حاولت الكاتبة الإسرائيلية يفعات ايرليخ في مقالة لها بصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أمس، بكل السبل أن تخلص إلى نتيجة مفادها أن الإعلام الفلسطيني محرّض، وأن الفلسطينيين يعلمون أبناءهم الكراهية (طبعاً كراهية اليهود)، وسعت إلى تصوير الديمقراطية الإسرائيلية وكأنها جنة على الأرض، في حين أن ما يدور على هذه الأرض مجرد فيلم تجري أحداثه في كوكب المريخ.
ربما لم تقرأ ايرليخ أمثالاً إسرائيلية كنا وما زلنا نسمع مجتمعها العنصري يرددها ومن بينها "العربي الجيد هو العربي الميت"، "لا تأمن للعربي إلاّ بعد أربعين سنة من موته"... ويبدو أنها لا تتابع ما ينشر في الصحافة الإسرائيلية من مقالات تنضح بالعنصرية وتدعو علناً إلى القتل وتصفية "الغويم".
نريد أن نذكّر الكاتبة بأقوال الحاخام الراحل عوفاديا يوسف الذي وصف العرب والفلسطينيين بـ"الصراصير والنمل والأشرار والملعونين" ودعوته إلى إبادتهم، وتمنيه في أحد خطبه الدينية "موت الشعب الفلسطيني لأنهم أشرار"... أما إذا استغربت الكاتبة ما ورد على لسان طفلة في مقابلة تلفزيونية من تحريض على اليهود والصهاينة فإننا ندعوها إلى أن تزور إحدى المستوطنات الجاثمة على الأراضي الفلسطينية، وتعيش ساعات في مخيم صيفي لأطفال المستوطنين الذين يتعلمون أن الفلسطينيين وحوش مجرمون ومجموعات متخلفة اغتصبت أرض إسرائيل ويجب ترحيلهم.
ولا بد للكاتبة، أيضاً، خلال زيارتها إحدى المستوطنات من أن تمرّ بحقول الزيتون الفلسطينية التي قطعت أشجارها بمناشير المستوطنين الذين يعتبرون نخبة الشعب اليهودي عند نسبة عالية من الإسرائيليين... وفي طريقها يجب أن تلاحظ الفصل العنصري على الطرقات والشوارع التي أقيمت على أرض فلسطينية... لا يسمح إلاّ لليهود بالمرور عليها... ولا بد لنا من أن ندعو الكاتبة الإسرائيلية إلى العودة إلى مجموعة من القوانين الإسرائيلية وقراءاتها بإمعان ومنها "قانون العودة الإسرائيلي" الذي سمح للمصرية مئير عوفاديا بالهجرة إلى إسرائيل في غضون أيام بينما منع ملايين الفلسطينيين الذين هجروا من أراضيهم ومدنهم وقراهم التي دمرت من زيارتها حتى.. أما لم شمل الأزواج والعائلات فلا يسمح به له للفلسطينيين، نريد أن تبحث في قانون الجنسية الإسرائيلي وقوانين الأراضي وأملاك الغائبين.
وإذا لم تعرف عن قانون الغائبين فلتذهب إلى الأحياء الأكثر رقياً في القدس الغربية ومنها حي الطالبية والقطمون لترى بيوت الفلسطينيين المغتصبة من المستوطنين... والتي لا يحق للفلسطيني أن يقف أمامها أو حتى أن يتحدث عنها... في الوقت الذي تعبث فيه جمعيات الاستيطان فساداً في القدس العربية.. وتستولي على الأملاك بحجة أنها مباعة ليهود قبل 200 عام. أي تحريض أكثر من أن يعتبر الفلسطينيون في القدس مقيمين وليسوا مواطنين، حقوقهم والخدمات التي تقدم لهم من الدرجة العاشرة، بإمكان الكاتبة الإسرائيلية وصحيفة "يديعوت" أن تكتب عنها.. وإذا ما أرادت أكثر من ذلك فلدينا كصحافيين فلسطينيين عشرات الفيديوهات والأشرطة المصورة التي تظهر كيف يعدم الفلسطيني، لمجرد الاشتباه... نحن نتحدث عن وثائق... نريد من الكاتبة الإسرائيلية وصحيفة (يديعوت) أن تتأمل جيداً في صور الجرحى الفلسطينيين الذين يتركون لينزفوا حتى الموت... ولا يسمح لطواقم الإسعاف بالاقتراب منهم، هل تريد الكاتبة شهادات مشفوعة بالقسم؟.
أما المناهج الإسرائيلية فقصة أخرى، فتاريخ هذه البلاد هو تاريخ اليهود وليس هناك أي أثر أو وجود لملايين الفلسطينيين الذين عاشوا عليها منذ آلاف السنين. وإذا لم تصدق الكاتبة فلتحاول أن تعيش ليلة واحدة في ظل اقتحام جنود الاحتلال لقرية أو مخيم فلسطيني... وعندها ربما ستقتنع بأن دماغها المغسول بحاجة إلى إعادة برمجة ديمقراطية.
abnajjarquds@gmail.com