بقلم: رامي مهداوي
أصبحت أفعالنا وقراراتنا غير المدروسة والعشوائية الارتجالية هي مقتل ذاتنا بذاتنا، هل أصبحنا نتخذ القرارات فقط من أجل معاقبة وذبح ذاتنا؟ هل نعلم معنى التوقيت الملائم لأي قرار حتى ولو كان هذا القرار على صواب؟! تعلمت في مبادئ العلوم السياسية بأنه من المهم الحفاظ على استقرار النظام الداخلي وخصوصاً اذا ما كنت في مواجهة مع كيان آخر. لكن القرارات الأخيرة المتمثلة في قرار الحكومة الفلسطينية بتجميد اموال جامعة خضوري، والمرسوم الرئاسي بإقالة 25 عضواً من مجلس أمناء مؤسسة الشاعر الراحل محمود درويش، هي عكس ما تعلمته على الصعيد النظري في الجامعة أو الحياة العملية منذ أن بدأت العمل العام وأنا في الصف العاشر.
هناك العديد من الأولويات/الظروف/المتطلبات/ التي قد تؤجل اتخاذ القرارات حتى لو كانت صائبة، كيف نطالب بتعزيز صمود جامعة الخضوري وهي في مواجهة يومية مع الاحتلال بكافة أشكاله على الصعيد الاستيطاني التوسعي أو في المواجهات والاقتحامات؛ وإذا ما كنت هناك أولوية الحفاظ على المال العام لماذا اخترنا هذا التوقيت بالذات في ظل ما تعانيه الجامعة من سلسلة ضربات من الاحتلال؟! يوجد هناك عدد من الإجراءات التي اذا ما قامت به وزارة المالية سيعزز قوتها في الحفاظ على المال العام مثل توحيد الصناديق والمشاريع المشتته لأصحاب النفوذ!! وسنقف بجانبكم ونهتف مشيدين بقراراتكم الحكيمة التي تحارب المزارع الخاصة وتجعلها في مصلحة الوطن، ثم في الوقت المناسب نحاسب مسائلين كافة المؤسسات الوطنية ضمن تسلسل زمني وفي وقت ملائم بحيث لا نكون العصى الثانية التي تسلط بعد الاحتلال في وجه مؤسساتنا المختلفة.
لماذا أصدر قرار قد يفتح لي معركة مفتوحة أنا لست مضطر لها وخصوصاً بأني في وضع داخلي لا أحسد عليه؟! لماذا يتم معاقبة الجميع إذا كانت المعركة مع شخص واحد؟! وفي هذا العقاب يتم تحويل من كانوا معك بالأساس الى أعداء ضدك؟! لماذا نقوم بتأسيس قرارات ستستخدم ضدنا نحن كمجتمع علماني، ليبرالي، تقدمي، ديمقراطي لنعطي الحق لمن هو عكس أفكارنا بأن يستخدم السيف الذي قمنا بتسليطه على رقابنا ضمن شعار هذا ما قمتم أنتم به على ذاتكم، بمعنى أن هذه القرارات ستشرعن قرارات أخرى مستقبلية بالتأكيد أنا والمجتمع سنكون ضدها بصمت لأنكم أنتم من قمت بالتأسيس لهذه المرحلة بمثل هذه الأفكار.
أخطر ما في هذه القرارات وقرارات سابقة أخرى، هو أنه أصبح كل شيء مباح لدرجة بأنه قد يتم وضع اليد على ما كنّا نعتبره من المحرمات، ما يحدث هو توتير للشارع الفلسطيني الذي تزداد درجة غليانه على ما يحدث من عدم رؤية الواقع والمجتمع الفلسطيني بعين المواطن الصامد بقدر ما هو بعين القائد الغائب عن ملامسة هموم المواطن بتعزيز صموده، بعين تصفية الحسابات في حرب لا تعني المواطن، بل هذه الحرب تحرق وتدمر مواطنتنا وانتماؤنا الذي بدأنا نكفر به بسبب سلوكيات وقرارات غير مدركة الحالة الفلسطينية الراهنة.
هناك حالة غليان في المجتمع تزداد بشكل متسارع، ومن يزيد نار هذا الغليان هو من يتوقع منهم بالأساس أن يقوموا بمعالجة وإخماد النار!! المساس بالجامعة والمتحف هو بمثابة رفع العصى في وجه كل المؤسسات الفلسطينية بمختلف أشكالها الحكومية، شبه الحكومية، وغير الحكومية، أصبحت أخشى أن يتم رفع العصى مستقبلاً في مساحات خاصة مثل: العائلة، شركات خاصة، حرية الرأي والتعبير في الأماكن العامة، وربما في حيز هذا المقال الأسبوعي. أخشى مستقبلاً أن يتم المساس في متحف ومؤسسة الشهيد ياسر عرفات بدواعي مختلفة لا أعرف ما هو السيناريو المتوقع وخصوصاً بأنه لا يوجد تبريرات لما يحدث من أفعال وقرارات، صدقاً بعد سماعي ما حدث لمتحف محمود درويش قلت لذاتي غداً متحف ياسر عرفات!!
ما أتمناه في هذا الوقت الحرج_وما أكثر أوقاتنا الحرجة_ بأن لا نكون انفعاليين، وأن لا نكون من أصحاب ردود الأفعال، الكبير هو من يتحمل المسؤولية ويأخذ القرار في الوقت المناسب بما يتلاءم مع الظروف الراهنة، وأنا مع المحاسبة والمساءلة للجميع ولا أحد فوق المساءلة سواء كان فرد أو مؤسسة، ولنحاسب بشفافية دون أي تصفية حسابات شخصية كانت، وإذا ما كان هناك فساد أو شبهات فساد ما لنحاكم الجميع في المؤسسات الخاصة لذلك وضمن القانون الذي يجب أن يقف الجميع في ذات المسافة أمامه.