هآرتس – يجب القول بنزاهة في موضوع الغواصات بأن نتيناهو كان على حق

حجم الخط

هآرتس – يوسي ميلمان 

 

رئيس الحكومة السابق، بنيامين نتنياهو، كان على حق عندما دفع قبل ست سنوات نحو تبكير شراء الغواصات الثلاثة من المانيا. خطته لم تتحقق بسبب العاصفة العامة في اعقاب تحقيقات في وسائل الاعلام، تحقيق الشرطة ضده والجولات الانتخابية الثلاثة. هذا الاسبوع قررت الحكومة شراء الغواصات الثلاثة بثمن باهظ هو ثلاث مليارات يورو. احواض سفن تسنكروف استغلت التأخير في اتخاذ القرار من اجل رفع الثمن. وهذا الامر سيكلف دافع الضرائب حوالي مليار يورو اضافي. رفع الثمن تم بدون ابلاغ الكنيست أو الجمهور. 

على خلفية جميع تطورات السنة الاخيرة في قضية السفن (الغواصات وسفن الصواريخ)، ترسخت في الخطاب العام رواية مشوهة تقول إن نتنياهو عمل على زيادة الاسطول من ست الى تسع غواصات. هذا غير صحيح. منذ ذلك الحين باعت المانيا لاسرائيل قبل ثلاثين سنة تقريبا غواصتين بثمن منخفض. ومنذ ذلك الحين عمل سلاح البحرية بدون كلل من اجل زيادة عددها. عملية البيع كانت نتيجة الشعور بالذنب بشأن الكارثة وبسبب اطلاق صواريخ سكاد على اسرائيل في حرب الخليج في 1991 والمساعدة التي قدمتها شركات المانية لتطوير برامج السلاح الكيميائي والنووي لصدام حسين والالتزام العميق لالمانيا بأمن اسرائيل. بعد ذلك اشتريت الغواصة الثالثة. وفي العقد الاول من القرن الواحد والعشرين تقرر أن يكون سلاح البحرية مزود بخمس غواصات.

اسطول الغواصات تم اعداده لمهمات الامن الجاري، الدفاع عن شواطيء اسرائيل. ومهمات جمع المعلومات وعمليات خاصة لمسافات بعيدة في المحيط الهندي ومرورا بالخليج الفارسي. وحسب منشورات اجنبية ايضا لاستخدامها كذراع استراتيجية طويلة لايقاع ضربة نووية ثانية. منذ العام 2005 جميع رؤساء الاركان، دان حلوتس وغابي اشكنازي وبني غانتس وغادي آيزنكوت، وافقوا على هذا القرار، واعتقدوا أن خمس غواصات تكفي لكل ذلك. في شباط 2016، رغم موقف آيزنكوت ووزير الدفاع في حينه موشيه يعلون، اتفق نتنياهو على أن يتم شراء غواصة سادسة. النقاش حول ذلك في هيئة الامن القومي ومع قيادة الجيش استغرق يوم ونصف فقط. جهاز الامن احترم قرار نتنياهو، حتى لو أنه صك اسنانه غضبا.

بسبب ايمانه العميق بأن ايران هي المانيا النازية التي تسعى الى تدمير اسرائيل، فان نتنياهو كان من مؤيدي وجود اسطول غواصات كبير. ربما أنه تخيل وجود تسع غواصات، وربما أنه ايضا عبر عن موقفه هذا في محادثات مع يعلون، لكنه سلم بقرار الكابنت بشأن الست غواصات. في نفس الوقت اراد، كما قلنا، التبكير في شراء ثلاث غواصات، التي استهدفت استبدال الغواصات الثلاثة الاولى. منذ صدمة كارثة الغواصة “دكار” التي غرقت في 1968 اخرجت البحرية الغواصات من الخدمة في نهاية 25 – 27 سنة. دون أن تطلب تمديد حياتها كما تفعل اساطيل اخرى.

توجد لنتنياهو ايديولوجيا واضحة ورؤية. هو سياسي له حلم ورؤيا تاريخية. وهو معجب بونستون تشرتشل. ولكن باستثناء شهوتهما المشتركة للسيجار ليس هناك أي شيء آخر مشترك بين نتنياهو والزعيم البريطاني الذي انقذ الحضارة الانسانية من النازيين. نتنياهو قسم وحرض المجتمع وهو يواصل فعل ذلك حتى الآن. وقد ساهم في تدهور الديمقراطية الهشة في اسرائيل، وأدخل بشكل فظ ابناء عائلته الى قدس اقداس اتخاذ القرارات. هذا اضافة الى اكاذيبه وفساد معاييره وسلوكه. 

كل هذه الصفات الاساسية طفت وبرزت في سلوكه في قضية السفن. بشكه الكبير اخفى عن وزير الدفاع ورئيس الاركان ولم يشركهما في قراراته. وقد سمح لمقربيه الغوص في هذه القضية ولم يحرك أي ساكن لوقفهم. ولكن ايضا يجب أن نذكر بأنه رغم جهود الشرطة والنيابة العامة لتجريم الشخصيات الرئيسية، إلا أن المستشار القانوني للحكومة قال إن نتنياهو حتى شخص غير مشبوه. والنيابة العامة اغلقت الملفات الجنائية ضد غادي شومرون محامي نتنياهو، وضد قائد سلاح البحرية ايلي مروم، وطهرتهما من كل شبهة. الوحيدون المقدمون للمحاكمة بتهمة الرشوة وجرائم اخرى هم لاعبون ثانويون، دافيد شيرن رئيس مكتب نتنياهو وعضو الكنيست السابق نودي زندبرغ ومستشار الاعلام رامي طيب والمستشار اسحق ليبر وعميدان في سلاح البحرية هما شاي بروش وابرئيل بار يوسيف (حول صفقة لاسالة الغاز التي هي غير مرتبطة بالغواصات والسفن). وبالطبع فوقهم جميعا ميكي غانور، الفاسد والمفسد الكبير.

سلوك نتنياهو في القضية ساهم في اشمئزاز الجمهور منه. ولكن يجب القول بنزاهة بأن قراره شراء غواصة سادسة والمصادقة لالمانيا على بيع غواصات لمصر كان معقول ولم يمس بالامن القومي. قرار تشكيل لجنة تحقيق رسمية في قضية السفن هو قرار مهم، لكن يسمع ايضا عدد غير قليل من اقوال النفاق والسذاجة لشخصيات رفيعة في جهاز الامن دفعت لتشكيلها. يعلون ومدير مكتبه دان ارئيل ومدير عام لجنة الطاقة النووية شاؤول حوريف وغيرهم كانوا شركاء سر في النقاشات حول شراء الغواصات والسفن، قالوا إنهم لم يعرفوا أي شيء عن السلوك الخاطيء. لو أنهم كانوا دمى في مسرح العرائس لنتنياهو لما كانوا يستحقون مناصبهم. يجب تنظيف الاسطبلات، بالاساس من تدخل وكلاء. ولكن هذا سيحدث فقط اذا كان كتاب التعيين للجنة واسع ومكن من فحص سلوك كل من لهم علاقة، السياسي والتنفيذي، في الشراء البحري بعشرات المليارات في الـ 15 سنة الاخيرة.