ذكر مدير شؤون وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بغزة توماس وايت، أن الوكالة تتبع سياسة "التقشف"، والتي تؤثر على تقديم بعض الخدمات للاجئين، وذلك بسبب الأزمة المالية الكبيرة التي تمر بها.
جاء ذلك خلال حوار صحفي مع وكالة (الأناضول) التركية، مساء أمس الأربعاء، محذرًا من تأثر المزيد من الخدمات المقدمة للاجئين في حال استمر العجز المالي في الموازنة العامة لـ"أونروا".
وأشار إلى أن "أونروا" تناضل للحصول على 800 مليون دولار فقط، كموازنة للبرامج الأساسية، كي تتمكن من تقديم خدماتها للاجئين، في مناطق عملياتها الخمس، مضيفًا: "تقديم الخدمات في الوضع الطبيعي يحتاج إلى 800 مليون دولار، للتمكّن من تقديم الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والغذاء".
وأكد على أن عدم حصول "أونروا" على هذا المبلغ، سيهدد عمل الوكالة والخدمات التي تقدّمها، منوهًا إلى أن الوكالة تتواصل بشكل مستمر مع "المجتمع المحلي، والدول المانحة"، لاطلاعهم على آخر المستجدات.
وبيّن وايت أن "المبلغ يتضمن تمويلا طارئا إضافيا للأونروا لتلبية الاحتياجات الإنسانية الناشئة عن الأزمات في غزة والضفة الغربية (والقدس الشرقية) وسوريا ولبنان".
وفيما يتعلق بالأزمة المالية التي تمر بها (أونروا)، قال وايت إن الأزمة المالية التي تمرّ بها وكالة "أونروا" كبيرة ومُمتدة، وتشكّلت خلال السنوات الماضية، موضحًا أن هناك التزاما سياسيا من الدول المانحة تجاه "أونروا"، خاصة أن الوكالة تعمل بتفويض من الجمعية العمومية للأمم المتحدة، لكن "للأسف فإن هذا الالتزام الدولي لا يتماشى مع الالتزام المالي المطلوب"، وفق قوله.
وولفت إلى أن احتياجات اللاجئين الفلسطينيين في ازدياد مضطرد، في ظل زيادة أعدادهم، لكن "مدخولات الوكالة الأممية ثابتة"، متابعًا: "عدد الأطفال في الصفوف المدرسية يزداد، وعدد الزائرين للعيادات الطبية أيضا في حالة تزايد، وحالات الضغط النفسي التي يعاني منها اللاجئون ترتفع".
وأردف: "أونروا لا تستطيع تقديم خدماتها على النحو الذي ترغب به جرّاء هذه الأزمة"، مشيرًا إلى أن آلية التقشّف التي تتبعها "أونروا" قائمة على "وضع سياسة النجاعة في تقديم الخدمات، في ظل الأموال المحدود الواصلة إليها".
وأفاد وايت، بأن الوكالة الأممية أطلقت، مؤخرا، نداءً لدعم برنامج الطوارئ في القطاع، بقيمة 376 مليون دولار، قائلًا: "كل سنة نُطلق برنامج الطوارئ لدعم غزة، بموازنة إضافية إلى جانب موازنة البرامج الاعتيادية".
وذكر أن الواقع في قطاع غزة، "تأثر بشكل كبير خاصة بعد الصراع الأخير في مايو/ أيار الماضي، وفي ظل جائحة كورونا"، متابعًا: "الموازنة الأساسية لا يمكن أن تغطي احتياجات القطاع الجديدة والإضافية خاصة في ظل ارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب، وزيادة نسبة الفقر".
وبيّن أن مليونا و400 ألف شخص من لاجئي قطاع غزة يستفيدون من خدمات وكالة "أونروا" الأساسية، موضحًا أن جائحة كورونا تعدّ عاملا إضافيا زاد من العبء على البرامج الاعتيادية لـ"أونروا".
ولفت إلى أن تغطية جزء من هذا العبء سيتم عبر برنامج الطوارئ، موضحًا أن ملف إعادة إعمار ما تم تدميره خلال حرب مايو الماضي، يندرج ضمن هذا البرنامج.
