثاني يُقلل من ارتفاع نسب البطالة والفقر في غزّة، ويُخفف عن كاهل الحكومة البحث عن مصادر تمويل لفئة العاطلين والفقراء".

وختم نوفل حديثه، بالقول: "من أجل الوصول إلى الاكتفاء الذاتي للعمال، فإنَّ قطاع غزّة بحاجة إلى استخراج تصاريح لـ80 ألف عامل للعمل داخل دولة الاحتلال".