تغيير السلوك السياسى

3_1458974119_6422.jpg
حجم الخط

بقلم د ناجى صادق شراب

 بعيدا عن التعريف التقليدي للدولة وعناصرها الثلاث الإقليم والشعب والسلطه، فالدولة ككيان قومى يحكمها مصالح وأهداف عليا تتلخص كلها في الأمن والبقاء والنفوذ والهيمنة والسيطرة. لذلك كل الدول تسعى لإمتلاك القوة الشامله وخصوصا القوة الصلبة المتمثلة في القوة العسكرية والإقتصاد وهذا ما يفسر لنا ميزانيات التسلح العاليه حتى في الدول الفقيرة، واليوم يضاف للقوة الصلبة او الخشنه القوة الناعمه والتى لا تقتصر على الدول الغنيه او الكبيره بل حتى الدول الصغرى يمكن أن تمتلك القوة الناعمه أكثر من غيرها مما يمنحها قوة ونفوذا وتأثيرا أكبر. وحيث ان الدول تتعامل مع السياسة، فالسياسه هي الوجه الأخر للقوة التي تعنى القدرة في التاثير على السلوك السياسى للفاعلين الآخرين بما يتفق ومصالح وأهداف الدولة التي تمارس القوة ، وهكذا تبدو الخارطه السياسيه للعالم من منظور السلوك السيايى والتغيير والتبدل الذى يلحق بسلوك الدول.وكما جاء في كتب الكاتبان جلين بالم وكليفتون نظرية السياسة الخارجية أن الدول في سياستها الخارجيه تسعى لتحقيق سلعتين أو أمرين ،الحفاظ على الوضع القائم، او السعي لتغيير الوضع القائم.وهذا يعتمد على القوة التي تمتلكها الدولة وعلى سلوك الدول الأخرى ، فالدول ليست حره فيما تريد وتفرضه على الدول الأخرى ،فالسلوك ليس ثابتا بل متغيرا بتغير موازين القوى وبتغير الفاعلين الدوليين وبتغير التهديدات والمخاطر التى تواجه الدول، فالأعداء يتغيرون والأصدقاء متغيرون وشبكة التحالفات متغيره، بل الدول ذاتها قد تختفى وتتفكك إلى دويلات. .واليوم لدينا نماذج كثيره لهذا السلوك والتغيير الذى لحق بدول المنطقة .فالتغير في السلوك السياسى يواكب دور ومكانة الدولة وحفاظها على أمنها ومصالحها الحيويه وإلى جانب ذلك هناك محددات وعوامل أخرى تحكم التغير في السلوك السياسي للدول أهمها رؤية النخبة الحاكمه وكيف ترى التحولات السياسيه للآخرين وكيف ترى التهديدات ، فالحكم من يقرر في النهاية المصلحة العليا، ولذلك وخصوصا في دولنا لا يمكنةن ان يكون الحاكم صورة لمن قبله ، ففي هذه النماذج والتى تلعب فيها القياده الفردانيه الدور الحاسم فالسلوك يعتمد على من يحكم، ولا يمكن تجاهل دور المحددات الجغرافيه والجيوسياسيه للدولة والمنطقة التي تنتمى لها، وهناك عامل الطابع القومى اودور القومية ، فالدول تحتلف من دولة لأخرى دولة قوة ودولة إمبراطوريه ودولة عدوان وحرب ودولة سلام وتسامح، وهنا تلعب منظومة القيم والتقاليد السياسيه الراسخه والدين والعقيده ألأيدولوجيه كلها عوامل تقف وراء درجة التغيير السياسي وتوجهات وصور هذا التغيير.ولعل درجة التغيير السياسي يحكمها طبيعة النظام السياسى و درجة التغيير متقلبه ومتسارعه من مرحله إلى أخرى، وهذا قد يفسر لنا حالة التخبط والفشل والتراجع أحيانا في تحقيق أهداف ومصالح الدولة ، وأيضا في النظم ذات المرجعية الدينية كالنظام الإيراني من يحدد درجة التغيير السياسي الحاكم وهنا تلعب التبريرات الدينيه دورا كبيرا في تبرير لماذا الحاكم أتخذ او تبنى هذا السلوك السياسى ، وهنا سمات التطرف والتشدد والتعصب والجمود في التغيير السياسى حتى لو أدى ذلك إلى الحروب والصراعات الدوليه مع ألآخرين. أما في النظم الديموقراطيه فالتغير السياسى يكن محكوما بعوامل كثيره ، فالحاكم ليس حرا في أن يقوم بتغيير السلوك السياسى للدولة من الإنتقال من حاكم إلى آخر. ويبقى ان التغيير السياسى محكوما بماهية المصالح العليا العليا للدولة وكيف يرى الحاكم تحقيقها ، وهذا منا يفسر لنا أيضا لماذا تقيم هذه الدولة علاقات وتحالفات مع دولة أخرى ،فالتغير السياسىلا سمه من سمات السلوك السياسى للدولة ولكل الفواعل الدوليه ويقف ورائها حالة الصراع الحروب والعنف واالسلام والتحالف والتعاون وغيرها من أشكال العلاقات الدوليه.وتبرز في هذا السياق ما يمكن تسميته بنموذج الكوابح والجوامح التي تحد من سلوك الدول الخرى . فالقوة تحد من القوة ، ودول القوة ووكلائها يلجأون للقوة لفرض التغيير السياسى على الدول الأخرى ، وهذا ما نراه بما يقوم مثلا حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن ولجوئهم للقوة . وبقدر رشادة الحكم ورشادة القرار السياسى بقدر الحفظ على التوازن والعقلانيه في درجة التغيير السياسى . وبقدر تفهم المصالح العليا للدولة ولعبة القوة بقدر عدم الإنجرار في لعبة القوة التي تمارسها دول القوة وجماعاتها.