وبيّن أن برنامج الطوارئ يدعم أيضا خدمات الدعم النفسي والنشاطات التي يتم تنظيمها في هذا الإطار، للأطفال والمرشدين النفسيين بغزة، مضيفًا: "لوحظ ازدياد في مستوى الحاجة للدعم النفسي بين صفوف الأطفال والشباب، حيث نقدّر أن 50 بالمئة منهم باتوا بحاجة لدعم نفسي".
*ملف الإعمار*
كما تطرق وايت إلى "ملف الإعمار"، مشيرًا إلى أن (أونروا) قريبة جدا من الحصول على "كافة الأموال اللازمة لإعادة بناء وإصلاح المنازل المتضررة بشكل بليغ، أو المدمّرة كليا خلال حرب مايو الماضي".
وتابع أن "عدد تلك المنازل بلغ 1300، تعود لعائلات فلسطينية لاجئة، فيما تدفع أونروا الأموال كبدل إيجار لتمكينهم من البقاء في المنازل المُستأجرة (المؤقتة)"، موضحًا أن آلية الإعمار تعتمد على "صرف دفعات مالية للعائلات المدمّرة منازلها كليا، على مراحل، مع متابعة طاقم المهندسين التابع للوكالة، لكيفية سير هذه المراحل".
وأردف: "طاقم المهندسين سيتابع مع العائلات، وحينما يتم التأكد من إتمام المرحلة الأولى، يكون هناك دفعة ثانية وثالثة"، مبينًا أن عملية الإعمار مُمنهجة، وقال إن "اللاجئ هو من يقوم بهذه العملية مع تأكيد شراكتهم مع أونروا، كي يكون هناك مصداقية في صرف أموال المانحين".
وفيما يتعلق بتعويض الأضرار الجزئية، قال المسؤول الأُممي إن نحو 7 آلاف عائلة فلسطينية لاجئة تلقّت أموالا لإصلاح وإعادة تأهيل ما تضرر من منازلها، مشيرًا إلى أن الأموال التي استلمتها أونروا، منفصلة عن موازنة البرامج الأساسية، ولن تشهد أيّ حالة تقشّف.
ومن جانب آخر، تطرّق وايت إلى أوضاع منازل اللاجئين المُتهالكة داخل المخيمات في قطاع غزة، والتي وصفها بـ"البائسة"، قائلًا: "هناك عشرات الآلاف من المنازل داخل المخيمات، تم بناء بعضها منذ خمسينيات القرن الماضي، ووضعها صعب جدا".
وبيّن أن "أونروا" ناشدت المجتمع الدولي لإعادة بناء هذه المنازل أيضا وإصلاحها، لافتا إلى وجود حالة من التجاوب لبعض المناشدات.
وقال إن أكثر من مليوني شخص في قطاع غزة بحاجة إلى "دعم الحياة العامة، حيث يتم محاصرة وإيقاف التطور الطبيعي للحياة"، موضحًا أن غزة غنيّة برأس المال "البشري، من الأشخاص ذوي الطموحات والقدرات العالية جدا، وأصحاب الجهوزية للعمل"، وقال إن مستقبلهم سيكون جيدا في حال تم "استثمار قدراتهم".
وبيّن أن سكان غزة غير قادرين على تحقيق آمالهم بسبب "المعوقات الكثيرة التي توضع أمامهم ومنها الحصار (الإسرائيلي المستمر للعام الـ16 على التوالي)، والصراعات"، مبينًا أن تحسين الحياة العامة بغزة يتطلب وجود عاملين مهمين وهما "الاقتصاد، والأفق السياسي الجيد".
وقال إن الاقتصاد في غزة يجب "ألا يتم إعاقته وتقديم الدعم له، إلى جانب إتاحة حرية الاستيراد والتصدير، فضلا عن رفع الحصار (الإسرائيلي) على اقتصاد القطاع، ودعم البنية التحتية".
وختم بالقول: "البعض يكون قد خطط لمستقبله بغزة، وفجأة يحدث صراع أو حرب أو انفجار، ويتدمّر كل شيء".